وأما قوله: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" ، فإنه يعني ب"الفظ" الجافي ، وب"الغليظ القلب" ، القاسي القلب ، غير ذي رحمة ولا رأفة. وكذلك كانت صفته صلى الله عليه وسلم ، كما وصفه الله به: ( بالمؤمنين رءوف رحيم) [ سورة التوبة: 128]. فتأويل الكلام: فبرحمة الله ، يا محمد ، ورأفته بك وبمن آمن بك من أصحابك"لنت لهم" ، لتباعك وأصحابك ، فسهلت لهم خلائقك ، وحسنت لهم أخلاقك ، حتى احتملت أذى من نالك منهم أذاه ، وعفوت عن ذي الجرم منهم جرمه ، وأغضيت عن كثير ممن لو جفوت به وأغلظت عليه لتركك ففارقك ولم يتبعك ولا ما بعثت به من الرحمة ، ولكن الله رحمهم ورحمك معهم ، فبرحمة من الله لنت لهم. كما: - 8120 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، أي والله ، لطهره الله من الفظاظة والغلظة ، وجعله قريبا رحيما بالمؤمنين رءوفا وذكر لنا أن نعت محمد صلى [ ص: 342] الله عليه وسلم في التوراة: " ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها ، ولكن يعفو ويصفح". معنى آية: فبما رحمة من الله لنت لهم، بالشرح التفصيلي - سطور. 8121 - حدثت عن عمار قال: حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، بنحوه. 8122 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق في قوله: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، قال: ذكر لينه لهم وصبره عليهم لضعفهم ، وقلة صبرهم على الغلظة لو كانت منه في كل ما خالفوا فيه مما افترض عليهم من طاعة نبيهم.
لقد وهب الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الكمال الأخلاقي الذي هو قوام الأمر، فأنعم على عباده من المهاجرين والأنصار بالرحمة التي جعلها في قلب نبيه لهم، وهذه الرحمة تحمله صلى الله عليه وسلم على العفو عن مسيئهم، والاستغفار لهم، ومشاورتهم في كل أمر ذي بال، فلا ينفرون من حوله، ولا يهجرون مجلسه صلى الله عليه وسلم. فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت. تفسير قوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم... ) تفسير قوله تعالى: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم... ) قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات قال المؤلف غفر الله لنا وله: [ معنى الآيات: ما زال السياق -سياق الحديث والكلام في طريق واحد- في الآداب والنتائج المترتبة على غزوة أحد، ففي هذه الآية يخبر تعالى عما وهب رسوله وأعطاه من الكمال الخلقي الذي هو قوام الأمر] إذ وهبه الله من الكمال الخلقي الذي هو قوام الأمر، ولولا أخلاقه التي وهبه الله إياها لهرب الناس من حوله وما جالسوه ولا أخذوا عنه، ومعنى هذا أيها المربي اسلك مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أن تتعنتر وتنتقد وتطعن، فإن ذلك لا ينفع. قال: [فيقول: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ [آل عمران:159] أي: فبرحمة]؛ لأن الميم مزيدة، ونظير هذه الميم ما جاء في قوله تعالى: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ [المؤمنون:40]، إذ أصلها: عن قليل، وزيدت الميم لتقوية الكلام والمعنى بعد ذلك، وقوله تعالى: جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ [ص:11]، أي: جندٌ هنالك مهزومون، والقاعدة عند العرب تقول: زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى، وهذا كلام العرب الذي علمهم الله إياه وأنطقهم به وأنزل به كتابه.
فبما رحمة من الله لنت لهم | المنشاوي - YouTube
[ خامساً: طلب النصر من غير الله خِذلان، والمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله الله عز وجل]. فاللهم انصر عبادك المؤمنين الذين آمنوا بك وبلقائك وبذلوا ما استطاعوا أن يبذلوه من أجل نصرة دينك وعبادك المؤمنين، اللهم إن وِجدوا فانصرهم وكن لهم ولياً ونصيراً، آمين. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.