زيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو على الأصح زيارته في قبره، على رأس زيارة القبور استحبابًا. زياره رسول الله في وفاته الرسول. وقد عقد القسطلاني في المواهب اللدنية فصلاً خاصًا بها، كما عقد الشيخ السمهودي في كتابه " وفاء الوفا " فصلًا خاصًا بها أيضًا، أورد فيه أحاديث كثيرة، قال الذهبي عنها: طرقها ليِّنة يقوي بعضها بعضًا، وليس في رواتها متهم بالكذب. نقل القاضي عياض أن السفر بقصد الزيارة غايته مسجد المدينة لمجاورته القبر الشريف، وقصد الزائر الحلول فيه لتعظيم من حلَّ بتلك البقعة، كما لو كان حيًا، وليس القصد تعظيم بقعَة القبر لعَيْنِها بل من حلَّ فيها. إن زيارته ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيارة لمسجده الذي ورد في فضله قوله: " صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " وزيارة قبور الأنبياء والصالحين بما فيها من التبرُّك إلى جانب ما ذكر، مُسْتَحَبَّة، كما قال الإمام الغزالي في كتابه " الإحياء " والتبرُّك في حدِّ ذاته غير ممنوع، لكن قد تكون له مظاهر لا يوافق عليها الدين، منها: 1 ـ الطواف حول القبر، وهو مكروه لما فيه من التشبُّه بالطواف حول البيت الحرام. 2 ـ التمسُّح بالقبر وتَقْبِيله للتبرُّك، فقد قال فيه الإمام الغزالي: وليس من السُّنة أن يمسَّ الجدار ولا أن يُقَبِّله، بل الوقوف من بعد أقرب إلى الاحترام.
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَابْنَ رَسُولِ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يا أَبا عَبْدِاللهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتِ الْمُصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَميعِ أَهْلِ السَّمَاواتِ والْأَرْضِ، فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وَتَهَيَّأَتْ لِقِتالِكَ، يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِاللهِ قَصَدْتُ حَرَمَكَ، وَأَتَيْتُ اِلى مَشْهَدِكَ، أَسْألُ اللهَ بِالشَّأنِ الَّذي لَكَ عِنْدَهُ وبالمَحَلِّ الَّذِي لَكَ لَدَيْهِ، أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، وَأَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. ثمّ قم وصرْ إلى عند رجلَيْ القبر وقفْ عند رأس عليّ بن الحسين(عليه السلام) وقلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ نَبِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يابْنَ الحُسَيْنِ الشَّهِيدِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الشَّهِيدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها المَظْلُومُ وَابْنُ المَظْلُومُ، لَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.
زيارة النبي صلّى الله عليه وآله وأمّا كيفيّة زيارة النبي صلّى الله عليه وآله: فهي كما يلي: إذا وردت إن شاء الله تعالى مدينة النبي صلّى الله عليه وآله فاغتسل للزيارة فإذا أردت دخول مسجده صلّى الله عليه وآله فقف على الباب واستأذن بالإستئذان الأوّل ممّا ذكرناه وادخل من باب جبرائيل عليه السلام وقدم رجلك اليمنى عند الدخول ثمّ قل: الله أَكْبَرُ مائة مرّة ، ثمّ صلّ ركعتين تحيّة المسجد ثمّ امض الى الحجرة الشريفة. فإذا بلغتها فاستلمها بيدك وقبّلها وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ فَصَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ (1).
السؤال: هل يُؤخذ من هذا أنَّ الإنسان مهما كان صالحًا أو فاجرًا من صفاته أنه يُذْنِب؟ الجواب: نعم، كل بني آدم خطَّاء ، من صفاته الخطأ، لكن إذا تاب تاب اللهُ عليه. س: وإذا استمرَّ في الذنب؟ ج: وإذا استمرَّ في الذنب استحقَّ العقوبة، إلا أن يعفو الله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فهو تحت العفو. فتاوى ذات صلة
ثالثا: معنى الخطأ في حق الأنبياء: جميع الرسل والأنبياء معصومون من الوقوع في المعاصي صغيرها وكبيرها ، كما أنهم معصومون من الخطأ أو السهو أو النسيان في تبليغ الرسالة والأمانة في نقل الوحي. كل بني آدم خطاّء - طريق الإسلام. أما اجتهاد الأنبياء في غير وجود نص ووحي فهو أمر مشروع عند عامة الأصوليين وجمهور العلماء ، واجتهاد الأنبياء ينقسم إلى قسمين: الأول: الاجتهاد في الأمور الدنيوية التي لا يتعلق بها حكم شرعي من تحليل وتحريم أو حكم تعبدي يتعلق بعبادة الله تعالى. الثاني: الاجتهاد في الأمور الشرعية الدينية التي يتعلق بها حكم الحلال والحرام والجواز والمنع ، فهذه مسألة اختلف العلماء فيها ، وجمهور العلماء على جواز اجتهاد الأنبياء في الأمور الشرعية التي لم يرد بها نص ، ولكن الوحي يصحح لهم إن كان اجتهادهم خاطئا ويسكت عنهم إن كان اجتهادهم صحيحا. وهذه طائفة من أقوال العلماء في المسألة حيث يقسم العلماء ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال إلى قسمين: القسم الأول: أقوال وأفعال صادرة بتوقيف من الوحي ، وَبِأَمْرٍ من الرب سبحانه وتعالى ، يكون النبي صلى الله عليه وسلم فيها مبلغا ناقلا أمينا ، يأمر بما أمر الله به ، ويمتثل ما أوحي إليه من ربه عز وجل.
كل هذا من الواجبات، وكذلك الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك هو من فروض الكفايات، وتحقيق ما يجب من المعارف والأعمال يطول تفصيله في هذا السؤال، حتى يفطن هذا ثم يفتح له الباب. إذا ثبت هذا: فظلم العبد نفسه يكون بترك ما ينفعها وهي محتاجة إليه، أو بفعل ما يضرها. والنفس إنما تحتاج من العبد إلى فعل ما أمر الله به، وإنما يضرها فعل ما نهى الله عنه، فظلمها لا يخرج عن ترك حسنة مأمور بها، أو فعل سيئة منهي عنها. من جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الرابعة. وأما حديث: أيزني المؤمن... ما صحة حديث "كل بني آدم خطاء" وما معني إن البخاري قال: فيه نظر!؟! - { موقع الشيخ الدكتور خالد عبد العليم متولي }. فباطل لا يصح، كما سبق في الفتوى: 179109. والواجب على المسلم المبادرة بالتوبة من الذنب بالإقلاع عنه، والندم على ما سلف منه، والعزم على عدم العودة إليه، وراجع حول شروط التوبة وأحكامها الفتويين: 5450 ، 111852. وأما جعل عدم عصمة بني آدم من الذنوب سببا للإصرار على ذنب معين -كمشاهدة الأفلام الإباحية- والتكاسل عن التوبة منه فهو من تلبيس الشيطان، وتلاعبه، وخداع النفس الأمارة لصاحبها. والله أعلم.
الموافقات " (4/335) وقال الشوكاني رحمه الله: [ يجوز – الاجتهاد - لنبينا صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء ، وإليه ذهب الجمهور ، واحتجوا: 1- بأن الله سبحانه خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم كما خاطب عباده ، وضرب له الأمثال ، وأمره بالتدبر والاعتبار ، وهو أجل المتفكرين في آيات الله ، وأعظم المعتبرين. وأما قوله: ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فالمراد به القرآن ؛ لأنهم قالوا إنما يعلمه بشر ، ولو سلم لم يدل على نفي اجتهاده ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إذا كان متعبدا بالاجتهاد وبالوحي لم يكن نطقا عن الهوى ، بل عن الوحي. 2- وإذا جاز لغيره من الأمة أن يجتهد بالإجماع مع كونه معرضا للخطأ ، فلأن يجوز لمن هو معصوم عن الخطأ بالأولى. كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. 3- ويدل على ذلك دلالة واضحة ظاهرة قول الله عز وجل: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) ، فعاتبه على ما وقع منه ، ولو كان بالوحي لم يعاتبه. 4- ومن ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي) أي: لو علمت أولا ما علمت آخرا ما فعلت ذلك ، ومثل ذلك لا يكون فيما عمله صلى الله عليه وسلم بالوحي. 6- وأمثال ذلك كثيرة: كمعاتبته صلى الله عليه وسلم على أخذ الفداء من أسرى بدر بقوله تعالى: ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأرض) الأنفال/67، وكما في معاتبته صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) الأحزاب/37.