أما المذهب الثاني، فيرى أن قوله تعالى: { والراسخون في العلم} معطوف على قوله: { وما يعلم تأويله إلا الله} وعلى هذا يكون تفسير الآية: أن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه من القرآن. وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنا من الراسخين في العلم، الذين يعلمون تأويله. ولقد صدق رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له، فقال: ( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) رواه أحمد. قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره، أقفه عند كل آية، وأسأله عنها. وقد تواترت النقول عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تكلم في جميع معاني القرآن، ولم يقل عن آية إنها من المتشابه الذي لا يعلم أحد تأويله إلا الله. وقد صحح الإمام النووي هذا القول، مستدلاً على صحته، بأنه يبعد أن يخاطب سبحانه عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته. والحق، فإنه لا يوجد تعارض بين هذين المذهبين، والتوفيق بينهما أمر ممكن ومتيسر، وذلك إذا علمنا المقصود من لفظ ( التأويل) الوارد في قوله تعالى: { وما يعلم تأويله إلا الله}. وبالرجوع إلى معنى ( التأويل) يتبين لنا أن هذا اللفظ يُطلق على معنيين: الأول: ( التأويل) بمعنى التفسير، فتأويل الكلام تفسيره، وتوضيح معناه.
الآن عرفنا المعنى الأول الذي يقصد به التأويل، وهو صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى معناه المرجوح لدليل يقترن به. التأويل في اصطلاح المفسرين المعنى الثاني: أن التأويل هو تفسير الكلام سواء وافق ظاهره أم لم يوافق، قال: (وهذا هو معنى التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين وغيرهم) يعني إذا قال المفسرون: تأويل هذه الآية، فمعنى كلامهم تفسيرها، وليس مرادهم بذلك صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى مرجوح يحتمله النص لدليل. قال: (وهذا التأويل يعلمه الراسخون في العلم، وهو موافق لوقف من وقف من السلف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)، فالراسخون في العلم يعلمون تأويله، ولكن العطف هنا لا يقتضي المشاركة من كل وجه في العلم، بل علم الله سبحانه وتعالى تام لا يلحقه نقص، وأما علم الراسخون في العلم فهو علم قاصر، يشتمل على علم المعاني دون علم الحقائق الذي يشير إليه في المعنى الثالث. يقول: (كما نقل ذلك عن ابن عباس و مجاهد و محمد بن جعفر بن الزبير و محمد بن إسحاق و ابن قتيبة وغيرهم، وكلا القولين حق) مقصوده كلا القولين في الوقف: فمن وقف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ أصاب ومن وقف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أصاب، لكن الأول هو قول الجمهور وقول أكثر السلف، والثاني قال به بعضهم.
أما الذين ذهبوا إلى أنه يمكن للعلماء العلم بالتأويل، فإنهم يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الأول، أي: معنى التفسير، وهذا أيضاً لا يختلف فيه اثنان. ويمكن أن نمثِّل لهذا بمثال يزيد الأمر وضوحاً وجلاءً، فنقول: إن صفة العلم التي وَصَفَ الله بها نفسه، وكذلك باقي الصفات، يمكن للعلماء تأويلها، بمعنى تفسيرها، أما تأويلها بمعنى معرفة حقيقة هذه الصفة، أو معرفة حقيقة باقي صفاته سبحانه، فهذا ما لا سبيل لأحدٍ إليه، كما سنبين ذلك لاحقًا.
الإثنين 25/أبريل/2022 - 11:27 ص تحرير سيناء تحل اليوم ذكرى عيد تحرير سيناء (25 أبريل من كل عام)، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها وفقا لمعاهدة كامب ديفيد. وشهدت رحلة تحرير سيناء العديد من المراحل، ترصدها «الدستور» خلال السطور المقبلة، حيث شهد يوم 25 أبريل عام 1982 رفع العلم المصري على سيناء، بعد استعادتها كاملة من إسرائيل ماعدا طابا التي عادت عام 1988. اتفاقية كامب ديفيد pdf. رحلة تحرير سيناء بدأت بمعركة 1967 اعتمادا على وسائل النضال، حيث خاضت القوات المسلحة معارك شرسة خلال حرب الاستنزاف، ومن ثم استكمالها خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وبعدها مباشرة حدثت العديد من المفاوضات وتم توقيع اتفاقية كامب ديفيد وتلاها توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979. كان لحرب أكتوبر عامل قوى في استعادة سيناء، حيث مهدت الطريق لعقد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في سبتمبر 1978 م إثر مبادرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات التاريخية في نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس، وبعدها توصلت اتفاقية السلام مع إسرائيل إلى إنهاء الحرب بين الطرفين وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.
وحددت اتفاقية كامب ديفيد مناطق عمل القوات المسلحة المصرية في سيناء، عبر تقسيمها إلى 3 مناطق: "أ" و"ب" وهما محددتان بعدد معين من القوات، وصولا إلى المنطقة "ج" منزوعة القوات والسلاح العسكري، التي كان يوجد فيها قوات شرطية بسلاح خفيف، وهي المنطقة التي شملتها التعديلات للسماح بوجود قوات عسكرية مصرية. وكشفت المصادر عن تشكيل لجان مصرية مشتركة من القوات المسلحة، وجهاز المخابرات العامة، ووزارة الخارجية، تعمل على إعداد تصور لتعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، لملاءمتها للرؤية المصري للتهدئة في قطاع غزة، ومنح القاهرة مزيدا من المسؤولية بشأن القطاع المحاصر منذ عام 2007. وقالت المصادر إن "الطبخة المصرية بشأن اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار والتوصّل إلى تهدئة في قطاع غزة يتم تجهيزها على نار هادئة"، مشددة على أن القاهرة تعمل على التوصل إلى تهدئة شاملة، ولن تقتصر فقط على صفقة لتبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس". اتفاقيه كامب ديفيد ياسر عرافات. وتهدف التعديلات المقترحة على اتفاقية كامب ديفيد، بحسب التقرير، إلى "تهيئة الأوضاع في شمال سيناء والمناطق الحدودية للدور الجديد المرتقب الذي تلعبه مصر تجاه قطاع غزة، والذي يتضمن التعامل مع زيادة أعداد المسافرين عبر معبر رفح الحدودي، وتجهيز بنية تحتيّة تكون قادرة على استيعاب الخطوات الجديدة، من مقرات إقامة مؤقتة للفلسطينيين المسافرين عبر المعبر، وكذلك شبكة مواصلات وطرق مؤمنة ومراقبة، وهو ما يستدعي معه تعديلات دقيقة في بعض بنود الاتفاقية".
وأشار إلى "الظروف الصعبة التي عاشتها مصر والشعب المصري وقواته المسلحة قبل حرب نصر أكتوبر، بعدما تم فقد معداتنا بعد يونيو 1967، فكان للمرة الأولى نرى الجيش الإسرائيلي على الصفة الشرقية لقناة السويس، ومن هنا جاء الإصرار رافعين شعار "إما النصر أو الشهادة". ووجه رسالة إلى الشعب المصري على الاستعداد والثقة في النصر، ولا سيما مع توافر الإمكانات والصلابة والثقة الكبيرة في القيادة السياسية. وخلال السنوات الأخيرة، أطلقت القوات المسلحة المصرية أكثر من عملية عسكرية استهدفت بها العناصر الإرهابية، كان أبرزها عملية سيناء 2018، محققة إنجازات كبيرة ضد العناصر التكفيرية شديدة الخطورة.