(هو وصاحبه) أصبحا نصفين متضادين، وفي حالة حرب الآن. ملاحظة رقم (٣) (احمد) هو غيفارا الحالمين، وصديقه السامري (سامر) قد أبرم صفقة مع الشيطان… وجعل هذا القرن محفوفًا بالمخاطر، قال (غيفارا) لـ (السامري): - كنّا جاثين على ركبنا لفترات طويلة، وحان وقت الوقوف … فردّ (سامر): إذن ليس لديّ خيار آخر… سأجعل الفوضى تمطر هنا، في دولتك المفترضة. واتفقا الاثنان أن يخوضا الحرب على رقعة الشطرنج … رقعة الوطن التي قُسمت إلى مربعات مُلئت بالجنود والفيلة والخيل والقلاع لحماية الملوك من كارثة (كش ملك). وهكذا اندلعت الحرب على مساحة الوطن المقسم إلى مربعات سوداء وبيضاء. دخلا الهاوية رسمياً، وكأنّ ما أمامهما الّا القتال لاغير… يعتقد (أحمد) إن تأسيس مدينة فاضلة على قطعة الشطرنج هو المتاح حالياً، وهو أفضل من لاشيء، لذا ركب المتسولون والفقراء خيولهم، وزحفت العساكر وهم مستعدون الآن أن يحولوا حجارة الوطن الى بنادق هجومية، والبنادق إلى صواريخ الكاتيوشا، والحياة برمتها الى حرب كاملة. معنى كش ملك. وأصبح الموت ينزّ من زوايا الرقعة ذات اللونين، والفيلة تنطلق كالصواعق وتدوس الاعشاب وتخلطها بالناس، وتسيل الدماء أنهارا… إما (سامر) فقد كان يتبختر، عاشق لوقع حوافر خيله وهي تعبر الخطوط الوهمية والجسور، يسرقون بهجة المكان.
كنا سذج وعلى نياتنا وكنا نصدق الشعارات ، ونهتف خلف اصحابها الثوار ، دون أن نعي أهدافهم الحقيقية ، او نعرف نواياهم المبيته ، بل حرمنا أنفسنا من سؤالهم لماذا هذا " الكش ملك " ؟ وعطلنا من أجلهم عقولنا لنفكر بنتائج ثورتهم ، كنا مع الخيل ياشقرا ، فرحين بتلك الشعرات التي كانت تحركنا دون تفكير ، فنصرناهم ولكن على من " على الملك " وعلى مستقبلنا وقضايانا. منذ ان بدأت ثورة " كش ملك " ونحن نفتقر إلى مشروع سياسي أو حتى قضية مركزية يمكن أن نلتف أو نتوحد حولها، و لا نملك مشروعا للوحدة أو حتى للتكامل الاقتصادي الجاد, ولم تعد فلسطين قضيتنا المركزية بل تحولت إلى جثة نبحث لها عن مكان آمن للدفن فلم نجد في زمن ثورة "الكش ملك". " كش ملك " كانت ثورة عظيمة في شعاراتها ولكنها كانت لئيمة في مبادئها خدعتنا فانخدعنا برضانا وبرغبة منا ، سرنا خلفها وامامها ولم نحاول ان نكون بداخلها لنعرف لؤمها. " كش ملك " كانت ثورة جنينا نتائجها بعد نجاحها فأصبحنا معتقلين باوطاننا ومسلوبين الحرية والارادة ومعرضين لبطش زوار الليل في كل لحظة ، وزادت من فقرنا وتخلفا ضعف ما كنا عليه زمن الملك. " كش ملك " افقدتنا القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء بلمحة بصر ، و"كش ملك" أشغلتنا ببعضنا البعض لنتقاتل ونتفرق من أجل مقعد الملك. "
كانت الأصوات تَرتفِع … انقل الفيل … هنا … اهجم بالوزير … هات العسكري هنا … وكان «تختخ» يصيح: أرجوكم … إن لعبة الشطرنج أكثر لعبة تحتاج إلى الهدوء وتركيز الذهن … وبهذا الصياح لن نستطيع إتقان اللعبة! ولكن اعتراض «تختخ» كان يذهب سُدًى … فقد كانت الصيحات ترتفع والتشجيع يستمر ويضيع صوته في الأصوات المتصارعة. وشيئًا فشيئًا تحولت لقاءات الأصدقاء في أثناء الإجازة إلى مباريات في الشطرنج؛ فقد أحبها الجميع وتحمَّسوا لها، ولا سيما بعد أن عرفوا أنها تساعد على تركيز الذهن وبُعد النظر؛ لأن كل لعبة فيها تؤدي إلى آثار بعيدة في المباراة أكثر من أي لعبة أخرى. وذات يوم قرر الأصدقاء أن ينسَوا لعبة الشطرنج، ويخرجوا إلى النزهة في مكان بعيد … فاستيقظوا مبكرين، وركبوا دراجاتهم، وأخذوا «زنجر» معهم، ثم انطلقوا إلى حلوان … كانت الساعة التاسعة عندما وصلوا إلى الحديقة اليابانية، فوضعوا دراجاتهم جانبًا، ثم أخذوا يجرُون ويقفزون هنا وهناك … وبعد أن استمتعوا باللعب جلسوا في الحديقة الهادئة يتحدثون … وقالت «لوزة» ضاحكة: لو كان معنا رقعة الشطرنج للعبنا دورًا الآن! ولم تكد «لوزة» تنتهي من جملتها حتى كانت في انتظارهم مُفاجأة، فقد فتحت «نوسة» حقيبتها وأخرجت رقعة الشطرنج … وصفَّق الأصدقاء مسرورين وهم يُحيُّون «نوسة»، وسرعان ما اجتمعوا حول الرقعة يتابعون مباراة حامية بين «نوسة» و«عاطف».