فما أشد حسرته في ذلك اليوم، حيث يقف بين يدي الله وهو مفلس، مهين لا يستطيع أن يظهر عذراً، قال الله تعالى: ﴿ لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التحريم:7]، لذلك يتوجب على كل مسلم أن يحافظ على حسناته من الضياع، وذلك بتركه للظلم؛ أي ظلم الآخرين:إما بالشتم، أو القذف، أو الاعتداء، وغيرها، فكل هذه الأعمال ستكون سبباً في جعل العبد مفلساً يوم القيامة.
2. هوان العبد عند دخوله النار لقول النبي صلى الله عليه وسلم ثم طرح في النار فالطرح يدل على الهوان. 3. دقة لفظ فنيت أي زالت وانتهت، فيدل على أنها طاعات مقبولة له بها حسنات مكتوبة لكنها تفنى بسبب الدماء والأموال والأعراض التي وقع فيها. 4. استخدام من للعاقل وما لغير العاقل استخدام أغلبي، وقد جاءت في سورة الكافرون (ولا أنتم عابدون ما أعبد) فلا يصح اعتبار المفلس هنا بمثابة غير العاقل، ولكن السؤال عن صفة المفلس. 5. تكرار كلمة (هذا) يوحى لنا أن المذنب قد تعددت أذيته إلى عدة أشخاص وليس شخص واحد بعينه، فربما يعفو أحدهم وآخر لا يعفو. 6. المفلس يوم القيامة هو من يأتي بلا. إن حق المظلوم على الظالم هو رد مظلمته وتبرئة ذمته، فالموقف بين ظالم تائب ومظلوم متمسك بحقه رافض للمسامحة هو عرض رد المظلمة إذا كان ذلك ممكنا، وطلب السماح من المظلوم، فإن أبي المظلوم فليس على الظالم التائب إلا اللجوء إلى الله لإرضاء المظلوم يوم القيامة، وليس عليه كثرة التذلل للمظلوم والتعرض لاسترضاءه، فليس في الشرع - مع تعظيم حق المظلوم - تأليه المظلوم في هذا الموضع بل قلبه بيد الله والأمر كله بيد الله حتى لو كان الأمر متعلقا بحقوق العباد.
وجاءت كامب ديفيد، آخر قشَّة يتعلق بها السادات ليُنقذ المبادرة التي بادَر بها وبادرت هي به كي يدخل الكامب، ولم يعد في جعبته سهمٌ واحد يُناور به. لم يكن هناك أمامه ليُغري إسرائيل بمفاوضته سوى التلويح بتنازلات أكثر، مثل التطبيع الكامل بين مصر وإسرائيل، واحتمال موافقة مصر على حل مشكلة الفلسطينيين حلًّا أحسن قليلًا من حل مشكلتهم كلاجئين، وعلى وعد بالقطيعة التامة مع العرب. يعني دخل السادات كامب ديفيد — هكذا بمنتهى البساطة — ليُقدِّم تنازلات في مقابل الجلاء عن سيناء ونزع سلاحها، مقابل بلايين المعونات والأسلحة الأمريكية تتدفَّق على إسرائيل، وترفعها من دولة في عشرة أيام سُحِقت إلى دولة مستحيل أن تُهزم. من هو المفلس الحقيقي. وهو طريق ذو اتجاهٍ واحد وحيد. فقد ذكر السادات لمحمد إبراهيم كامل وهم في الطائرة المتجهة لكامب ديفيد: نحن لن نخسر شيئًا، إذا أعجبتنا الشروط ورضينا عن إطار السلام واتفقنا كان بها، وإن لم تعجبنا قطعنا المفاوضات وعُدنا، وقد بيَّنَّا للعالم وكسبنا رأيه العام بأن ذهبنا مع إسرائيل إلى آخر المدى، ولكن التعنُّت الإسرائيلي هو المسئول عن الفشل. قال هذا. ولكني — ومع الحقائق التي لا تقبل الشك — أشكُّ كثيرًا إن كان باستطاعة المُفاوِض المصري أن يحزم حقائبه ويرفض ويعود دون اتفاق.
أراد أن يلفِت أنظار الصحابة رضوان الله عليهم، بل كل أمته، إلى أمر عظيم ومهم، وإلى ناحية دقيقة ،طالما غفل عنها كثير من الناس ،ولم يفطِنوا لها، وهي توضيح مفهوم الإفلاس على حقيقته. فكانت إجابة الصحابة رضوان الله عليهم بما يتبادر للذهن من أمور الدنيا، وبما هو جار في عرفهم ، وما هو متعارف عليه بين الناس، حيث يعدَّون المفلسَ من لا يملك من المال شيئا، أو مَنْ فقد ثروته وماله، (قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ). فحصَروا الإفلاس في المادة فحسب، وجعلوه مقتصرا على المال والمتاع. ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يصحح لهم هذا المفهوم ، ويصوب لهم هذا الاعتقاد ، فهو صلى الله عليه وسلم يهتم بالحقيقة دون الصورة، وبالواقع دون المظهر، وينظر الى الإفلاس من زاوية أوسع، فأراد أن يكشف لهم الغطاءَ عن مفهوم جديد للإفلاس، لم يكن معهودًا من قبلُ في حياتهم، ولم يكن يَخْطُرُ ببالهم، ولم تحدِّثْهم به نفوسُهم. فمن خلال سؤاله صلى الله عليه وسلم: « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ ». أتدرون من المفلس؟ - إسلام أون لاين. أراد أن يَنقلَهم إلى أبعد من الدنيا وحطامها، ويحول أبصارهم وقلوبهم إلى إفلاس من نوع خطير ،ورهيب، وفي يوم عسير وشديد.
حديث أتدرون من المفلس - YouTube