إِنْ كُنتَ لَا تَرحَمُ المِسكِينَ إِنْ عَدِمَا.... الله خير حافظا وهو ارحم الراحمين. وَلَا الفَقِيرَ إِذَا يَشكُو لَكَ العَدَمَـا فَكَيفَ تَرجُـــو مِنَ الرَّحمَنِ رَحمَـتَهُ.... وَإِنَّمَا يَرحَمُ الرَّحمَنُ مَنْ رَحِمَا إن هذه القسوة التي تصيب القلوب هي في حقيقتها عقوبة من الله تعالى لبعض عباده جزاء ما اقترفوه، كما قال مالك بن دينار رحمه الله: "ما ضُرِب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم. " فكن رحيما مع جميع الخلق، لطيفا مع كل عباد الله، وإن لم تستطع نفع إنسان فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه، وإن لم تقف معه فلا تعن عليه، وإن لم تفرح بنعمته فلا تحسده، وإن لم تمنحه الأمل فلا تحبطه.. لا تكن جاف المشاعر، بخيل اليد، قاسي القلب، ولكن كن رحيما فـ" الراحمون يرحمهم الرحمن ".
الحمد لله. هذا الحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/728) قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله العماني ، ثنا مسعود بن زكريا التستري ، ثنا كامل بن طلحة ، ثنا فضال بن جبير ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله ملكا موكلا بمَن يقول: يا أرحم الراحمين. فمن قالها ثلاثا قال الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فاسأل). قال الشيخ الألباني رحمه الله: " ضعيف. قال الذهبي: " فضال: ليس بشيء. قال ابن عدي في "الكامل" (1/325): " ولفضال بن جبير عن أبي أمامة قدر عشرة أحاديث كلها غير محفوظة ".... ثم روى الحاكم من طريق الفضل بن عيسى ، عن عمه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلي الله عليه وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين! الله خيرا حافظا وهو ارحم الراحمين. فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: " سل ؛ فقد نظر الله إليك ". وقال الحاكم: " الفضل بن عيسى هو الرقاشي ، وأخشى أن يكون عم يزيد بن أبان ، إلا أني قد وجدت له شاهداً من حديث أبي أمامة " انتهى. ثم ساق حديث الترجمة. قلت – (الألباني) -: ويزيد بن أبان - وهو الرقاشي – متروك. والفضل بن عيسى ضعفوه كما في "المغني" ، وقال فيه الحافظ: " منكر الحديث " انتهى.
وأما خصوص رحمته: فلعباده المؤمنين ، فهو يلطف بهم في الشدة والرخاء ، يزيد على لطف الوالدة بولدها " انتهى من "كشف المشكل" (1/ 94). والحاصل: أن رحمة الله الخاصة ، في الدار الآخرة: إنما تكون لأوليائه وأحبائه من أهل التوحيد ، أما من مات على الكفر معاندا ومستكبرا فلا حظ له في رحمة الله ، وينتقل عنها إلى عدله سبحانه ؛ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ، وحاق بالكافرين ما كانوا به يكذبون ، ويستهزئون. الشيخ محمد بن صالح العثيمين-العقيدة الواسطية-10a-5. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " يقول تعالى لهم - يعني للكافرين - إذا سألوا الله أن يخرجهم من النار ، وتوسلوا إلى الله تعالى بربوبيته ، واعترافهم على أنفسهم: ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) المؤمنون/ 107 ؛ فلا تدركهم الرحمة ، بل يدركهم العدل، فيقول الله عز وجل لهم: ( اخسئوا فيها ولا تكلمون) المؤمنون/ 108 ". انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 28). والله أعلم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله، قال: سماء فوق سماء. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لتركَبَنّ الآخرة بعد الأولى. * ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: الآخرة بعد الأولى. وقال آخرون ممن قرأ هذه القراءة: إنما عُنِي بذلك أنها تتغير ضروبًا من التغيير، وتُشَقَّقُ بالغمام مرّة وتحمرّ أخرى، فتصير وردة كالدهان، وتكون أخرى كالمهل. تفسير قوله تعالى لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ - من محاضرات التفسير ببرنامج أكاديمية زاد - YouTube. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن وهب، عن مرّة، عن ابن مسعود ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: السماء مرّة كالدِّهان، ومرّة تَشَقَّق. حدثنا ابن المثني، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: سمعت أبا الزرقاء الهَمْداني، وليس بأبي الزرقاء الذي يحدث في المسح على الجوربين، قال: سمعت مُرّة الهمداني، قال: سمعت عبد الله يقول في هذه الآية ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: السماء. حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ، قال: ثنا عليّ بن غراب، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: هي السماء تغبرّ وتحمرّ وتَشَقَّق.
وقد سبق أنه لا فرق بين القراءتين وأنهما بمعنى واحد على الصواب. و(منها) (على قراءة ضم الباء): القول بأن المراد لتركبن سنن الأولين ممن كان قبلكم وأحوالهم. قال ابن عاشور*: وجملة لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ نسج نظمها نسجاً مجملاً لتوفير المعاني التي تذهب إليها أفهام السامعين، فجاءت على أبدع ما ينسج عليه الكلام الذي يرسل إرسال الأمثال من الكلام الجامع البديع النسج الوافر المعنى ولذلك كثرت تأويلات المفسرين لها. قال صاحب الظلال*: «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ».. أي لتعانون حالاً بعد حال، وفق ما هو مرسوم لكم من تقديرات وأحوال. What does this verse mean: لتركبن طبقا عن طبق?. ويعبر عن معاناة الأحوال المتعاقبة بركوبها. والتعبير بركوب الأمور والأخطار والأهوال والأحوال مألوف في التعبير العربي، كقولهم: «إن المضطر يركب الصعب من الأمور وهو عالم بركوبه».. وكأن هذه الأحوال مطايا يركبها الناس واحدة بعد واحدة. وكل منها تمضي بهم وفق مشيئة القدر الذي يقودها ويقودهم في الطريق، فتنتهي بهم عند غاية تؤدي إلى رأس مرحلة جديدة، مقدرة كذلك مرسومة ، كتقدير هذه الأحوال المتعاقبة على الكون من الشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق. حتى تنتهي بهم إلى لقاء ربهم ، الذي تحدثت عنه الفقرة السالفة.. وهذا التتابع المتناسق في فقرات السورة، والانتقال اللطيف من معنى إلى معنى، ومن جولة إلى جولة، هو سمة من سمات هذا القرآن البديع".
إعراب الآية (33): {وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (33)}. (وَما) الواو حالية (ما) نافية (أُرْسِلُوا) ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل و(عَلَيْهِمْ) متعلقان بالفعل و(حافِظِينَ) حال والجملة حال.. إعراب الآية (34): {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)}. (فَالْيَوْمَ) الفاء حرف استئناف و(اليوم) ظرف زمان و(الَّذِينَ) مبتدأ (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة و(مِنَ الْكُفَّارِ) متعلقان بما بعدهما (يَضْحَكُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.. لتركبن طبقا عن طبقا. إعراب الآية (35): {عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (35)}. (عَلَى الْأَرائِكِ) الجار والمجرور متعلقان بما بعدهما (يَنْظُرُونَ) الجملة حال.. إعراب الآية (36): {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (36)}. (هَلْ) حرف استفهام (ثُوِّبَ) ماض مبني للمجهول و(الْكُفَّارُ) نائب فاعل والجملة مقول قول محذوف و(ما) مفعول به (كانُوا) كان واسمها (يَفْعَلُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر كانوا وجملة كانوا صلة ما.. سورة الانشقاق: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.. إعراب الآية (1): {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (1)}.
أخوكم ومحبكم صالح بن سليمان الراجحي [email protected]
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (19) وقوله: ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأه عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه وابن عباس وعامة قرّاء مكة والكوفة ( لَتَرْكَبَنَّ) بفتح التاء والباء. واختلف قارئو ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم: لَتَرْكَبنَ يا محمد أنت حالا بعد حال، وأمرًا بعد أمر من الشدائد. * ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، أن ابن عباس كان يقرأ: ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) يعني نبيكم صلى الله عليه وسلم حالا بعد حال. لتركبن طبقا عن طبق - بريق المعارف. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عُلَيَة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجل حدّثه، عن ابن عباس في ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: منـزلا بعد منـزل. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) يقول: حالا بعد حال. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) يعني: منـزلا بعد منـزل، ويقال: أمرًا بعد أمر، وحالا بعد حال. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت مجاهدًا، عن ابن عباس ( لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
ففي هذا كله دليل على أن الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل ولكن صح عن مجاهد أنه [ ص: 359] قال في هذه الآية ( فلا أقسم بالشفق) هو النهار كله وفي رواية عنه أيضا أنه قال الشفق الشمس. رواهما ابن أبي حاتم وإنما حمله على هذا قرنه بقوله تعالى ( والليل وما وسق) أي: جمع كأنه أقسم بالضياء والظلام وقال ابن جرير أقسم الله بالنهار مدبرا وبالليل مقبلا. وقال ابن جرير وقال آخرون الشفق اسم للحمرة والبياض. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الإنشقاق - الآية 19. وقالوا هو من الأضداد.