لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها قال الله تعالى: ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم (فاطر: 2) — أي ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم وغير ذلك من النعم, فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة, وما يمسك منها فلا أحد يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة فاطر - الآية 2. وهو العزيز القاهر لكل شيء, الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وفق حكمته. التفسير الميسر بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
وجدها سيدنا إبراهيم عليه السلام في نار، وجدها يوسف في الجب، كما وجدها في السجن، وجدها نبي الله يونس في بطن الحوت في ظلمات ثلاث، ووجدها موسى عليه الصلاة والسلام في اليم وهو طفل ضعيف مجرد من كل قوة، كما وجدها في قصر فرعون وهو يتربص به. ووجدها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الغار يوم قال لأبي بكر: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ (التوبة/40)، هذه الرحمات يتلمسها العبد المؤمن، والأمر مباشرة إلى الله وهو العزيز الحكيم. ـ لذلك فنشر الطمأنية في النفوس، من خلال ربط العبد بخالقه لمعرفة غاية وجوده في هذه الحياة، إنما يحرر العبد وجدانيا من كل أسباب الخوف. وختاما أقول إن نشر الطمأنية والثقة والروح وحسن الظن بالله عز وجل في ساعة القلق منهج رباني. ودأب الصالحين فلابد لمن تصدر منبر العلم والدعوة أن يلتزمه لزرع روح المحبة والآمال في نفوس الخلائق. كما جاء في الحديث القدسي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: أنا عند ظن عبدي بي»( [4]). يقول صاحب المنفرجة الإمام الغزالي: الشدَّةُ أوْدَتْ بالمُهَجِ … يَا رَبِّ فَعَجِّلْ بالفَرَجِ والأنْفُسُ أضْحَت فِي حَرَجٍ … وبِيَدِكَ تَفْرِيجُ الْحَرَجِ فنسأل الله رب العرش العظيم أن يرفع هذا البلاء عن المسلمين وعن أهل الأرض جميعا.
وهو الضيق والكرب والشدة والقلق والعناء! هذا الفيض يفتح، ثم يضيق الرزق. ويضيق السكن. ويضيق العيش، وتخشن الحياة، ويشوك المضجع.. فهو الرخاء والراحة والطمأنينة والسعادة. وهذا الفيض يمسك. ثم يفيض الرزق ويقبل كل شيء. فلا جدوى. وإنما هو الضنك والحرج والشقاوة والبلاء! المال والولد، والصحة والقوة، والجاه والسلطان.. تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد إذا أمسكت عنها رحمة الله. فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان. يبسط الله الرزق مع رحمته فإذا هو متاع طيب ورخاء؛ وإذا هو رغد في الدنيا وزاد إلى الآخرة. ويمسك رحمته، فإذا هو مثار قلق وخوف، وإذا هو مثار حسد وبغض، وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض، وقد يكون معه التلف بإفراط أو استهتار. ويمنح الله الذرية مع رحمته فإذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع، ومضاعفة للأجر في الآخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله. ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء، وسهر بالليل وتعب بالنهار! ويهب الله الصحة والقوة مع رحمته فإذا هي نعمة وحياة طيبة، والتذاذ بالحياة. ويمسك نعمته فإذا الصحة والقوة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي، فينفق الصحة والقوة فيما يحطم الجسم ويفسد الروح، ويدخر السوء ليوم الحساب!