الدكتور إبراهيم السامرائي 1923 – 2002 هو أبرز علماء اللغة العربية العراقيين في جيله، كان مع زميله الأستاذ يوسف عز الدين ١٩٢٢- ٢٠١٣ بمثابة عميدي الدراسات اللغوية والأدبية في العراق في نهاية القرن العشرين قبل محنة العراق الدامية التي تطورت الآن بحكم قسوة التدخلات إلى تهميش الدراسات العربية في بلاد الرافدين والكوفة والبصرة وبغداد التي شهدت ذروة العصر الذهبي للحضارة العربية، وكأنه كان يستشعر ما كان وطنه مقدما عليه من فترة ركود في العلم والدراسات العربية بسبب الطغيان الخارجي فنذر نفسه لتوثيق انجاز المدرسة العراقية في اللغة والادب على نحو ما نراه بوضوح في قائمة مؤلفاته وآثاره العلمية. ولد الدكتور إبراهيم السامرائي في سنة 1923 في مدينة العمارة بالعراق، ولقب بالسامرائي نسبة إلى مدينة سامرا الآرامية، والتي نسب اليها أيضا سفير العراق الشهير في القاهرة المفكر العروبي فائق السامرائي ١٩٠٨-١٩٧٩، هاجر أهل الدكتور إبراهيم السامرائي إلى جنوب العراق وشكلوا عشيرة سميت بالسوامرة. تلقى الدكتور إبراهيم السامرائي تعليما مدنيا وحصل على الثانوية العامة، والتحق بمدرسة دار المعلمين العالية سنة 1942 وهي في ذلك الوقت بمثابة المؤسسة المتميزة للتعليم العالي المتاح في العراق، وفيها مارس الأستاذ احمد حسن الزيات والدكتور زكي مبارك استاذيتهما، وتخرج فيها، وعمل مدرسًا للغة العربية، ثم رشح في بعثة علمية إلى باريس حيث درس في السوربون، وحصل على درجة الدكتوراه في دراسة اللغات السامية سنة 1956م، وعاد إلى وطنه فمارس الاستاذية حتى أحيل إلى التقاعد.
2- سيبويه.. (ت 185هـ): هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قَنْبَر الفارسي؛ ثم البصري، إمام النحويين بعد الخليل بن أحمد، وحجة العرب، أبرز تلاميذ الخليل، أقبل على العربية فبرع وساد أهل عصره، ألّف كتابه العظيم الذي سماه (الكتاب) في النحو والصرف والأصوات واللغة، ذلك الكتاب الفريد الذي لا يدرك شأوه، حيث لم يسبق له مثال، وما زال الناس منذ عهد سيبويه إلى هذا الزمن لا يسعهم الاستغناء عن كتابه.
ويُعتبر من أهم كتب النحو العربية، ويُدرّس في كليات اللغة والشريعة. اشتهر ابن آجُرُّوم بالتقوى والصلاح ووصفه معاصروه بأنه كان فقيهاً أديباً رياضياً، إماماً في النحو ومتبحراً في علوم أخرى منها التجويد وقراءة القرآن الكريم. قال الكفراوي في حاشيته عنه أنه ألف متن الآجرُّومية تجاه البيت الشريف، وأنه لما ألفه ألقاه في البحر وقال "إن كان خالصاً لله تعالى فلا يبلى" وكان الأمر كذلك. من طرائف علماء اللغة العربية. ابن عقيل بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عقيل، المتوفى سنة 769 هـ. من نسل عقيل بن أبي طالب، ولد وتوفي بالقاهرة، ووَلِي منصب قاضي القضاة فيها. له كتاب الشرح الأشهر والمعتمد على ألفية ابن مالك والذي عُرف باسمه "شرح ابن عقيل" في النحو والصرف. اقرأ أيضًا: المعجم الأحادي أم ثنائي اللغة…أيهما الأفضل لتعزيز لغتك أجنبية ؟
والماضي والحاضر والموت والحياة تدخل في باب المعارف العامة. أسلوب الخطبة يجمع بين الخبر والإنشاء ، فالخبر متمثل في التقارير البيئية التي يرصدها رصدا "ضوء ظلام وبر وآثام ، ومطعم ومشرب وملبس ومركب.. " وهكذا حقائق متلاحقة في تراكيب قصار ، تعبر عن ملاحظات وأنفاس متقطعة ، وكذلك تبعث في النفس العظة والاعتبار مثل: "في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر …" إلى غير ذلك من العبر. من الناحية الفنية ، فالخطبة مصنوعة صنعة فنية متقنة فهي تتميز بقصر الجمل وأما الإنشاء فيتمثل في الأمر والاستفهام والنداء والتعجب وغيره مثل: "اسمعوا وعوا ، أيها الناس ، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون" تدل على الدهشة والتعجب ، "أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أو تركوا فناموا ؟" وهذا استفهام تعجبي استنكاري يوحي بالحيرة والسخرية من المتكالبين على الدنيا ، والقسم في قوله: "وإله قس بن ساعدة ما على وجه الأرض دين … الخ" يوحي بالتأكيد من صلاحية الدين المقبل للدنيا والآخرة. الخطيب هنا شاعر فقد جمعت خطبته شيئا من شعره في ذات الموضوع ختم بها خطبته ليحدث في جمهور السامعين في سوق عكاظ هزة نفسية عنيفة وتأثيرا عاطفيا لاستشهاده بشعره ، الذي رتبه مثل الخطبة ترتيبا منطقيا وكأنها نظرية ، فالموت حقيقة ملحوظة ، حيث إنه لما رأى الناس يذهبون ولا يرجعون وقومه يردون الموت ولا يُصْدِرون ، والجميع ذاهب أصاغرا وأكابرا.. حينئذ أيقن وتأكد أنه صائر إليهم يوما ما … لا محالة في ذلك.
معلومات عن قس بن ساعدة قس بن ساعدة العصر الجاهلي poet-Qas-bin-Saeda@ قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك. خطيب العرب وشاعرها وحليمها وحكيمها في عصره، كان أسقف نجران يقال أنه أول من علا على شرفٍ وخطب عليه، وأول من قال: أما بعد، وكان مؤمناً بالله والبعث، وقد أدرك الرسول ورآه بعكاظ وقد أثر الرسول عنه كلاماً وقال عنه (يرحم الله قساً إني لأرجو أن يبعث يوم القيامة أمة وحده). ومن خطبه المأثورة: (أيها الناس اسمعوا وعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت…).
وحتى يومنا هذا، لا أظن يخلو أي منهج لتدريس اللغة العربية أو الأدب العربي في العصر الجاهلي من ذكر لقس بن ساعدة واقتباسات من حكمه أو خطبه التي وصلت إلينا. وتذكرت قس بن ساعدة الإيادي هذا يوم الخميس من الأسبوع المنصرم. في هذا اليوم قدم إلى مدينتنا هنا في السويد السياسي اليميني المتطرف راسموس بالودان لعقد اجتماع ضمن حملته ومخططه لحرق نسخ من المصحف الشريف في جميع أنحاء السويد. وأينما حط هذا المتطرف وأصحابه رحالهم، واجهتهم مظاهرات أوقعت عديدا من الجرحى في صفوف الشرطة والمتظاهرين وعقبتها أعمال عنف وشغب في المدن الرئيسة في البلاد. ولم تنج أي مدينة وصلها هذا المتطرف في حملته المناهضة للإسلام من نار الفتنة التي حاول تأجيجها عدا المدينة التي أسكنها. والفضل هنا يعود إلى قس بن ساعدة الإيادي السويدي، وهنا أعني رجل دين من الكنيسة السويدية اللوثرية الذي واجه هذا المتطرف المعادي للإسلام بخطاب ذكرني بخطيب بني إياد في الجاهلية. ما إن بدأ بالودان إلقاء كلمته في اجتماع دعا له مناصروه حتى شرع كاهن الكنيسة القريبة من مكان الاجتماع، فردريك هولرتز، قرع ناقوس الكنيسة بصورة مستمرة. وحال سماع بالودان وجمعه من المتطرفين دقات الناقوس -وهي إشارة إدانة واضحة وجلية من الكنيسة السويدية ورفضها القاطع لعملية حرق المصحف- حتى توقف عن الكلام وغادر المكان بسرعة وتبعثر مؤيدوه من المتطرفين.
[ ص: 151] خطبة لقس بن ساعدة الإيادي أخبرني محمد بن علي الأنصاري بن محمد بن عامر ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله بن داود بن عبد الرحمن العمري ، قال: حدثنا الأنصاري علي بن محمد الحنظلي - من ولد حنظلة الغسيل - حدثنا جعفر بن محمد ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن حجاج اللخمي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباس ؛ قال: لما وفد وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيكم يعرف قس بن ساعدة ؟ قالوا: كلنا نعرفه يا رسول الله. قال: لست أنساه بعكاظ ، إذ وقف على بعير له أحمر ، فقال: أيها الناس اجتمعوا ، وإذا اجتمعتم فاسمعوا ، وإذا سمعتم فعوا ؛ وإذا وعيتم فقولوا ، وإذا قلتم فاصدقوا ؛ من عاش مات ، ومن مات فات ؛ وكل ما هو آت آت. أما بعد ؛ فإن في السماء لخبرا ، وإن في الأرض لعبرا ؛ مهاد موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبحار لا تغور ؛ أقسم بالله قس قسما [ ص: 152] حقا لا كاذبا فيه ولا آثما ، لئن كان في الأرض رضا ليكونن سخطا ؛ إن لله تعالى دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، وقد أتاكم أوانه ، ولحقتكم مدته.
قد يفاجئ عنوان مقالنا لهذا الأسبوع القراء الكرام، وقد لا يعرف بعضهم من هو قس بن ساعدة، ومن ثم قد يقول من يعرفه ما لقس بن ساعدة، واحد من أشهر حكماء العرب قبل مقدم الإسلام في درء فتنة في السويد؟ كان قس بن ساعدة من أكبر خطباء وحكماء العرب، كان من قبيلة إياد، ولهذا لقب بالإيادي. سيرته وحكمه وخطبه كانت على لسان العرب، وتثني كتب التراث عليه وتنسب له حكما كثيرة وأساليب لغوية سبكها لأول مرة وما زالت معنا مثل استهلال الخطب أو الرسائل بالعبارة الرائجة حتى يومنا هذا وهي "أما بعد"، وكان قس بن ساعدة أسقفا لنجران. والأسقف رتبة دينية رفيعة لرجال الكنيسة. بعض القبائل العربية الكبيرة كانت قد تنصرت في الجاهلية، وبعد فجر الإسلام، منها من بقي على دينه ومنها من أسلم. نصرانية قس بن ساعدة ورتبته الدينية الرفيعة لم تنل من مكانته لدى العرب ولدى أشرفهم وأرفعهم شأنا وهو الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حيث ينقل المؤرخون أحاديث وأقوالا شريفة تشيد بخطيب العرب وحكيمهم في الجاهلية. وحتى يومنا هذا، لا أظن يخلو أي منهج لتدريس اللغة العربية أو الأدب العربي في العصر الجاهلي من ذكر لقس بن ساعدة واقتباسات من حكمه أو خطبه التي وصلت إلينا.
خطبة قس بن ساعدة هو قس بن ساعدة بن عمرو الإيادي [١] ، وضبطه العلّامة اللغوي أ. د. عيسى علي العاكوب بضم القاف في كتابه المفصّل في علوم البلاغة [٢] ، كان خطيبًا من خطباء العرب وحكمائهم، وكان أسقف نجران، ينسب إليه العلامة الأوّليّة في كثير من الأمور منها أنّه أوّل من قال: أمّا بعد، وأوّل من اتّكأ على العصا في الخطبة، وأوّل من وقف على موضع عالٍ عند الخطابة ، وخطبته هذه هي إحدى أشهر خطبه التي تتناقلها العرب في الجاهلية وإلى ما بعد ظهور الإسلام بقرون كثيرة. [١] لقراءة المزيد، انظر هنا: نبذة عن قس بن ساعدة. متى كانت خطبة قس بن ساعدة؟ ذكر بعض المؤرّخين أنّ قسّ بن ساعدة قد مات نحو سنة 600م، [١] ومعنى ذلك أنّه مات قبل البعثة النبوية بنحو عشرة أعوام؛ إذ زمن البعثة بالميلادي كما حققه المباركفوري هو سنة 610 للميلاد، [٣] فبذلك يكون قد عاش في العصر الجاهلي ، وخطبته قد ألقاها في ذلك العصر، وروي أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد رآه قبل البعثة حين كان يخطب خطبته هذه على جمل أحمر أورق. [٤] في أي مكان ألقت خطبة قس بن ساعدة؟ ألقى قسّ بن ساعدة لإيادي خطبته في سوق عكاظ ، [٤] وهو أحد أسواق العرب في الجاهلية وإلى ما بعد مجيء الإسلام، كان الناس يتاجرون فيه ويتنافسون في الشعر والخُطَب، وكان هنالك مُحكّمون في هذا السوق تُضرب لهم قباب يجلسون تحتها، ففيها يستجيد العرب ما يتفقون عليه من الشعر والنثر، وفيه كذلك يُبهرجون الزائف الذي لا ينبغي له أن يكون أدبًا ينطق به العربي القح.