فعلى المختار يكون قوله: كتب عليكم القتال خبرا عن حكم سبق لزيادة تقريره ولينتقل منه إلى قوله: وهو كره لكم الآية ، أو إعادة لإنشاء وجوب القتال زيادة في تأكيده ، أو إنشاء أنفا لوجوب القتال إن كانت هذه أول آية نزلت في هذا المعنى بناء على أن قوله تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا إذن في القتال وإعداد له وليست بموجبة له. وقوله: وهو كره لكم ، حال لازمة وهي يجوز اقترانها بالواو ، ولك أن تجعلها جملة ثانية معطوفة على جملة: كتب عليكم القتال ، إلا أن الخبر بهذا لما كان معلوما للمخاطبين [ ص: 320] تعين أن يكون المراد من الإخبار لازم الفائدة ، أعني كتبناه عليكم ونحن عالمون أنه شاق عليكم ، وربما رجح هذا الوجه بقوله تعالى بعد هذا: والله يعلم وأنتم لا تعلمون. والكره بضم الكاف: الكراهية ونفرة الطبع من الشيء ومثله الكره بالفتح على الأصح ، وقيل: الكره بالضم المشقة ونفرة الطبع ، وبالفتح هو الإكراه وما يأتي على الإنسان من جهة غيره من الجبر على فعل ما بأذى أو مشقة ، وحيث قرئ بالوجهين هنا وفي قوله تعالى حملته أمه كرها ووضعته كرها ولم يكن هنا ولا هنالك معنى للإكراه تعين أن يكون بمعنى الكراهية وإباية الطبع كما قال الحماسي العقيلي: بكره سراتنا يا آل عمرو نغاديكم بمرهفة النصال رووه بضم الكاف وبفتحها.
والحق سبحانه وتعالى يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} إنه سبحانه يقول لنا: أعلم أن القتال كره لكم ولكن أردت أن أشيع فيكم قضية، هذه القضية هي ألا تحكموا في القضايا الكبيرة في حدود علمكم؛ لأن علمكم دائما ناقص، بل خذوا القضايا من خلال علمي أنا؛ لأنني قد أشرع مكروها، ولكن يأتي منه الخير. وقد تَرَون حبا في شيء ويأتي منه الشر. ولذلك ينبهنا الحق إلى أن كثيراً من الأمور المحبوبة عندنا يأتي منها الشر، فيقول الواحد منا: (كنت أتوقع الخير من هذا الأمر، لكن الشر هو ما جاءني منه). وهناك أمور أخرى نظن أن الشر يأتي منها، لكنها تأتي بالخير. ولذلك يترك الحق فلتات في المجتمع حتى يتأكد الناس أن الله سبحانه وتعالى لا يُجري أمور الخير على مقتضيات ومقاييس علم العباد، إنما يُجري الحكم على مقتضى ومقاييس وعلم رب العباد. ولننظر إلى ما رواه الحق مثلا للناس على ذلك: {وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فاتخذ سَبِيلَهُ فِي البحر سَرَباً فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هذا نَصَباً قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصخرة فَإِنِّي نَسِيتُ الحوت وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشيطان أَنْ أَذْكُرَهُ واتخذ سَبِيلَهُ فِي البحر عَجَباً قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصاً}.. [الكهف: 60-64].
ثم كتب في هذه السنة ، ونقل عن ابن عمر وعطاء: أن القتال كان واجبا في ذلك الوقت على الصحابة فقط وأن هذا هو المراد من الآية. وذهب السلف إلى أن القتال مندوب إليه واستدلوا بقوله تعالى في سورة النساء: ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى) ( 4: 95) وهو مردود بأن القاعدين هنا هم أولو الضرر العاجزون عن القتال لما نطقت به الآية ، وأما القاعدون كراهة في القتال فحكمهم في سورة ( براءة) وقيل: إن القتال يجب في العمر مرة واحدة ، وقد انعقد الإجماع بعد هذا الخلاف الذي كان في القرن الثاني على أن الجهاد من فروض الكفاية إلا أن يدخل العدو بلاد المسلمين فاتحا فيكون فرض عين. أما قوله تعالى: ( وهو كره لكم) فقد عده بعضهم من المشكلات إذ كيف يكره المؤمنون ما يكلفهم الله تعالى إياه وفيه سعادتهم ؟! وحمله جمهور المفسرين على الكره الطبيعي والمشقة ، وهذا لا ينافي الرضى به والرغبة في القيام بأعبائه من حيث إنه مما أمر الله به وجعل فيه المصلحة لحفظ دينه كما قال في آيات الإذن به من سورة الحج: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد) ( 22: 40) إلخ. وقوله: ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) معناه أن من الأشياء المكروهة طبعا ما تأتونه وأنتم ترجون نفعه وخيره كشرب الدواء البشع المر ، ومن الأشياء المستلذة طبعا ما يتوقع فاعلها الضر والأذى في نفسه أو من جهة منازعة الناس له فيه.
وقد جاءت هذه القصة في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: "أنَّ امرأةً يَهوديَّةً أتت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ بشاةٍ مسمومةٍ فأَكلَ منْها فجيءَ بِها إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فسألَها عن ذلِكَ ؟ فقالت: أردتُ لأقتلَكَ قالَ: ما كانَ اللَّهُ ليسلِّطَكِ على ذلكَ أو قالَ عليَّ فقالوا ألا نقتلُها قالَ لا قالَ أنس فما زلتُ أعرِفُها في لَهواتِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ". [3] شاهد أيضًا: موقف النبي مع كفار قريش عند فتح مكه البرِّ مع غير المسلمين ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين أنَّه كان يُبرَّهم ويقومُ بزيارتهم، ويظهر ذلك جليًا من خلال برِّه للغلام اليهودي الذي مرضَ، والذي قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم بزيارته ودعوته إلى الإسلام، وبالفعلِ أسلم الغلام. وقد روى الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذه القصة حيث قال: "كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يقولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".
المجموعة أمثلة من مجموعتنا 10000+ نتائج/نتيجة عن 'هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين' هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين اختبار تنافسي بواسطة Noufdawood المطابقة بواسطة Taifsaleem11111 هدي النبي (ص) في التعامل مع غير المسلمين بواسطة Walifs14115348 صلي كل حديث بما يدل عليه من هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين: بواسطة Srobinmhfooz هدي النبي مع غير المسلمين ❤️ صواب أو خطأ بواسطة U55004246 مهمة الادائية فاطمة ال سباع /هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين افتح الصندوق بواسطة Fattat091 من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع غير المسلمين. بواسطة Asmi5566 بواسطة Alreemb65 هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع غير المسلمين.
[٢] وقال في قومه حين أرسل الله إليه ملك الجبال مع جبريل؛ ليأمرَه الرسول بما يشاء: (بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا). هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين - موارد تعليمية. [٣] [٤] دعوة الرسول لأهل الديانات الأخرى تعامل الرسول مع أهل الديانات الأخرى بصورةٍ حَسَنةٍ؛ فكان يأخذ طعاماً من يهوديٍّ، ويرهن درعه بالمقابل. كما أبرم معهم المعاهدات، ولم يُجبِر أيّ أحدٍ منهم على الدخول في الإسلام، مع أنّه كان خائفاً على مصيرهم، وانحصرت دعوته لهم في معاملتهم بالتي هي أحسن، تاركاً لهم الحُرّية الكاملة في اختيار الدين والعقيدة؛ فلا إكراه فيه، قال الله -تعالى-: (فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر). [٥] [٦] تعامُل الرسول مع الرُّسُل والزعماء اتّسم تعامل الرسول مع الزعماء بالرقيّ الدبلوماسيّ كما ظهر جليّاً في رسائله إلى الملوك والزُّعماء؛ فقد خصّ كلّاً منهم بالاحترام والتقدير، وخاطب كلّ زعيمٍ بوَصفه بصرف النظر عن مخالفتهم له. فأرسل رسالةً إلى قيصر الروم يدعوه إلى الإسلام، ومُخاطباً إيّاه بأنّه عظيم الروم، وخاطب كسرى بأنّه عظيم الفرس، والمقوقس بعظيم القِبط، والنجاشيّ بعظيم الحبشة، ولم يتوقّف الأمر على ذلك، بل كان يُكرم الرُّسُل والوفود، ويُحسن استقبالهم وضيافتهم، ويُخصّص لهم المنازل.
بتصرّف. ↑ سورة الممتحنة، آية: 8. ↑ شيرين علي (11-2-2015)، "معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2020. بتصرّف. ↑ محمود صالح عبد الرؤوف الدمياطي (2016)، موقف الإسلام من التعايش مع أهل الكتاب (الطبعة الأولى)، غزة: الجامعة الإسلامية، صفحة 47-52. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد، الصفحة أو الرقم: 1312، صحيح. ↑ "معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين" ، ، 11-2-2015، اطّلع عليه بتاريخ 6-8-2020. بتصرّف. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عدة من أبناء أصحاب النبي، الصفحة أو الرقم: 3052، صحيح. ↑ علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري ( 1422هـ - 2002م)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ، بيروت -لبنان: دار الفكر، صفحة 2625، جزء 6. هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3166، صحيح. ↑ "حديث (مَن قَتَلَ مُعاهَدًا)" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 6-8-2020. بتصرّف.