الفائدة الثانية: يدخل في هذين الحديثين من يبيع السلاح على الكفار المحاربين للمسلمين؛ لأنهم سيستعينون به على قتال المسلمين، فلما كان هذا البائع سببًا في تمكنهم من هذا السلاح صار كحامل السلاح على المسلمين. وهل يدخل في حديثي الباب من يقاتل البغاة؟ الجواب: الوعيد لا يتناول من قاتل البغاة، والبغي: هو الخروج عن طاعة الإمام الحق، فمن خرج عن طاعة الإمام الحق فقد بغى عليه، فإذا قاتلهم المسلمون؛ لأنهم بغوا على الإمام، فلا يدخل المسلمون حينئذ في حديث الباب. تخريج حديث من غشنا فليس منا. الفائدة الثالثة: الحديث دليل على أن الغش من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من صاحبه، وسيأتي مزيد بيان في الحديث القادم. مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
عار علينا أن نحارب منتوجاتنا بغشنا، ويل لاقتصاد أمة يروج تجارها لمنتوجات أعدائها على حساب منتوجاتها، لقد أخذ الجشع بمجامع قلوبنا، فقصر بعد نظرنا، فلا نكاد نرى إلا الأكل بين أيدينا، دون أن نفكر في أكل غدنا ومستقبلنا، فصرنا نضيع مستقبلنا بملذات يومنا، ناسين أننا لن ينالنا من الرزق إلا ما كتب الله لنا، يقول الرسولﷺ: «إن روح القدس نفث في روعي: أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته».
والخلاصة ان الصدق والأمانة من أكبر العوامل التي تجلب الثقة والبركة في البيع والشراء، وأن الغش والخداع من أكبر العوامل التي تهدر الثقة وتمحق البركة وتؤذن بخراب العمران، ومن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والوزن: «إنكم قد وليتهم أمراً فيه هَلَكت الأمم السالفة قبلكم» رواه الترمذي. خطبة بعنوان: قصة حديث «من غشنا فليس منا» | نور الاسلامقصة حديث «من غشنا فليس منا». والصورة الثانية من صور الغش والخداع: تتعلق ببيت الزوجية، وبيت الزوجية أجل وأشرف من أن يبنى على الغش والخداع، وإذا كان الإسلام قد حرم كتمان العيوب في السلع فكيف بكتمان العيوب في النكاح؟ إن كتمان العيوب في النكاح سواء كانت شكلية أو جوهرية يعد تدليساً وعدوانا على حق الطرف الآخر في أن يظفر بالشريك الذي يملأ نفسه، ويشبع عواطفه، ويرضي أحاسيسه ومشاعره. ومن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية بن أبي سفيان أو أبي جهم: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه (أي أنه كثير الأسفار أو كثير الضرب للنساء) وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد» رواه مسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «أيما امرأة غُرِّ بها رَجل، بها جنون، أو جذام، أو برص، فلها المهر بما أصاب منها، وصداق الرجل على من غره» رواه مالك في الموطأ وعبدالرزاق في مصنفه.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذمرا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا» رواه البيهقي في شعب الإيمان. وعندما باع النبي صلى الله عليه وسلم واشترى ضرب أروع المثل في صدق المعاملة، فعن السائب قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون علي ويذكروني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا أعلمكم» يعنى به، قلت: صدقت بأبي أنت وأمي، كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تداري ولا تماري. رواه أبو داود. أي لا تخفي ولا تجادل. وجاء في مكاتبته صلى الله عليه وسلم للعداء بن خالد «هذا ما اشترى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من العداء بن خالد، بيع المسلم المسلم، لا داء، ولا خبثة، ولا غائلة» رواه البخاري. شرح حديث من غشنا فليس منا. وقوله صلى الله عليه وسلم: «بيع المسلم المسلم» فيه إشارة رائعة إلى أن المسلم ليس من شأنه الخديعة، وقوله صلى الله عليه وسلم «لا داء ولا خبثة ولا غائلة» فيه إشارة إلى ان البائع لا يحل له أن يكتم داء في السلعة أو أن يحتال بحيلة يغتال بها المال.
عن أبي هريرة: أن رسول الله مر على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟))، قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني)) نشاط السؤال: قارن من خلال المعايير المذكورة بين شخص يكتسب المال عن طريق الحلال ، و آخر يكتسبه عن طريق الغش و الحرام: المعايير من يكتسب عن طريق الحلال من يكتسب عن طريق الحرام أثره على مال صاحبه البركة بمحقه الله نظرة الناس له الحب له البغض له الشقة و الأمانة موجود معدوم الأثر على الأخرين جزاؤه يوم القيامة الجنة النار استجابة الدعاء نعم لا التقويم السؤال: الغش من كبائر الذنوب ، بين دلالة الحديث على ذلك. الجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من الغاش ونفي عنه أن يكون من المسلمين السؤال: على ماذا يدل قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس) ؟ الجواب: لا بأس ببيع الشيء الردئ اذا لم يخفه عن عيون الناس السؤال: اذكر صوراً من الغش في كل مما يأتي: عند النكاح ، الغش في العمل ، غش الوالدين ، غش المجتمع.