وقد عاصر إمامنا عليه السلام ثورة زيد بن علي بالكوفة أيام هشام بن عبد الملك وما رافق هذه الثورة من قمع أدى إلى استشهاد زيد ومطاردة العلويين بأشد مما كان من ذي قبل. كما شهد إمامنا الصادق (ع) في العهد الإنتقالي تحرّك أبي سلمة الخلال وأبي مسلم الخرساني والإطاحة بحكم بني أمية فكان موقفه (ع) تجاه هذه الحركة موقف الرافض؛ لعلمه بعاقبة الأمر. وفي العهد العباسي قام السفاح بإشخاص إمامنا الصادق عليه السلام من المدينة إلى الهاشمية وإلزامه بالإقامة الجبرية في الكوفة لمدة قصيرة ثم أرجعه إلى المدينة, فالسفاح لم يعلن العداء لولد علي عليه السلام عند وصوله للسلطة, بل كان يتظاهر بالولاء لهم إذ أنه يعلم أن الثورة ضد الأمويين إنّما نجحت تحت لواء شعار الولاء لآل محمد وعليّ – صلوات الله عليهم أجمعين - وكان ذلك سبباً في إشخاصه الإمام الصادق عليه السلام وإلزامه بالأقامة الجبرية. الإمامُ جعفر الصادق :عليه السلام: : الهَويَّةُ والمَنهج : - منتديات أنا شيعـي العالمية. لم تدُم أيّام السفاح إلّا نحو أربع سنوات ثم جاء المنصور واشتدّ الأمر على العلويين فاُخذوا واُبعدوا عن الكوفة وسجنوا في سجن مظلم حتى مات بعضهم فيه وبقيت جثثهم في السجن حتى مرض بعضهم من ذلك فعمد المنصور إلى هدم السجن على باقيهم.
وبفعل ما قام به الإمام الصادق:ع: في وقته وصل إلينا الدين الحق وبقي الفكر الحق متمثلاً بمذهب أهل البيت المعصومين:عليهم السلام: وأتباعهم. فسلامٌ على الإمام جعفر الصادق في العالمين والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف.
عاصر إمامنا الصادق (ع) عشرة من حكام بني أميّة وكان أولهم عبد الملك بن مروان حيث تزامنت ولادة الإمام عليه السلام أواخر حكمه, أما بقية من عاصرهم (ع) فهم الوليد بن عبد الملك، وسلمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وابراهيم بن الوليد، ومروان الحمار، كما عاصر (ع) اثنين من خلفاء بني العباس هما ابو العباس السفاح وأخوه أبو جعفر المنصور ، وكانت مدة إمامة إمامنا الصادق (عليه السلام) أربع وثلاثين سنة وهي المدة التي عاشها بعد أبيه الإمام الباقر (ع). عاش الصادق (عليه السلام) مع أبيه وجده إثنتي عشر سنة ومع أبيه بعد جدِّه تسع عشر سنة وبعد أبيه أربع وثلاثين سنة وحين توفي (ع) كان عمره الشريف خمس وستين سنة. شهد الإمام عليه السلام في العهد الأموي الظلم والقتل والتشريد والسجن والتعذيب الذي كان يمارسه الأمويون ضدّ خصومهم بصورة عامة وضدَّ العلويين بصورة خاصة، فضلا عن التعذيب النفسي الذي كان يقوم به الولاة والمتزلفون للحكام حيث كانوا يجمعون كل من يمت بصلة لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ويضعونهم قريباً من المنبر يوم الجمعة ويقوم الخطيب بسب الإمام علي عليه السلام, واستمر هذا الأمر إلى حكم عمر بن عبد العزيز الذي منع السب.
5/ عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الوحي فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان: مالك؟ فيقول: بلى كنت أمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه » متفق عليه. 6/ قال تعالى: ﴿ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (7). ضوابطُ وآدابُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَنْ المُنكرِ (2) - أكاديمية مكة المكرمة. 7/ قال تعالى في وصية لقمان لابنه: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ (8). أقوال السلف والعلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 1/ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله من الدين". 2/ يقول الرازي: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، إن هذه الصفات الثلاث كانت حاصلة في سائر الأمم". 3/ يقول القرطبي: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا واجبين في الأمم المتقدمة وهما فائدة الرسالة وخلاف النبوة". 4/ يقول العلامة سيف الدين الآمدي: "ما من أمة إلا وقد أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر كنهيهم عن الإلحاد وتكذيب أنبيائهم".
فتَدخُّلُها على صعيد الساحة الدولية إنما هو بالقسط والعدل، لا لهوًى سياسيٍّ أو مكسب مادي واقتصادي، أو تمددٍ عسكري، تدخل لنصرة المظلوم، والأخذ على يد الظالم، ومن أجل حرية الشعوب وخياراتها الإنسانية، وانحيازًا للحق، ومقارعة الطغيان والبغي، طبعًا بعد أن تكون قد استوفتْ هذه الاستحقاقات في حدودها الجغرافية، وهذا يتطلب من الأمة معرفةً بالقوانين الدولية وبروتوكول السياسة والدبلوماسية؛ لتدعو إلى الحق على بصيرة ونور وهدى، لا على عمًى وخبط عشواء. وإذا كان الأمر كذلك فمن الغبن قصرُ هذا المفهوم على أفراد الأمة وأفذاذها كما نرى ونشاهد في الكثير من البقاع الإسلامية؛ فقد تعلم عن فرد مسلم مُرابٍ، والنصيحة له واجبة، لكنها أوجبُ في حق البنك الذي سنَّ ذلك وسهَّله؛ لأن الإثم في حقه أكبر؛ فهو الأولى بالنصيحة والإنكار، وأولى منهما الدستور بدوائره - قانونًا، ووزارات، ومجالس شورى، وحكومات - الذي شرع وأباح مثل هذا الفحش الكبير؛ فهو الأشدُّ قبحًا وزورًا، والأولى بالنهي والأمر. بل ويَطالُ الأمر - والحالة هذه - النظام الإقليمي والدولي الذي يرى في الربا جزءًا من تكوينه ووجوده الاقتصادي؛ فيجب مقارعتُه بالحجة والبرهان والدلائل القوية من شتى الجوانب الاقتصادية والفكرية والأخلاقية، وهو واجب العلماء وفقهاء القانون وخبراء الدساتير الدولية، وهكذا دواليك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن من أهم الواجبات الإسلامية التي يترتب عليها صلاح المجتمع وسلامته ونجاته في الدنيا والآخرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك هو سفينة النجاة، كما ثبت في صحيح البخاري عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا من نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ، قال النبي ﷺ: فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً.