السؤال: ما حكم التوسل؟ الإجابة: هذا سؤال مهم، فنحب أن نبسط الجواب فيه؛ فأقول: التوسل: مصدر توسل يتوسل أي اتخذ وسيلة توصله إلى مقصوده؛ فأصله طلب الوصول إلى الغاية المقصودة. وينقسم التوسل إلى قسمين: القسم الأول: قسم صحيح، وهو التوسل بالوسيلة الصحيحة الموصلة إلى المطلوب؛ وهو على أنواع نذكر منها: النوع الأول: التوسل بأسماء الله تعالى؛ وذلك على وجهين: الوجه الأول: أن يكون ذلك على سبيل العموم؛ ومثاله ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في دعاء الهم والغم قال: "اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي. "الخ؛ فهنا توسل بأسماء الله تعالى على سبيل العموم "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ". حكم التوسل بجاه النبي عليه. الوجه الثاني: أن يكون ذلك على سبيل الخصوص بأن يتوسل الإنسان باسم خاص لحاجة خاصة تناسب هذا الاسم، مثل ما جاء في حديث أبي بكر رضي الله عنه حيث طلب من النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً يدعو به في صلاته، فقال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " فطلب المغفرة والرحمة وتوسل إلى الله تعالى باسمين من أسمائه مناسبين للمطلوب وهما " الغفور " و " الرحيم ".
[5] حكم التوسل بالقرآن إنَّ التوسل بالقرآن الكريم أو بآية من آياته الكريمة هو أمر جائز لا حرج فيه، فإنَّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى وأحد صفاته، ولا حرج في طلب الوسيلة من خلال أحد صفات الله تعالى، كما كان الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يستعيذ بكلام القرآن ولا يجوز الاستعاذة بمخلوق، وقد قال في ذلك الشيخ ابن عثيمين: " الدعاء بالقرآن الكريم، يعني أن يسأل الإنسان ربه بكلامه، والقرآن صفة من صفات الله عز وجل، فإنه كلام الله تكلم به حقيقة لفظا، وأراده معنى، فهو كلامه عز وجل، وإذا كان صفة من صفاته، فالتوسل به جائز"، والله أعلم. حكم التوسل بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم - إسلام ويب - مركز الفتوى. [6] أشكال التوسل بالنبي إنَّ للتوسل بالنبي أثناء الدعاء أنواع وأشكال يُمكن أن تختلف من حيث حُكمها، وهي كالتالي: [7] التوسل بالإيمان برسول الله، ودعاء المرء إلى الله تعالى مُتوسلًا باتّباعه النبي، وهو أمر جائز لا حرج فيه، ومثال ذلك أن يقول العبد: "اللهم إني آمنت بك وبرسولك فحقق سؤالي.. ". التوسل بدعاء النبي، وهو أمر جائز في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أمَّا بعد موته فهو لا يجوز. التوسل بمنزلة النبي ومكانته وحقه، وهو توسّل غر جائز وغير مشروع لا في حياة الرسول ولا بعد مماته.
ا نتهى. والله أعلم.
انتهى من " فتاوى نور على الدرب ". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " لو قيل: يحمل قول القائل أسألك بنبيك محمد على أنه أراد: أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك ؟ وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع ؟ قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع ، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره - كان هذا حسنا ؛ وحينئذ: فلا يكون في المسألة نزاع. ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ، ولا يريدون هذا المعنى ؛ فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر. وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به: التوسل بدعائه وشفاعته ، وهذا جائز بلا نزاع ؛ ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ " انتهى من " قاعدة جليلة " (ص119). ثالثا: التوسل بذوات المخلوقين. وهذا من البدع المنكرة شرعا ، والمنكرة عرفا ولفظا ، وفيه من التقدم بين يدي الله ، والتصرف بما لم يأذن به ، والمخالفة لمقاصد الداعي والمتوسل والمستشفع ، ما يخل بمقام الأدب في الدعاء. حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته - إسلام ويب - مركز الفتوى. قال شيخ الإسلام " وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل ولا طلب له حاجة بل وقد لا يعلم بسؤاله، فليس هذا استشفاعا لا في اللغة ولا في كلام من يدري ما يقول.. " انتهى من " الفتاوى " (1/242).
فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة ولا مِنْه سبب يقتضى الإجابة لم يكن متشفعاً بجاههم، ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سأل بأمر أجنبي عنه ليس سبباً لنفعه، ولو قال الرجل لِمُطَاعٍ كبير: "أسألك بطاعة فلان لك، وبحبِّك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذي أوجبته طاعته لك" لكان قد سأله بأمر أجنبي لا تعلّق له به، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ومحبته لهم وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه ليس في ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب. نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له وطاعته له واتِّباعه لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضى إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل. حكم التوسل بجاه النبي في. أ. هـ. ومما يَستدل به من يتوسّل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ما يُروى عنه عليه الصلاة والسلام: "إذا سألتم الله فاسألوه بِجاهِي، فإن جاهي عند الله عريض"، وهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تجوز روايته، ولا يَحِلّ تناقله إلا على سبيل التحذير منه. يقول علامة الشام الشيخ جمال الدين القاسمي في تفسيره: إن لَفظ: (الجاه) الذي يُضيفونه إلى الأنبياء والأولياء عند التوسّل، مفهومه العرفي هو السُّلْطة، وإن شئت قلت نفاذ الكلمة عند من يُستَعمل عليه أو لديه، فيُقال: فلان اغتصب مال فلان بِجاهِه، ويُقال: فلان خلّص فُلاناً من عقوبة الذنب بِجاهِه، لدى الأمير أو الوزير مثلاً، فَزَعْمُ زاعِم أن لفلان جاهاً عند الله بهذا المعنى، إشراك جَليّ لا خَفيّ.