وبناء على هذا ، فإن صفة انقطاع الدم الذي ذكر في السؤال على حالين: الحالة الأولى: أن يكون الانقطاع ، في أصله ، غير تام ؛ بحيث يبقى شيء من الصفرة أو الكدرة ؛ فهذا لا يعد طهرا ، وعلى المرأة في هذه الحالة أن تصبر حتى تنقطع هذه الكدرة أو الصفرة ، كما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة ، في أيام الحيض: حيض " انتهى من "فتح الباري" (1 / 420). نزول خيوط دم بعد الظهر هل أصوم – جربها. الحالة الثانية: أن يكون انقطاع الدم: انقطاعا تاما ، بحيث لا تبقى لا صفرة ولا كدرة، ، ففي هذه الحال يكون هذا علامة انقضاء فترة الحيض. قال الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني رحمه الله تعالى: " وإن طهرت أثناءَ عادَتِها ، طهرا خالصا ، لا تتغير معه القطنة إذا احتَشَتْها، ولو أقلّ مدة: فهي طاهر، تغتسل ، وتصلي ، وتفعل ما تفعله الطاهرات. لأن الله تعالى وَصَفَ الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى ، وجب زوال الحيض " انتهى من "نيل المآرب" (1 / 108). فإذا تحقق هذا الظهر ، بعلامته ، ثم خرج بعد ذلك شيء من الكدرة أو الصفرة ، بعد زمن طويل ، أو قصير: فهذا لا يعد حيضا. لما رواه البخاري رحمه الله تعالى في "الصحيح" (326) في باب "الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ" عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: " كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا ".
الجواب: أولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لنا لكم الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير. ثانيًا: الراجح من أقوال العلماء أن الحيض لا حدَّ لأقله أو لأكثره، وكذا لا حد لمدة الطهر بين الحيضتين، وهو اختيار ابن تيمية وابن عثيمين؛ [ينظر: رسالة الدماء الطبيعية: (ص: 6)، والشرح الممتع: (1/ 400)]. والعبرة بنزوله بمواصفاته المعروفة من اللون والرائحة، والرقة والتجمد، فدم الحيض تغلب عليه السيولة وعدم التجلط، وله رائحة خاصة تميزه عن غيره من الدم العادي، وهو يخرج من جميع الأوعية الدموية بالرحم سواء الشرياني منها، أو الوريدي، مختلطًا بخلايا جدار الرحم المتساقطة"؛ [الحقائق العلمية في القرآن: (ص: 6)، دكتور محمد أحمد ضرغام]. ودم الاستحاضة عبارة عن دم يسيل من فرج المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبدًا، أو ينقطع عنها مدة يسيرة. ثالثًا: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة: يميز بينهما بأربع علامات: الأولى: اللون: فدم الحيض أسود، ودم الاستحاضة أحمر. نزول الدم بعد الطهر هل هو حيض؟. الثانية: الرقة: فدم الحيض ثخين، ودم الاستحاضة رقيق. الثالثة: الرائحة: فدم الحيض نتن، ودم الاستحاضة ليس بنتن. الرابعة: التجمد: فدم الحيض لا يتجمد، ودم الاستحاضة يتجمد.
فإن كنت رأيت القصة البيضاء التي بينا صفتها، أو رأيت الجفوف، فإذا رأيت إفرازات حمراء بعد رؤية الطهر وكانت هذه الإفرازات في زمن تصلح أن تكون فيه حيضا، فإنها تعد حيضا، فيجب عليك أن تغتسلي بعد انقطاعها، ولبيان ضابط زمن الحيض انظري الفتوى رقم: 118286. ولتفصيل القول في الدم العائد انظري الفتوى رقم: 100680. وأما الطهر المتخلل بين الدمين، فإنه طهر صحيح، وانظري الفتوى رقم: 138491. وبه تعلمين أن الواجب عليك أن تغتسلي بعد انقطاع هذا الدم العائد ما دام الحال ما ذكر، وأما إن كنت لم تري إحدى هاتين العلامتين، فإنك لم تطهري أصلا ولا تزالين حائضا حتى تري الطهر برؤية إحداهما. والله أعلم.