ثم ذكَرَ المؤلِّف رحمه الله آياتٍ تتعلق بهذا الباب بيَّن فيها رحمه الله أنها كلها تدل على ذمِّ الكِبر، وآخرها الآيات المتعلقة بقارون. وقارون رجل من بني إسرائيل من قوم موسى، أعطاه الله سبحانه وتعالى مالًا كثيرًا، حتى إن مفاتحه لَتنوءُ بالعُصبة أولي القوة؛ أي: مفاتيح الخزائن تثقل وتشق على العُصبة؛ أي: الجماعة من الرجال أولي القوة؛ لكثرتها. إعراب قوله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا الآية 83 سورة القصص. ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76]، فإن هذا الرجل بطَر والعياذ بالله وتَكبَّر، ولما ذكِّر بآيات الله ردَّها واستكبر ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، فأنكَرَ فضل الله عليه، وقال: أنا أخذته بيدي وعندي علم أدركت به هذا المال. وكانت النتيجة أنَّ الله خسَفَ به وبداره الأرضَ، وزال هو وأملاكُه، ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ﴾ [القصص: 81، 82].
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ | الشيخ محمد صديق المنشاوى - YouTube
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: ( لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ) قال: تعظُّما وتجبرا( وَلا فَسَادًا): عملا بالمعاصي. حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن أشعث السمان, عن أبي سلمان الأعرج, عن عليّ رضي الله عنه قال: إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه, فيدخل في قوله: ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). وقوله: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) يقول تعالى ذكره: والجنة للمتقين, وهم الذين اتقوا معاصي الله, وأدّوا فرائضه. وبنحو الذي قلنا في معنى العاقبة قال أهل التأويل. تلك الدار الاخرة نجعلها للذين. حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي الجنة للمتقين. قال بن ابي حاتم: 17928- حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنـا الْهَيْثَمُ بْنُ يَمَانٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلُهُ: ﴿الدَّارُ الآخِرَةُ﴾، يَقُولُ:"الْجَنَّةُ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا﴾ 17929- حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنـا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿نَجْعَلُـهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ﴾، قَـالَ:"نَجْعَلُ الدَّارَ الآخِرَةَ لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ، عِنْدَ سَلاطِينِهَا وَمُلُوكِهَا".
وكثيرٌ من الناس ينتصر لنفسه، فإذا قال قولًا، لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه، ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع. تلك الدار الاخره نجعلها. والواجب أن يرجع الإنسان للحقِّ حيثما وجده، حتى لو خالف قولَه فليرجع إليه، فإن هذا أعزُّ له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلَمُ لذِمَّتِه وأبرأُ ولا يضره. فلا تظنَّ أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس؛ بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحقَّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرُدُّ الحق، فهذا متكبِّر، والعياذ بالله. وهذا الثاني يقع من بعض الناس والعياذ بالله، حتى من طلبة العلم ، يتبيَّن له بعد المناقشة وجهُ الصواب، وأن الصواب خلاف ما قاله بالأمس، ولكنه يبقى على رأيه، يُملي عليه الشيطان أنه إذا رجع استهان الناس به، وقالوا: هذا إنسان إمعة كلَّ يوم له قول، وهذا لا يضر إذا رجعت إلى الصواب، فليكن قولك اليوم خلاف قولك بالأمس، فالأئمة الأجلَّة كان لهم في المسألة الواحدة أقوالٌ متعددة. وها هو الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة، وأرفع الأئمة من حيث اتباع الدليل وسَعة الاطلاع، نجد أن له في المسألة الواحدة في بعض الأحيان أكثرَ من أربعة أقوال؛ لماذا؟ لأنه إذا تبيَّن له الدليل رجع إليه، وهكذا شأن كِّل إنسان منصف، عليه أن يتبع الدليل حيثما كان.
فلابدّ من إرجاع الحقوق إلى أصحابها والاستحلال منهم، فإنّ ذلك شرط لقبول التوبة. من هذين العاملين نفهم معنى أن يعيش الإنسان المؤمن بين الخوف والرجاء؛ فلا الأمن من مكر الله جائز ولا اليأس من رحمته جائز أيضاً. 3- الغفلة عن الله سبحانه وتعالى: فالإنسان المؤمن بالله سبحانه يمكن أن يغفل عنه وينساه، هذه الغفلة إذا طالت فإنّها تؤدّي إلى قسوة القلب وإلى البعد عن الله، بل الله سبحانه قد ينسانا (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) (التوبة/ 67)، ويكلنا إلى أنفسنا ويرفع عنّا عنايته وهدايته ولطفه، وبالتالي ستكون عاقبتنا وخاتمتنا سيِّئة. تلك الدار الاخرة نجعلها. وكذلك عندما نأتي لموضوع الغفلة عن الموت وعمّا بعد الموت فإنّ ذلك يؤدّي إلى قسوة القلب والتعلّق بالدنيا والغرق في الشهوات والأطماع والأهواء فتسوء عندئذٍ العاقبة والخاتمة. فالّذي يغفل عن الله ولا ينتبه إلى انغماسه في المعاصي لا يجد ما يردعه عن تلك الأفعال والأقوال، ولكن، بالمقابل، الذي يبقى يقظاً من خلال حضور الله سبحانه وتعالى في وجدانه لا يغفل ولا ينسى، بل يبقى ذاكراً، وهنا الذكر ليس المراد منه الذكر اللسانيّ، بل الذكر الحقيقيّ الذي نرى من خلاله حضور الباري عزّ وجلّ في كلّ المواقف، فلا نعصيه خجلاً وحياءً منه، ولا نطيعه تقرّباً وتزلّقاً للناس، بل شوقاً وحبّاً له عزّ وجلّ.
3- وقسم ثالث يريد العلو والفساد ولكن لا يقدر عليه. فهدا الثالث بين الأول والثاني، لكن عليه الوزر؛ لأنه أراد السوء، فالدار الآخرة إنما تكون ﴿ لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ﴾ [القصص: 83]؛ أي تعاليًا على الحق أو على الخلق ﴿ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]. "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا. فإن قال قائل: ما هو الفساد في الأرض؟ فالجواب: أن الفساد في الأرض ليس هدم المنازل، ولا إحراق الزروع، بل الفساد في الأرض بالمعاصي، كما قال أهل العلم رحمهم الله في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]؛ أي: لا تَعصُوا الله؛ لأن المعاصي سبب للفساد. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، فلم يفتح الله عليهم بركات من السماء ولا من الأرض، فالفساد في الأرض يكون بالمعاصي، نسأل الله العافية. وقال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾ [لقمان: 18]؛ يعني لا تمش مَرِحًا مستكبرًا متبخترًا متعاظمًا في نفسك، وفي الآية الثانية قال: ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37]؛ يعني مهما كنت فأنت لا تقدر أن تنزل في الأرض ولا تتباهى حتى تساوي الجبال؛ بل إنك أنت أنت.
الحمد لله. أولاً: الوسواس الذي يصيب الإنسان ليس كله على درجة واحدة ، من حيث المرضية ، ومن حيث المصدر والأثر. فالوسواس الذي يدعو الإنسان لسماع المحرمات أو رؤيتها أو اقتراف الفواحش وتزيينها له: له ثلاثة مصادر: النفس – وهي الأمَّارة بالسوء - ، وشياطين الجن ، وشياطين الإنس. قال تعالى – في بيان المصدر الأول وهي النفس -: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق/16. وقال تعالى – في بيان المصدر الثاني وهم شياطين الجن -: ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ) طه/120. وقال تعالى – في بيان المصدر الثالث وهم شياطين الإنس -: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ. مَلِكِ النّاسِ. لدي وسواس في الدعاء على النفس والآخرين فما الحل - موقع الاستشارات - إسلام ويب. إِلَهِ النّاسِ. مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ. الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ. مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ) سورة الناس. أي أن هذه الوساوس تكون من الجن ومن بني آدم. انظر السؤال ( 59931).
أعوذ بكلمات الله التامّات من غضبه وعقابه، وشرّ عباده، ومن همزات الشّياطين ربّي لا تكلني إلى أحد، ولا تحوجني إلى أحد، وأغنني عن كلّ أحد، يا من إليه المستند، وعليه المعتمد، وهو الواحد الفرد الصّمد، لا شريك له ولا ولد، خذ بيدي من الضّلال إلى الرّشد، ونجّني من كلّ ضيقٍ ونكد. ربي ثبتني وألهمني رشدي وسددني ووفقني فإن التوفيق من لدنك وحدك سبحانك. اللهم إني أسألك بأنك أنت القوي العزيز أن تُهلك عدوي من الوسواس وتُذهب عني أذاه. أدعية للشفاء من الوسواس القهري.. اطرد الأفكار والهواجس بهذه الكلمات. اللهم إنّي أسالك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برٍ، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النّار، لا تدع لي ذنبًا إلّا غفرته، ولا همًّا إلّا فرّجته، ولا حاجةً من حوائج الدّنيا هي لك رضًا إلّا قضيتها، برحمتك يا أرحم الرّاحمين. دعاء الاكتئاب والوسواس دعاء الاكتئاب والوسواس ، لاشك أن السواس مرض قد يجعل النفس في أسوأ حالاتها، وبالدعاء هنا يلجأ العبد إلى الله تعالى ويتضرع إليه بأن يرد عنه وساوس شياطين الإنس والجن. (عن عُثْمَانَ بْن أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه أنه أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا» قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي) (مسلم) اللهم إني أعلم أنك تجيب المضطر إذا دعاك فَأَذِهب عني ما أصابني.
بالإضافة إلى أعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وبرأ وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء. اقرأ أيضا: أدعية الثناء على الله وفي نهاية مقالة أدعية يومية قصيرة لتحصين النفس، نشير إلى أن هناك الكثير من الأشخاص من حولنا الذين يضمرون لك الشر ويسعون بكل الطرق لإصابتك بالعين والحسد. لذا يجب أن يكون هناك خط دفاعي منك بهدف تحصين نفسك وأسرتك ومن تحب، وهذا يكون من خلال الترديد المستمر للرقية الشرعية وأدعية تحصين النفس التي تم ذكرها في المقالة، ويمكن الحصول على المزيد من المقالات المشابهة على موقعنا.