وقوله: "ليضل عن سبيل الله" قال بعضهم: هذه لام العاقبة, لأنه قدلا يقصد ذلك, ويحتمل أن تكون لام التعليل. ثم إما أن يكون المراد بها المعاندين أو يكون المراد بها أن هذا الفاعل لهذا إنما جبلناه على هذا الخلق الدنىء لنجعله ممن يضل عن سبيل الله. ثم قال تعالى: "له في الدنيا خزي" وهو الإهانة والذل, كما أنه لما استكبر عن آيات الله لقاه الله المذلة في الدنيا وعاقبه فيها قبل الاخرة, لأنها أكبر همه ومبلغ علمه "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك" أي يقال له هذا تقريعاً وتوبيخاً "وأن الله ليس بظلام للعبيد" كقوله تعالى: "خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أحمد بن الصباح, حدثنا يزيد بن هارون, أنبأنا هشام عن الحسن قال: بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة. 8- قوله" ومن الناس من يجادل في الله" أي في شأن الله، كقول من قال: إن الملائكة بنات الله، والمسيح ابن الله، وعزير ابن الله. قيل نزلت في النضر بن الحارث، وقيل في أبي جهل، وقيل هي عامة لكل من يتصدى لإضلال الناس وإغوائهم، وعلى كل حال فالاعتبار بما يدل عليه اللفظ وإن كان السبب خاصاً.
حكم قوله تعالى ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) فالحديث المشار إليه لم نقف عليه باللفظ المذكور، ولكن ورد فيما رواه الإمام أحمد في مسنده بلفظ: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. ورواه الترمذي في جامعه و قال عنه: هذا حديث حسن صحيح. وقد تكلم بعض أهل العلم في سنده. ومعناه- كما قال العلماء-: من قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب. وسبق بيان ذلك في الفتوى: 20711. والوعيد المذكور في الحديث عام في كل من اقتحم تفسير القرآن الكريم والقول فيه بغير علم منه بأصول التفسير وقواعد اللغة ومقاصد الشرع.. ، ولا يختص ذلك بأهل الكتاب بل يعم الجميع. وسبق بيان أنواع التفسير وأصوله رواية ودراية في الفتوى: 8600 فنرجو أن تطلع عليها. وأما الجدال والمراء.. فإنهما مذمومان ومنهي عنهما شرعا على العموم، وخاصة إذا كانا في القرآن أو في الدين؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.
حُدثت عن الفراء قال: ثني شريك بن عبد الله، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه قرأ: (نِعْمَةً) واحدة. قال: ولو كانت (نِعْمَهُ) ، لكانت نعمة دون نعمة، أو نعمة فوق نعمة " الشكّ من الفراء ". حدثني عبد الله بن محمد الزهري، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا حميد، قال: قرأ مجاهد: (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: لا إله إلا الله. حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا ابن أبي بكير، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: كان يقول: هي لا إله إلا الله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد (وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظَاهِرَةً وَباطِنةً) قال: لا إله إلا الله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عُيينة، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، قال: &; 20-149 &; لا إله إلا الله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن عيسى، عن قَيْس، عن ابن عباس (نِعَمَةً ظاهِرَةً وَباطِنَةً) قال: لا إله إلا الله. وقوله: (ظاهِرَةً) يقول: ظاهرة على الألسن قولا وعلى الأبدان وجوارح الجسد عملا. وقوله: (وَباطِنَةً) يقول: وباطنة في القلوب، اعتقادا ومعرفة.
{ { وَمَا فِي الْأَرْضِ}} من الحيوانات والأشجار والزروع، والأنهار والمعادن ونحوها كما قال تعالى: { { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}} { { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ}} أي: عمّكم وغمركم نعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها; والتي تخفى علينا، نعم الدنيا ، ونعم الدين، حصول المنافع، ودفع المضار، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم; بمحبة المنعم والخضوع له; وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته. { { و}} لكن مع توالي هذه النعم; { { مِن النَّاسِ مَنْ}} لم يشكرها; بل كفرها; وكفر بمن أنعم بها; وجحد الحق الذي أنزل به كتبه; وأرسل به رسله، فجعل { { يُجَادِلُ فِي اللَّهِ}} أي: يجادل عن الباطل; ليدحض به الحق; ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة اللّه وحده، وهذا المجادل على غير بصيرة، فليس جداله عن علم، فيترك وشأنه، ويسمح له في الكلام { { وَلَا هُدى}} يقتدي به بالمهتدين { { وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ}} غير مبين للحق فلا معقول ولا منقول ولا اقتداء بالمهتدين وإنما جداله في اللّه مبني على تقليد آباء غير مهتدين، بل ضالين مضلين. ولهذا قال: { { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}} على أيدي رسله، فإنه الحق، وبينت لهم أدلته الظاهرة { { قَالُوا}} معارضين ذلك: { { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}} فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد كائنا من كان.
{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [ لقمان 20 - 21] الله سخر لنا الكائنات العلوية و السفلية و أسبغ علينا النعم تترى, نعم ظاهرة و باطنة, نلحظها في أنفسنا و فيما حولنا, و نستشعرها بجلاء إذا ما فقدناها. و رغم كل هذه النعم و هذا التكريم فإن بعض خلقه يجادلون و يشككون و يكفرون برسالته, دونما برهان و لا نور يستضاء به و لا كتاب نزل عليهم أو أيد قولهم, و حجتهم في ذلك اتباع الآباء و العمل بالعرف القائم حتى لو كان كفراً صريحاً. هؤلاء أتباع الشيطان و جنده الذين أطاعوا دعوته إلى نار جهنم و بئس المصير.
وهكذا يبقى هذا الكافر عريان بين النفوس جائع عطشان لا يجتمع بزوجته ولا بأولاده فهو حقير ذليل الى يوم الدين.
وقال مجاهد وقتادة: لاويا عنقه كفرا. ابن عباس: معرضا عما يدعى إليه كفرا. والمعنى واحد. وروى الأوزاعي عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن عباس في قوله عز وجل: ( { ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله} قال: هو صاحب البدعة. المبرد): العطف ما انثنى من العنق. وقال المفضل: والعطف الجانب؛ ومنه قولهم: فلان ينظر في أعطافه، أي في جوانبه. وعطفا الرجل من لدن رأسه إلى وركه. وكذلك عطفا كل شيء جانباه. ويقال: ثنى فلان عني عطفه إذا أعرض عنك. فالمعنى: أي هو معرض عن الحق في جداله ومول عن النظر في كلامه؛ وهو كقوله تعالى { ولى مستكبرا كأن لم يسمعها} [لقمان: 7]. وقوله تعالى { لووا رؤوسهم} [المنافقون: 5]. وقوله { أعرض ونأى بجانبه} [الإسراء: 83]. وقوله { ذهب إلى أهله يتمطى} [القيامة: 33]. { ليضل عن سبيل الله} أي عن طاعة الله تعالى. وقرئ { ليضل} بفتح الياء. واللام لام العاقبة؛ أي يجادل فيضل؛ كقوله تعالى { ليكون لهم عدوا وحزنا} [القصص: 8]. أي فكان لهم كذلك. ونظيره { إذا فريق منكم بربهم يشركون. ليكفروا} [النحل: 54 - 55]. { له في الدنيا خزي} أي هوان وذل بما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة؛ كما قال { ولا تطع كل حلاف مهين} [القلم: 10] الآية.
رد تاغ 64 مشاهدة
تخفيضات رد تاغ REDTAG عروض بيجامات النسائي/جلابيات قطن/قمصان نوم/لانجيري موديلات شيك بالاسعار - YouTube
توصيل سريع في نفس اليوم استلام من المتجر الدفع عند الاستلام منتجات من المتجر مباشرة ارجاع واستبدال مباشر
الرئيسية أضف شركتك مدونة دليلي 2781 طريق الأمير محمد بن فهد، عبدالله فؤاد، الدمام 32236، السعودية 0138318600 النشاط: ملابس, تفاصيل الموقع التعليقات المدينة الهواتف الخريطة لا يوجد تعليقات ، كُن أول من يترك تعليقاً اترك تعليق الاسم * الايميل * العنوان * نص التعليق * قد يعجبك ايضاً سنتر بوينت الدمام, طريق الخليج 0138308080 بيبي هاوس 0138174707 أر أند بي 0138687021 مركز أضواء بلازت الدمام, الشارع الثامن والعشرون 0138125438 مصنع الخليج للزي الموحد الخبر, طريق الملك خالد الفرعي 0138811823 0138811724 0138811703 إعرف الطريق عرض الاتجاهات دليلي دليلي