لقد كان الحلم مقلقاً للملك حتى إنه جمعهم وسألهم تأويله ، فجوابهم الأول كان تسرعاً وتخلصاً غير موفّق فأتبعوه بالاعتراف بجهلهم حين قالوا:{ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ} وهذه محْمدة لهم تحسب لصالحهم ، فنصف العلم " لا أدري " والاعتراف بالواقع فضيلة. ووقت النجاة في علم الله ، ولا يدري أحدنا متى يأتيه الفرج. ولربما لا يجرؤ الساقي أن يشفع ليوسف ولو تذكره ، فخصام يوسف مع النبلاء والملأ من القوم الذين أودعوه السجن لستر مخازيهم ووأد القصة التي يزعجهم انتشارها ، ولن يفرّط الملك بولاء حاشيته للنظر في قضية شاب مغمور! إنه لن يجد من الملك أذناً صاغية. هذا لو لم ينسَ ، فكيف وقد نسي؟ إن للفرج أوقاتاً يأذن بها الله تعالى ، فتجده بين يديك سهلاً ميسوراً بعد أن كنت تظنه صعب المنال ، وكلنا لمس ذلك بيديه ورآه بعيني قلبه ورأسه. فالساقي يرى ويسمع ، يرى تلهف الملك لمعرفة ما رآه ، ويسمع ضعف جواب الآخرين فيتذكر يوسف الذي أوّل له رؤياه ، وبشره بالنجاة. وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين. فقال واثقاً: { أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} باختصارٍ للموقف سريعٍ ننتقل إلى السجن فنسمع الساقي يخاطب يوسف عليه السلام بأدب واحترام ، وللمؤمن التقي مكانته الرفيعة ولو كان في السجن: { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ.. } ومرتبة الصدّيق لا ينالها إلا من يستحقها عن جدارة.
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:- (( اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ)) الدكتور عثمان قدري مكانسي للمظلوم أن يطرق كل باب ليصل إلى حقه ، وهذا سيدنا يوسف حين أوّل لعاصر الخمر رؤيته طلب إليه أن يذكر ظلامته عند الملك - حين يجد لديه أذناً صاغية - عله ينصفه ، فقد دخل السجن ظلماً وعدواناً على الرغم أن العزيز - زوج المرأة - حين رأى قميصه قدّ من دبر أقر أن الخطأ كان من زوجته ، وطلب من يوسف أن يتناسى الأمر كي لا ينتشر بين الناس { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)}(يوسف). لكن الضعيف – في كثير من الأحيان – يكون كبش فداء لمفاسد الملأ من القوم. وهذه طبيعة البشر حين يضعف الإيمان في قلوبهم. اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ / د. عثمان قدري مكانسي - شبكة الدفاع عن السنة. وربما ظنّ يوسف عليه السلام أن الناجي قد يَعُد تأويلَ الرؤيا دَيناً في عنقه يؤديه في الوقت المناسب فطلب إليه أن يذكره عند الملك عله ينال حقه المهضوم { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ} وعلى الرغم أن يوسف عليه السلام قال في معرض أفضال الله تعالى عليه { ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} وقد علمه تأويل الأحاديث وكان متأكداً من صدق تأويل الحلم فإن القرآن استعمل كلمة { ظَنَّ} بدل كلمة " علم " في قوله تعالى: { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا} وهذه لفتة تربوية رائعة تفيد أن العلم يبقى ظناً ما لم يتحقق.
فماذا حصل؟ ربما بسبب شعور الفرحة بالخروج من السجن لدى الساقي، نسي السجن ومن فيه وكل ما يرتبط به، وقد أوضح القرآن ذلك حين ذكر الله حال الساقي بعد الخروج من السجن:"... فأنساه الشيطان ذكر ربه.. ".
لقد كان الحلم مقلقاً للملك حتى إنه جمعهم وسألهم تأويله ، فجوابهم الأول كان تسرعاً وتخلصاً غير موفّق فأتبعوه بالاعتراف بجهلهم حين قالوا " وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " وهذه محْمدة لهم تحسب لصالحهم ، فنصف العلم " لا أدري " والاعتراف بالواقع فضيلة. وقت النجاة في علم الله ، ولا يدري أحدنا متى يأتيه الفرج. ولربما لا يجرؤ الساقي أن يشفع ليوسف ولو تذكره ، فخصام يوسف مع النبلاء والملأ من القوم الذين أودعوه السجن لستر مخازيهم ووأد القصة التي يزعجهم انتشارها ، ولن يفرّط الملك بولاء حاشيته للنظر في قضية شاب مغمور! إنه لن يجد من الملك أذناً صاغية. هذا لو لم ينسَ ، فكيف وقد نسي؟ إن للفرج أوقاتاً يأذن بها الله تعالى ، فتجده بين يديك سهلاً ميسوراً بعد أن كنت تظنه صعب المنال ، وكلنا لمس ذلك بيديه ورآه بعيني قلبه ورأسه. فالساقي يرى ويسمع ، يرى تلهف الملك لمعرفة ما رآه ، ويسمع ضعف جواب الآخرين فيتذكر يوسف الذي أوّل له رؤياه ، وبشره بالنجاة. فقال واثقاً " أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون " باختصارٍ للموقف سريعٍ ننتقل إلى السجن فنسمع الساقي يخاطب يوسف عليه السلام بأدب واحترام ، وللمؤمن التقي مكانته الرفيعة ولو كان في السجن " يوسف أيها الصدّيق.. " ومرتبة الصدّيق لا ينالها إلا من يستحقها عن جدارة.