تاريخ الإضافة: 28/2/2022 ميلادي - 27/7/1443 هجري الزيارات: 848 وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ لقد قضت مشيئة الله أن خلق الناس برحمته متشابهين لا متطابقين، فقد خلقهم من نفس واحدة؛ ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [الأعراف: 189]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [النساء: 1]. فهناك خصائص مشتركة بين بني البشر يتميز بها الإنسان عن باقي المخلوقات، وفي الوقت نفسه جعل الله البشر مختلفين في الخصائص الإنسانية، فهم درجات متفاوتة في كل خاصية من خصائص الإنسان. ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165]. وابتغوا اليه الوسيلة. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]. لقد قضتْ سُنَّة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يكونوا مختلفين، وهذه السنة الإلهية العظيمة كانت منذ بداية الخلق، ففي الحديث: عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: « إِنَّ اللَّهَ تعالى خلقَ آدمَ مِن قَبضةٍ قَبضَها مِن جَميعِ الأَرضِ، فجاءَ بنُو آدمَ على قَدْرِ الأَرضِ، فجاءَ منهُم الأَحمَرُ والأَبيَضُ والأَسوَدُ وبَينَ ذلكَ، والسَّهلُ والحَزْنُ والخَبِيثُ والطَّـيِّبُ »؛ (الترمذي).
انتهى من تفسير ابن كثير. وأما لماذا ذكر الله الجهاد عقب الأمر باتخاذ الوسيلة فقد ذكر غير واحد من المفسرين حكمته. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة المائدة - الآية 35. فقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد؛ لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات. ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى ،{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته. والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته السعادة الأبدية والنعيم المقيم. انتهـى وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 16690 ، التوسل المشروع، والتوسل الممنوع، فلتراجعها للفائدة. والله أعلم.
ومما تتوسل به إلى الله في دعائك: أعمالك الصالحة: ( رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا) [آل عمران:193]، فتوسلوا إلى الله بإيمانهم، ومن ذلكم توسلات الثلاثة النفر الذين أطبقت عليهم صخرةٌ في الغار؛ فتوسل أحدهم إلى الله بعفته عن الفاحشة، والآخر ببره للوالدين، والثالث بأدائه حق المستأجَر كاملًا بدون إنقاص شيء منه.