ثُمَّ شرح «الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ»(لوقا ١٦:٤-٢١). نَتوقَّفُ هنا عِندَ نُقطَتَين: النُّقطةُ الأُولى، سنةُ الرَّبِّ المَقبُولة. نَصُّ إشعياءَ مأخوذٌ مِنَ العَهدِ القَديم. والعَهدُ القَديمُ يُحضِّرُ لِمَجيءِ المُخلِّصِ، وهو مَليءٌ بالإشارَاتِ المَسيانِيّة. وفي هذا الاتِّجاهِ، يَذكُرُ سِفرَ اللاويين، سنةَ الرَّبِّ المَقبولَةَ الّتي هي اليُوبيلُ الخَمسون المُقدَّس، إذ يَقولُ اللهُ: "تُقَدِّسُونَ السَّنَةَ الْخَمْسِينَ، وَتُنَادُونَ بِالْعِتْقِ فِي الأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا. تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلًا". العِتقُ هو التَّحرُّرُ، والتَّحرُّرُ الحَقيقيُّ هُوَ القِيامَةُ لِحياةٍ أبَديَّة، وهذا ما حَقَّقهُ الرَّبُّ المَسيحُ بِتَجَسُّدِهِ وصَلبِهِ وقِيامَتِه. هل يشعر الإنسان بدنوّ أجله قبل موته ؟ - الإسلام سؤال وجواب. الفَرّيسِيُّونَ لم يُدرِكُوا أنَّ الّذي يُكَلِّمُهم هُوَ المُحرِّرُ والمُخَلِّصُ والمَسيحُ المُنتَظَر، فقد عَمَتْهُم كِبرياؤهُم، وأَغلَظَتْ سُلطتُهُم أذهانَهم، وأظلَمَت أنانِيَّتُهم قُلوبَهم. ولكن أينَ نَحنُ مِن كُلِّ ذَلك؟ فلنسألْ بِصِدق: هل حَقًّا نَعتَرِفُ بِمُخَلِّصِنا؟ هل فِعلًا لا سُلطَةَ على فكرِنا، ولا سِيادَةَ على ذِهنِنا إلّا للمَسيح؟ وهَل نَعيشُ بِحَسبِ وَصاياهُ وإنجيلِه؟.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 24155 ، 14623 ، 65944.. والله أعلم.
وَقدِيمًا كانَ الأباطِرَةُ الرُّومانُ يُعلِنُونَ عنِ الجِزيَةِ السَّنَويَّةِ على الشَّعبِ لِتَغطِيةِ نَفقاتِ الجَيشِ، وكانَتِ الأموالُ تُجمَعُ قبلَ الشِّتاءِ، في شَهرِ أيلُولَ اليَوم. ويُقالُ إنَّ يُوليوسَ قَيصرَ في عام ٤٩ قبلَ المِيلادِ، أَسَّسَ دَورَةً مَاليَّةً Indiction، كُلَّ ١٥ سنةً، مِن أَجلِ إعادَةِ تَخمينِ الضَّرائِبِ على الأَملاك. كمَا تُذكَرُ بِشكلٍ رَسميّ مَعَ قِسطنطينَ المَلِكِ في العَامِ ٣١٢م. كما يبدو أنَّ أوّلَ أيلولَ كَبِدايَةِ العَامِ الجَديدِ ثُبِّتَ في القِسطَنطِينيَّةِ أيَّامَ يوستيونس الإمبَراطور، في العام ٥٣٧م. هل يموت الانسان قبل يومه العالمي. ولا نَنسى أنَّ الإنسانَ، في الأساسِ، زِراعِيًّا، وشهرَ أيلولَ هُوَ مَوسِمُ الحَصادِ والتَّخزين، وكانت تَتِمُّ فيهِ الجَردَةُ للبَدءِ لاحِقًا بِمَوسِمٍ زِراعيٍّ جَديد. هَذا فيما يَتعلَّقُ بِالبُعدِ التَّاريخِيّ، أمَّا البُعدُ الإيمانيّ فَهوَ جَوهَرِيٌّ، إذ كُلُّ طُقوسِ الكَنيسَةِ وَمُمارَساتِها، مُرتَبِطٌ بِخلاصِ الإنسانِ، وإلّا لَأصبَحتِ الليتُورجيةُ كَرنفالًا، يُبعِدُها عن مَقصَدِ وُجودِها الأَساسيّ، وهذا خَطَرٌ كَبيرٌ لا بَل قَاتِل. ومَن يَطّلِعْ على إفشينِ رَأسِ السَّنةِ الكَنَسيَّةِ، الّذي يَقرأُهُ الكاهِنُ في الكَنيسَةِ، يُدرِك أنَّ مَضمونَهُ يتمَحوَرُ حولَ العُبورِ مِن مَوتِ الخَطيئَةِ إلى حَياةِ النِّعمَةِ الأبَدِيَّةِ، ويُرَكِّزُ على الصَّلاةِ مِن أَجلِ كُلِّ العَالَمِ والمَسكُونَةِ جَمعاءَ وسلامِها.