فالحالتان في الآيتين متساويتان متطابقتان، وهذا يغني عن الإفاضة في التبيين. · قال الشاعر (أوضح المسالك 1/363): تزوَّدْتُ مِن ليلى بتكليم ساعةٍ فما زاد إلاّ ضعفَ ما بي كلامُها [إلاّ]: أداة حصر، [ضعفَ]: مفعول به مقدَّم، [كلامُها]: فاعل مؤخَّر. والتقديم والتأخير هاهنا جائزان، على المنهاج. وذلك أنّ تقديم المفعول، إنما يكون واجباً في حالتين فقط، هما أن يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، أو أن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. اعراب المفعول به - حياتكَ. وليس في البيت أيّ من الحالتين. ودونك شواهد أخرى تؤيّد الجواز: · قال دعبل الخزاعي (أوضح المسالك 1/362): ولمّا أبى إلاّ جماحاً فؤادُه ولم يسلُ عن ليلى بمالٍ ولا أهلِ [إلاّ]: أداة حصر، [جماحاً]: مفعول به مقدَّم، [فؤادُه]: فاعل مؤخّر. وقد قدّم الشاعر المفعول به: [جماحاً]- وهو اسم محصور - على الفاعل: [فؤادُه]. إذ التقديم والتأخير جائزان. ولا يكون تقديم المفعول واجباً إلاّ في حالتين، لانملّ أنْ نكررهما: أنْ يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، وأن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. · ودونك أخيراً شاهداً من هذه المسطرة، هو قول الشاعر (أوضح المسالك 1/369): فلم يدْرِ إلاّ اللّهُ ما هيَّجتْ لنا - عشيَّةُ آناءِ الديارِ - وَشامُها (4) فالمحصور في البيت، هو لفظ الجلالة: [الله]، والأصل: فلم يدْرِ ما هيَّجت لنا إلاّ اللهُ.
فالكلمتين: أيَّ ومَن في محل نصب مفعول به مقدّم. إذا كان المفعول به هو كم أو كأين الخبريتين، مثل: كم كتابٍ قرأت، كأين من كتاب قرأت. إذا كان يُقصَد به أن يكون محصوراً، من غير أداة حصر، ومثال ذلك: إياك أعني، اللهَ أعبدُ؛ فكلٌّ من (إياك)، ولفظ الجلالة (الله) مفعول به مقدّم. علامات إعراب المفعول به - سطور. حذف الفعل يجوز حذف الفعل ويبقى المفعول به إن دلّت عليه قرينة، أي إن أمكن معرفة الفعل من سياق الكلام، كقولنا: الصدقَ الصدقَ، فالصدق مفعول به لفعل محذوف تقديره الزم، وهو أسلوب شائع في الحياة اليومية ويُسمّى أسلوب الإغراء، ومن أمثلة هذه الأساليب أيضاً أساليب التحذير، مثل الحفرةَ الحفرةَ، فتقدير الفعل احذر الحفرة، وكأسلوب الاختصاص أيضاً نحو: نحن -الآباء- حريصون على أولادنا. فالآباء مفعول به لفعل محذوف تقديره نخصّ أو نعني. وكأن يسأل أحدهم: ما صنعت؟ فيجيب الآخر: خيراً. والأصل صنعتُ خيراً، وهنا دلّت عليه قرينة. تعدّد المفاعيل قد تتعدّد المفاعيل للفعل نفسه، فبعض الأفعال متعدّية لمفعولين كأفعال القلوب وأفعال الرجحان مثل: ظنَّ العامل الأمرَ صعباً، وبعضها يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل مثل: أعلمتُك الخبرَ صادقاً، وغيرها من الأفعال كالفعل أعطى في الجملة: أعطى الرجل الطفلةَ قطعةً من الحلوى.
ومن الممكن أن يتم حذف حرف الجرّ ويكون الاسم الواقع بعده إعرابه على أنّه مفعول به، وفي تلك الحالة سوف يُطلق عليه "على نزع الخافض"، ومن الأمثلة على ذلك: "أُعجبت أنّ الطالب راغب في العلم"، فأصل الجملة قبل أن يُحذف حرف الجرّ هو: "أُعجبت من أنّ الطالب راغب في العلم". وكذلك فإن المفعول به غير الصريح يأتي على صورة المصدر المؤول، كما في: "علمت أن محمدًا مجتهدٌ"، أي "علمت اجتهاد محمد"، فـ "اجتهاد" تُعرب مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. المفعول به الثاني قد يتم إيجاد أكثر من مفعول به في الجملة الواحدة، فمن الممكن أن يكون هناك مفعولين أو ثلاثة مفاعيل، ولكنه يتطلب أولًا وجود أحد الأفعال التي تتعدى لتنصب مفعولين أو ثلاثة، وتلك الأفعال نوعين وهي: أفعال تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر مثل: رأى، علم، وجد، درى، ألفى، ظَنَّ، حسب، خال، زعم. أفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر وهي: اعطى، كسا، وهب، منح، علَّمَ. ويتم إعراب المفعول الثاني بنفس علامات الإعراب للمفعول به، ومن الأمثلة على ذلك: رأيتُ العلمَ نافعاً. أمثلة على المفعول به من القرآن الكريم - موضوع. ألفيْتُ الصدقَ منجيًا. ظَنَّنت الأمرَ سهلًا. أعطيْتُ السائلَ درهماً.