متحف مفتوح يضم جانباً من تاريخ السعودية وآثارها وعلى بُعد 300 كم من المدينة المنورة.. إنها منطقة العلا الأثرية.. شاهدوا الصور جذبت منطقة الجزيرة العربية الكثير من الرحالة والمستكشفين من غير العرب، الذين تجشموا عناء السفر منذ أكثر من 100 عام لزيارتها من أجل دراسة تراثها القديم الذي خلفته الحضارات القديمة المتعاقبة على أرضها، ومنها تراث "محافظة العلا"، المعروفة بالآثار الموغلة في القدم، كمدائن صالح التي تعود إلى 300 سنة قبل الميلاد، ووصفها المؤرخون بأنها مرآة حضارات العالم القديم في الجزيرة العربية، التي ظلت أسرارها مستعصية على الكثير من الباحثين حتى وقتنا الحاضر. و"العلا" هي إحدى محافظات منطقة المدينة المنورة، التي تبعد عنها باتجاه الشمال 300 كم، وتقع في الجزء الشمالي الغربي من المملكة، وتشغل مساحة طولية تصل إلى 25 كم، وعرضها ما بين 3 و5 كم، وتتمتع بموقع جغرافي تميز عن غيره من المواقع بتشكيلاته الجبلية المتنوعة وكثبانه الرملية الذهبية، بينما اجتمعت في الوادي نخيل باسقات ارتوت بماء العلا العذب المتدفق من عيونها الجوفية، وسط تغلغل نسمات هواء الوادي العليل الذي يبهج النفس التواقة للراحة، خصوصا في ليلها الهادئ الذي كلما زادت عتمته أضحت السماء وكأنها سجادة كونية قد طرزت مكوناتها النجوم المتلألئة.
وتُسهم هذه التقنية في توثيق معالم مدائن صالح بكامل تفاصيلها وتسهل على الباحثين دراسة تفاصيل المعلم الدقيقة مع مراقبة التغيرات التي قد تطرأ عليه خلال الفترات الزمنية المختلفة.
الأثر الاقتصادي لآثار العلا تقدم "رؤية العلا" فرصة لتحقيق أثر اقتصادي ملموس، مبني على الثقافة والحضارة والتراث، إذ تستهدف إضافة 120 مليار ريال إلى الناتج المحلي للمملكة بحلول 2035، وتنمية المجتمع المحلي بما يتوافق مع "رؤية 2030"، إذ تحقق 28 هدفا من أهداف "الرؤية". كما تتضمن "الرؤية الجديدة" برنامجا للابتعاث لأبناء المحافظة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا دعما للمشاريع التي ستشهدها العلا في المستقبل، فضلا عن توليد فرص وظيفية لـ 2500 من أهالي العلا، ليكونوا حماة للتراث الطبيعي والإنساني. ولا تتوقف الثمار الاقتصادية لـ "رؤية العلا" عند هذا الحد فحسب؛ بل تتجاوزها إلى توفير 38 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2035، واستقطاب مليوني زائر سنويا، ما يمثل دعما غير مسبوق للسياحة السعودية، واقتسام نصيب من "كعكة" السياحة في المنطقة. وكانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عملت على مدى السنوات الماضية على إعداد خطة للتنمية السياحية في محافظة العلا، تتكامل بشكل وثيق مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية، واستراتيجية قطاع الآثار والمتاحف وخطتها التنفيذية، وخطة إدارة موقع مدائن صالح التي تنسجم مع "رؤية المملكة 2030"، ما يعني أنها ستتكامل هذه الجهود مع وجود الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
وأعلنت سلطات المملكة الثلاثاء أنها منحت 24 ألف تأشيرة سياحية لأجانب منذ بدء العمل بهذا النوع من التأشيرات. وفي طبعته السادسة حول المملكة، كتب الدليل السياحي العالمي "لونلي بلانيت" في سبتمبر/أيلول "السعودية، آخر الحدود السياحية في العالم". ويروي طارق حسين الذي كتب القسم من الدليل الخاص بالسعودية "ستشعر كأنك في البتراء أو أنغكور لضخامة المواقع، لكنك ستجد نفسك وحدك أو فقط مع بعض السكان المحليين". وتابع راويا رحلته إلى المملكة "إن غالبية المواقع لا تزال غير معروفة، كانت تجربة سحرية بالنسبة إلي، ما كان يمكن أن تحصل في أي مكان آخر". ولجذب السياح الراغبين بمواقع سياحية جديدة غير تلك المشهورة في العالم، تعتمد المملكة بشكل أساسي على منطقة وادي العلا. وتوصف هذه المنطقة بأنها متحف مفتوح يضم مواقع أثرية تعود إلى مرحلة ما قبل الإسلام، وفيها بشكل خاص موقع "مدائن صالح" الذي بناه النبطيون قبل أكثر من ألفي سنة. في المقابل، وإضافة إلى منحها تأشيرات دخول سياحية للأجانب خارج الإطار الديني وخصوصا الحج والعمرة، لم تعد المملكة تشدد بالتعاطي مع لباس النساء الأجنبيات، ولم يعد يسأل الأجنبي عن ورقة زواجه في حال كان يريد النزول في فندق مع رفيقته.
ومنهم المرشد السياحي بندر الخالدي الذي قال لـ"الوطن": إن كافة الآثار المنحوتة في الحجر تعود للأنباط، وهم عرب وثنيون سكنوا المنطقة قبل 2000 عام. ونفى ما يعتقده الكثيرون بأن هناك علاقة للنبي صالح وقومه بالمكان، وقال: إن الباحثين لم يعثروا حتى الآن على دليل علمي أثري خلال الحفريات الأثرية التي قاموا بها على مدى عقود يعود بهم إلى أن الثموديين الذين بعث فيهم النبي صالح عليه السلام، سكنوا هنا. وعن نسبة المدائن إلى "صالح "قال الخالدي: صالح هو رجل ممن سكنوا المنطقة وعرفت المدائن باسمه، وهو ليس النبي المعروف. وهو ما أكده اثنان آخران من المرشدين السياحيين الذين كانوا في مواقع مختلفة من آثار "مدائن صالح". وقال عدد من المهتمين بآثار العلا إن الخلاف حول الموقع قديم تجدد بعد فتوى هيئة كبار العلماء التي أفتت بتحريم الأكل والشرب في المواقع وتجنب السكنى بها، وضرورة إسراع الخُطى حين المرور عليه وحكمت بـ"ثمودية المكان". ليست مكان العذاب يؤكد الباحث الدكتور تنيضب الفايدي في تعليقه على الأمر، أن الموقع له علاقة بنبي الله صالح وتعود تسميته له، غير أنه نفى أن تكون المدائن موقع القوم الذين نزل بهم العذاب بسبب عقر الناقة، ورجح أن المدائن ليست الأرض التي سكنها قوم ثمود الذين عقروا الناقة وحرم الأكل فيها والشرب.
إذاً فالأمة الثمودية والحضارة الثمودية التي قامت في ذلك الوقت المبكر من التاريخ عربية صميمة حين أرسل الله إليهم نبيه صالح عليه السلام وهو نبي عربي من أربعة أنبياء عرب هم: هود وصالح، وشعيب عليهم السلام ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- جاء يدعوهم إلى التقوى والإيمان وعبادة الله وحده، كما قال تعالى {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ{141} إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ{142} إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ{143} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ{144} الآيات 141 - 144 الشعراء. أما الآثار التي بقيت ظاهرة للعيان حتى الآن غير المطمورة تحت التراب فهي عبارة عن غرف منحوتة في صفحات تلك الجبال ذات الصخور الرسوبية الرملية ولونها من لون الأرض التي هي فيها وردية باهتة أقرب ما تكون إلى بيضاء من داخلها. هذه الغرف المنحوتة في صفحات تلك الصخور على ارتفاع عن الأرض يتراوح ما بين متر إلى متر ونصف إلى مترين في الوقت الحالي، وكما هو معروف أن الأرض تندفن وترتفع مع مرور السنين والقرون وذلك مما تسفوه الرياح من الرمال التي تنحتها من تلك الصخور، وربما كان ارتفاعها في الأصل أكثر من ذلك، وهذه الغرف يتراوح اتساعها ما بين 4 * 4 متر، 4.
وقد هلك قوم ثمود بالرجفة كما في قوله تعالى {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{77} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{78}} 77، 78 الأعراف، وفي موضع آخر يذكر أنهم أهلكوا بالصيحة {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ{80} وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ{81} وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ{82} فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ{83}} الحجر.