{ويقولون حجرا محجورا}يريد تقول الملائكة حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال لا إله إلا الله، وأقام شرائعها؛ عن ابن عباس وغيره. وقيل: إن ذلك يوم القيامة؛ قال مجاهد وعطية العوفي. قال عطية: إذا كان يوم القيامة تلقى المؤمن بالبشرى: فإذا رأى ذلك الكافر تمناه فلم يره من الملائكة. وانتصب {يوم يرون} بتقدير لا بشرى للمجرمين يوم يرون الملائكة. {يومئذ} تأكيد لـ {يوم يرون}. قال النحاس: لا يجوز أن يكون {يوم يرون}منصوبا بـ {بشرى} لأن ما في حيز النفي لا يعمل فيما قبله، ولكن فيه تقدير أن يكون المعنى يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة؛ ودل على هذا الحذف ما بعده، ويجوز أن يكون التقدير: لا بشرى تكون يوم يرون الملائكة، و{يومئذ} مؤكد. ويجوز أن يكون المعنى: اذكر يوم يرون الملائكة: ثم ابتدأ فقال {لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا} أي وتقول الملائكة حراما محرما أن تكون لهم البشرى إلا للمؤمنين. إعراب قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنـزل علينا الملائكة أو نرى ربنا الآية 21 سورة الفرقان. قال الشاعر: ألا أصبحت أسماء حجرا محرما ** وأصبحت من أدنى حموتها حما أراد ألا أصبحت أسماء حراما محرما. وقال آخر: حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها ** حجر حرام ألا تلك الدهاريس وروي عن الحسن أنه قال {ويقولون حجرا} وقف من قول المجرمين؛ فقال الله عز وجل {محجورا} عليهم أن يعاذوا أو يجاروا؛ فحجر الله ذلك عليهم يوم القيامة.
واعلم أن أهل الشرك شهدوا أنفسهم بإنكار البعث وتوهّموا أن شبهتهم في إنكاره أقوى حجة لهم في تكذيب الرسل ، فمن أجل ذلك أيضاً جعل قولهم ذلك طريقاً لتعريفهم بالموصول كما قال تعالى: { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدّله} في سورة يونس)15). و { لولا} حرف تحضيض مستعمل في التعجيز والاستحالة ، أي هلا أنزل علينا الملائكة فنؤمن بما جئت به ، يعنون أنه إن كان صادقاً فليسأل من ربه وسيلة أخرى لإبلاغ الدين إليهم. ومعنى: { لا يرجون} لا يظنون ظنّاً قريباً ، أي يَعُدّون لقاء الله محالاً. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الفرقان - الآية 21. ومقصدهم من مقالهم أنهم أعلى من أن يتلقوا الدين من رجل مثلهم ، ولذلك عقب بقوله: { لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً} على معنى التعجيب من ازدهائهم وغرورهم الباطل. والجملة استئناف يتنزّل منزلة جواب عن قولهم. والتأكيد بلام القسم لإفادة معنى التعجيب لأن القسم يستعمل في التعجب كقول أحد بني كِلاب أو بني نُمير أنشده ثعلب في «مجالسه» والقالي في «أماليه»: أَلاَ يَا سَنا برققٍ على قُلَللِ الحِمى... لَهِنَّك مِنْ برققٍ علي كريمُ فإن قوله: من برق ، في قوة التمييز وإنما يكون التمييز فيه لما فيه من معنى التعجب.
الآية: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}. الآية: { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}. السورة ورقم الآية: [الفرقان: 21]. الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} لا يخافون البعث: { لَوْلَا} هلا { أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} فتُخبِرنا أن محمدًا صادق، { أَوْ نَرَى رَبَّنَا} فيخبرنا بذلك، { لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} حين طلبوا من الآيات ما لم يطلبه أُمَّة، { وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} وغلَوْا في كفرهم أشد الغلوِّ. تفسير البغوي معالم التنزيل: { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} أي لا يخافون البعث، قال الفراء: الرجاء بمعنى الخوف لغة تهامة، ومنه قوله تعالى: { مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]؛ أي: لا تخافون لله عظمة، { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} فيُخبِرونا أن محمدًا صادق، { أَوْ نَرَى رَبَّنَا} فيُخبِرنا بذلك، { لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا} أي تعظَّموا { فِي أَنْفُسِهِمْ} بهذه المقالة، { وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} قال مجاهد: عتَوْا: طغَوْا، قال مقاتل: عتَوْا: غلَوْا في القول، والعتوُّ أشدُّ الكفر وأفحش الظلم ، وعتوُّهم طلبُهم رؤيةَ الله حتى يؤمنوا به.
وفي هذا الكلام تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بأن ما لقِيه من قومه مثل ما لاقاه الرسل قبله، ولذلك أردفت هذه الآية بقوله: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 119].
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا ملف نصّي رجلان تحابا في الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وذكر منهم: ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه. متفق عليه بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
أين أن يكون ظاهر الحديث أن الرب جل وعلا يظلهم من الشمس؟! فإن هذا يقتضي أن تكون الشمس فوق الله عز وجل، وهذا شيء منكر، لا أحد يقول به من أهل السنة، لكن مشكلات الناس ولاسيما في هذا العصر، أن الإنسان إذا فهم، لم يعرف التطبيق، وإذا فهم مسألة ظن أنه أحاط بكل شيء علماً. والواجب أن الإنسان يعرف قدر نفسه، وألا يتكلم لا سيما في باب الصفات إلا بما يعلم مِن كتاب الله وسنة رسوله وكلام الأئمة. فمعنى: ( يوم لا ظل إلا ظله) أو ( يظلهم الله في ظله): يعني الظل الذي لا يقدر أحد عليه في ذلك الوقت، لأنه في ذلك الوقت لا بناء يبنى، ولا شجر يغرس، ولا رمال تُقام، ولا أحجار تصفف، ما في شيء ، قال الله عز وجل: (( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفا ً* لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً)). ولا يظل الخلائق من الشمس شيء، لا بناء، ولا شجر، ولا حجر، ولا غير ذلك. لكن الله عز وجل يخلق شيئاً يظلل به من شاء من عباده، يوم لا ظل إلا ظله، هذا هو معنى الحديث، ولا يجوز أن يكون له معنى سوى هذا. والشاهد من هذا الحديث لهذا الباب قوله: ( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه): يعني أنهما جرت بينهما محبة، لكنها محبة في الله، لا في مال، ولا جاه، ولا نَسب، ولا أي شيء، إنما هو محبة الله عز وجل، رآه قائماً بطاعة الله، متجنباً لمحارم الله، فأحبه من أجل ذلك، فهذا هو الذي يَدخل في هذا الحديث: ( تحابا في الله).
[رجلان تحابا في الله] الرابع من الثلة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.
وفقنا الله لما يحب ويرضى. الخطبة الثانية: الحمد لله ذو الفضل العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك الكريم. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي نصح لأمته وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، وعلى آله وصحابته والتابعين. أما بعد: قال علي بن الحسين لولده موصياً: " لا تصاحبن خمسةً ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق: لا تصحبن فاسقا فإنه يبيعك بأكلة، ولا تصحبن البخيل فإنه يمنعك ماله أحوج ما تكون إليه، ولا تصحبن كذاباً فإنه بمنزلة السراب فإنه يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد, ولا تصحبن أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، ولا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع ". فخذها وصية من إمام وطبقها على أصحابك. وإذا وجدت أخاً, فتمثل قول الشافعي في زمنه: إذا وجدتَّ أخاً في الله فشُدَّ يدك عليه؛ فما أقل الإخوان في هذا الزمن!. أيها المسلمون: اللسان له دور في ردم الخلافات ودوام الأخوة، وله دور في قطع العلاقات وإيقاع العداوات، وكم من كلمة قالت لصاحبها: دعني!. وأنت -أيها الفاضل- لإخوانك حق عليك في لسانك بأن تتودد إليهم بمقالك, وتدعوهم بأحب أسمائهم إليهم، وتثني عليهم بما هم عليه من خير عند غَيبتهم, ولا تجرحهم بسوء الحديث, وتذب عن أعراضهم, و" من ذب عن عرض أخيه كان حقاً على الله أن يعتقه من النار " رواه أحمد وصححه الألباني.