يعني وشدة كربته، فقال ﷺ: ليس على أبيك كرب بعد اليوم! يعني نهاية الكرب الدنيا، ما يقع عند الموت من الشدة وبعدها المؤمن في راحة في قبره، وبعد ذلك في الجنة، فما يلقى من الشدة عند الموت تكفر بها الخطايا وترفع بها الدرجات، وليس على المؤمن كرب بعد ذلك. وقالت: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه! شرح حديث عجبا لأمر المؤمن. المقصود أنه من باب التوجع، وأبتاه يعني تتوجع مما أصابه عليه الصلاة والسلام، ثم قال: جنة الفردوس مأواه، والمقصود أن هذا مما يسلي المؤمن ويعزيه ويكون المؤمن ليس عليه كرب بعد اليوم نهاية كرب المؤمن عند الموت، ثم له الراحة في قبره وفي دار كرامته في الجنة فهذه نهاية المؤمن.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله. لأن الشكر ليس مجرد قول الإنسان: أشكُرُ الله بل هو قيام بطاعة الله -عز وجل. فيشكر اللهَ فيكون خيرًا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين، ونعمة الدنيا. نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر، هذه حال المؤمن، فهو على خير، سواء أصيب بسراء، أو أصيب بضراء. عجباً لأمر المؤمن - موسوعة عين. وأما الكافر: فهو على شر-والعياذ بالله- إن أصابته الضراء لم يصبر، بل تضجَّر، ودعا بالويل والثُّبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله -عز وجل- ونعوذ بالله. أصابته سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقابًا عليه في الآخرة، لأن الكافر لا يأكله أكلة، ولا يشرب إلا كان عليه فيها إثم، وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن، لكن على الكافر إثم، كما قال الله تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: ٣٢]، هي للذين آمنوا خاصَّة، وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الذين لا يؤمنون فليست لهم، ويأكلونها حرامًا عليهم، ويُعاقبون عليها يوم القيامة.
فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالى فيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماء وهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا وسوف تزول، وما من حزن إلا ويعقبه فرح، وأن مع العسر يسرا، وأنه لن يغلب عسر يُسرين. فلا حزن يدوم ولا سرور = ولا بؤس يدوم ولا شقاء فالمؤمن يرى المنح في طيّات المحن ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل! ويرى في الصفحة السوداء نُقطة بيضاء وفي سُمّ الحية ترياق! وفي لدغة العقرب طرداً للسموم! عجباً لأمر المؤمن - طريق الإسلام. مِمَّا يُستفاد من الحديث: 1- الحث على الإيمان وأن المؤمن دائما في خير ونعمة. 2- الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين. فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، تنتظر الفرج من الله - سبحانه وتعالى- وتحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت العكس فلُمْ نفسك، وعدِّل مسيرك، وتُبْ إلى الله. 3- الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [ إبراهيم: 7] وإذا وفَّق الله الإنسان للشكر؛ فهذه نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثالثة... وهكذا، لأن الشكر قلَّ من يقوم به، فإذا منَّ الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة.
عن الموسوعة نسعى في الجمهرة لبناء أوسع منصة إلكترونية جامعة لموضوعات المحتوى الإسلامي على الإنترنت، مصحوبة بمجموعة كبيرة من المنتجات المتعلقة بها بمختلف اللغات. © 2022 أحد مشاريع مركز أصول. حقوق الاستفادة من المحتوى لكل مسلم
فاجتمع في لفظ " آخذين " كنايتان ومجاز. روى أبو سعيد الخدري عن النبيء صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول: يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك. فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ [ ص: 348] فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا.. وفي إيثار التعبير عن الجلالة بوصف " رب " مضاف إلى ضمير المتقين معنى من اختصاصهم بالكرامة والإيماء إلى أن سبب ما آتاهم هو إيمانهم بربوبيته المختصة بهم وهي المطابقة لصفات الله تعالى في نفس الأمر. ان المتقين في جنات وعيون آخذين ما آثاهم. وجملة إنهم كانوا قبل ذلك محسنين تعليل لجملة إن المتقين في جنات وعيون ، أي كان ذلك جزاء لهم عن إحسانهم كما قيل للمشركين ذوقوا فتنتكم. والمحسنون: فاعلو الحسنات وهي الطاعات. وفائدة الظرف في قوله " قبل ذلك " أن يؤتى بالإشارة إلى ما ذكر من الجنات والعيون وما آتاهم ربهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فيحصل بسبب تلك الإشارة تعظيم شأن المشار إليه ، ثم يفاد بقوله " قبل ذلك " ، أي قبل التنعم به أنهم كانوا محسنين ، أي عاملين الحسنات كما فسره قوله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون الآية.
عضو جديد تاريخ التسجيل: 27-08-2014 المشاركات: 80 احسنتم جزاكم الله كل خير قبل عاشوراء، كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة بارك الله حضوركم موفقين أعزائي من فضلك اذا أحببت/ي نقل الموضوع لمنتدى آخر أكتب/ي تحته منقول ولك الأجر والثواب سجاد=سجاد14=سجادكم
- الشيخ: صفا بياضُها وسوادُها، هذه هي الحوراءُ، والعِينُ: ضخمةُ العينِ وكبيرةُ العينِ، الحورُ: جمعُ حوراء، والعِينُ جمعُ عيناء.