قال سفيان في قوله: ( إني سقيم) يعني: طعين. وكانوا يفرون من المطعون ، فأراد أن يخلو بآلهتهم. وكذا قال العوفي عن ابن عباس: ( فنظر نظرة في النجوم. فقال إني سقيم) ، فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج. فقال: إني مطعون ، فتركوه مخافة الطاعون. وقال قتادة عن سعيد بن المسيب: رأى نجما طلع فقال: ( إني سقيم) كابد نبي الله عن دينه ( فقال إني سقيم). وقال آخرون: فقال: ( إني سقيم) بالنسبة إلى ما يستقبل ، يعني: مرض الموت. وقيل: أراد ( إني سقيم) أي: مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله - عز وجل -. وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم ، فأرادوه على الخروج ، فاضطجع على ظهره وقال: ( إني سقيم) ، وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها. رواه ابن أبي حاتم. القرطبى: قوله تعالى: فنظر نظرة في النجوم قال ابن زيد عن أبيه: أرسل إليه ملكهم إن غدا عيدنا فاخرج معنا ، فنظر إلى نجم طالع فقال: إن هذا يطلع مع سقمي. وكان علم النجوم مستعملا عندهم منظورا فيه ، فأوهمهم هو من تلك الجهة ، وأراهم من معتقدهم عذرا لنفسه ، وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة ، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم. وقال ابن عباس: كان علم النجوم من النبوة ، فلما حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون أبطل ذلك ، فكان نظر إبراهيم فيها علما نبويا.
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) وقوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) ذكر أن قومه كانوا أهل تنجيم، فرأى نجما قد طلع، فعصب رأسه وقال: إني مَطْعُون، وكان قومه يهربون من الطاعون، فأراد أن يتركوه في بيت آلهتهم، ويخرجوا عنه، ليخالفهم إليها فيكسرها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) رأى نجما طلع. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عليه، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) رأى نجما طلع. حدثنا بشر، قال: كَايَدَ نبي الله عن دينه، فقال: إني سقيم. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) قالوا لإبراهيم وهو في بيت آلهتهم: أخرج معنا، فقال لهم: إني مطعون، فتركوه مخافة أن يعديهم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، عن أبيه، &; 21-64 &; في قول الله: (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال: أرسل إليه ملكهم، فقال: إن غدا عيدنا، فاحضر معنا، قال: فنظر إلى نجم فقال: إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي، فقال: ( إِنِّي سَقِيمٌ) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) يقول الله: ( فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ)
فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون مفرع على جملة " إذ قال لأبيه وقومه " تفريع قصص بعطف بعضها على بعض. والمقصود من هذه الجمل المتعاطفة بالفاءات هو الإفضاء إلى قوله " فراغ إلى آلهتهم " وأما ما قبلها فتمهيد لها وبيان كيفية تمكنه من أصنامهم وكسرها ليظهر لعبدتها عجزها. وقال ابن كثير في تفسيره: " قال قتادة: والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم ، يعني قتادة: أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به " اهـ. وفي تفسير القرطبي عن الخليل والمبرد يقال: للرجل إذا فكر في شيء يدبره: نظر في النجوم ، أي أنه نظر في النجوم ، مما جرى مجرى المثل في التعبير عن التفكير لأن المتفكر يرفع بصره إلى السماء لئلا يشتغل بالمرئيات فيخلو بفكره للتدبر فلا يكون المراد أنه نظر في النجوم وهي طالعة ليلا بل المراد أنه نظر للسماء التي هي قرار النجوم ، وذكر النجوم جرى على المعروف من كلامهم. وجنح الحسن إلى تأويل معنى النجوم بالمصدر أنه نظر فيما نجم له من الرأي ، يعني أن النجوم مصدر نجم بمعنى ظهر.
فنظر نظرة في النجوم - الصافات - YouTube
88- " فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم " قال الواحدي: قال المفسرون: كانوا يتعاطون علم النجوم فعاملهم بذلك لئلا ينكروا عليه وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم لتلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد يوم عيد يخرجون إليه، وأراد أن يتخلف عنهم فاعتل بالسقم: وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم فنظر إلى النجوم يريهم أنه مستدل بهم على حاله، فلما نظر إليها قال إني سقيم أي سأسقم. وقال الحسن: إنهم لما كلفوه أن يخرج معهم تفكر فيما يعمل، فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي: أي فيما طلع له منه، فعلم أن كل شيء يسقم. 88. " فنظر نظرةً في النجوم " 88-" فنظر نظرةً في النجوم " فرأى مواقعها واتصالاتها ، أو في علمها أو في كتابها ، ولا منع منه مع أن قصده إيهامهم وذلك حين سألوا أن يعبد معهم. 88. And he glanced a glance at the stars 88 - Then did he cast a glance at the Stars,
﴿ تفسير ابن كثير ﴾ إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ، ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم ، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم ، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها ، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر ، فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه ، ( فتولوا عنه مدبرين) قال قتادة: والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم: يعني قتادة: أنه نظر في السماء متفكرا فيما يلهيهم به ، فقال: ( إني سقيم) أي: ضعيف.
وعن ثعلب: نظر هنا تفكر فيما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ليدبر حجة. [ ص: 142] والمعنى: ففكر في حيلة يخلو له بها بد أصنامهم فقال: إني سقيم ، ليلزم مكانه ويفارقوه فلا يريهم بقاءه حول بدهم ثم يتمكن من إبطال معبوداتهم بالفعل. والوجه: أن التعقيب الذي أفادته الفاء من قوله " فنظر " تعقيب عرفي ، أي لكل شيء نحسبه فيفيد كلاما مطويا يشير إلى قصة إبراهيم التي قال فيها: " إني سقيم " والتي تفرع عليها قوله تعالى فراغ إلى أهله إلخ. وتقييد النظرة بصيغة المرة في قوله " نظرة " إيماء إلى أن الله ألهمه المكيدة وأرشده إلى الحجة كما قال تعالى: ولقد آتينا إبراهيم رشده. وقوله " إني سقيم " عذر انتحله ليتركوه فيخلو ببيت الأصنام ليخلص إليها عن كثب فلا يجد من يدفعه عن الإيقاع بها. وليس في القرآن ولا في السنة بيان لهذا لأنه غني عن البيان. وذكر المفسرون أنه اعتذر عن خروجه مع قومه من المدينة في يوم عيد يخرجون فيه ، فزعم أنه مريض لا يستطيع الخروج ، فافترض إبراهيم خروجهم ليخلو ببد الأصنام ، وهو الملائم لقوله " فتولوا عنه مدبرين ". والسقيم: صفة مشبهة وهو المريض كما تقدم في قوله " بقلب سليم ". يقال: سقم بوزن مرض ، ومصدره السقم بالتحريك ، فيقال: سقام وسقم بوزن قفل.
وهذه الطائفة التي أنعم الله عليها بالنعاس هم المؤمنون الذين ليس لهم هم إلا إقامة دين الله، ورضا الله ورسوله، ومصلحة إخوانهم المسلمين. وأما الطائفة الأخرى الذين { قد أهمتهم أنفسهم} فليس لهم هم في غيرها، لنفاقهم أو ضعف إيمانهم، فلهذا لم يصبهم من النعاس ما أصاب غيرهم، { يقولون هل لنا من الأمر من شيء} وهذا استفهام إنكاري، أي: ما لنا من الأمر -أي: النصر والظهور- شيء، فأساءوا الظن بربهم وبدينه ونبيه، وظنوا أن الله لا يتم أمر رسوله، وأن هذه الهزيمة هي الفيصلة والقاضية على دين الله، قال الله في جوابهم: { قل إن الأمر كله لله} الأمر يشمل الأمر القدري، والأمر الشرعي، فجميع الأشياء بقضاء الله وقدره، وعاقبة النصر والظفر لأوليائه وأهل طاعته، وإن جرى عليهم ما جرى.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء. ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا؛ فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك، هل أنت سالم؟ فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجيا الشيخ: يقول رحمه الله باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]، وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا [آل عمران:168]، وقوله سبحانه: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6].
وهكذا.. إذا عشت لله فنفذت أوامره, وسلمت له زمام نفسك فأطعته فى كل مايأمرك به, سلمت, وسيرك بين عطفه ولطفه – اللهم احفظنا بعطفك ولطفك يا رب.. فسلم تسلم لتصل فالامر كله لله. * * *