أحيانا تضيق على العبد الدنيا وتغلق في وجهه جميع الأبواب، ويرى وضوح عجزه هو عن تغيير ما حوله، أو دفع الظلم الواقع عليه، أو رد مكر وكيد الكافرين والفاسقين والفاجرين فلا يجد أمامه إلا أن يلجأ إلى الله، ذلك الركن الوثيق، يشكو إليه ضعف قوته وقله حيلته وهوانه على الناس، ويسأله أن يمده بمدده وأن يعينه بقوته وألا يدعه نهبة لأعدائه أعداء الدين. وأن ينصره هو بأسباب نصره التي لم يعد في نفسه قدرة على الانتصار. [اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. هذا الحديث رواه الطبراني وغيره وضعفوه... على أن أهل السير قد رووه.. ومثل هذا يتوجه جمهور أهل النقل إلى قبوله لتعدد مصادره وخفة القادح وبساطة الضعف. كما قرر مثل ذلك ابن تيمية في "قاعدة في التفسير"، واستدل به ابن القيم كثيرا في كتبه. اللهم اشكو اليك - الطير الأبابيل. بهذا الدعاء توجه صلى الله عليه وسلم إلى ربه عند خروجه من الطائف التي ذهب إليها بعد أن سدت مكة آذانها وتغشت ثيابها وأغلقت أعينها وقلوبها عن سماع الحق ورؤية الحق وقبول الحق.
بل زاد طغيانها وتمردها وجعلت تحارب الدين الجديد وتنتقم من الإسلام في شخوص أتباعه فأذاقوا المسلمين الجدد الويلات فما يسمعون بأحد يدخل الدين إلا وذهبوا إليه فعذبوه أشد التعذيب ونكلوا به بكل صنوف النكال.. وسل بلالا، وعمار بن ياسر وأباه ياسر وأمه سمية وخبابا وما أدراك ما خباب، وصهيبا، وأبا فكيهة مولى بني عبد الدار.. وسل زنيرة وكانت أمة رومية عذبوها حتى عميت، فقالوا أصابتك اللات والعزى! فقالت: والله ما تدري اللات والعزى من عبدهما، وإنما هذا من الله ولو شاء كشفه.. فأصبحت وقد رد الله بصرها.. فقالو هذا من بعض سحر محمد.. وهي التي أنزل الله فيها: { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه}. وسل النهدية وابنتها، وأم عبيس، وجارية بني مؤمل كان يعذبها عمر حتى يكل فيتركها ويقول: والله ما أدعك إلا سآمة.. فتقول: وكذلك يفعل بك ربك. فاشتراهم جميعا شيخ المسلمين أبو بكر رضي الله عنه وأعتقهم في سبيل الله. لقد عانى من المشركين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أكبر المعاناة، ولقي منهم ما لقي، سبوه، وشتموه، وقالوا عنه ما قالوا، ووضعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد يصلى، بل حاولوا قتله.. ثم حاصروه في الشعب (شعب أبي طالب هو وأصحابه) ثلاث سنين حتى أكلوا ورق الشجر وجلود الميتة.
إن الفرج مع الكرب، وإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرا. يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفــــــــارج الله اليأس يقـطع أحــيانا بصـاحبه لا تيـــأسن فإن الكافـــــــــي الله إذا بليت فثق بالله، و ارض به إن الذي يكشف البلوى هــو الله الله يحدث بعد العــسر ميسـرة لا تجزعن فإن الصـــــــانع الله والله مــالك غـير الله من أحــد فحســبـك الله في كل لــــــك الله
﴿ تفسير القرطبي ﴾ قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا. قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا لما بين أن آلهتهم لا تقدر على خلق شيء من السماوات والأرض بين أن خالقهما وممسكهما هو الله ، فلا يوجد حادث إلا بإيجاده ، ولا يبقى إلا ببقائه. و ( أن) في موضع نصب بمعنى كراهة أن تزولا ، أو لئلا تزولا ، أو يحمل على المعنى; لأن المعنى أن الله يمنع السماوات والأرض أن تزولا ، فلا حاجة على هذا إلى إضمار ، وهذا قول الزجاج. التفريغ النصي - تفسير سورة فاطر_ (10) - للشيخ أبوبكر الجزائري. ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا قال الفراء: أي ولو زالتا ما أمسكهما من أحد. و ( إن) بمعنى ما. قال: وهو مثل قوله: ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون. وقيل: المراد زوالهما يوم القيامة. وعن إبراهيم قال: دخل رجل من أصحاب ابن مسعود إلى كعب الأحبار يتعلم منه العلم ، فلما رجع قال له ابن مسعود: ما الذي أصبت من كعب ؟ قال سمعت كعبا يقول: إن السماء تدور على قطب مثل قطب الرحى ، في عمود على منكب ملك; فقال له عبد الله: وددت أنك انقلبت براحلتك ورحلها ، كذب كعب ، ما ترك يهوديته! إن الله تعالى يقول: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا إن السماوات لا تدور ، ولو كانت تدور لكانت قد زالت.
قال تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} [الجاثية:13]. وقوله: { وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54]. أي: سير النجوم (دورانها) في أفلاكها زمانًا ومكانًا هو بتسخير الله وتقديره. 5 0 20, 595
هل سنجد من إله مدبر غيره يمسك السموات والأرض أن تزولا؟ فالحمد لله رب العالمين الذي رفع السماء بغير عمد نراها وحفظ كوننا من الزوال.
وقد أخطأ بعض الملحدين عندما فهم من هذه الآية أن الله يشبه إنسان يمسك السماء والأرض، ونقول إن الله تعالى أكبر من ذلك فهو خالق كل شيء، وإمساكه للسماء والأرض يعني أنه هيَّأ لها قوانين فيزيائية وكونية تسير بنظام محكم، وتحافظ على استقرار الكون، وهذا دليل على وحدانية الخالق تبارك وتعالى، ولو كان في الكون إلهين لاختل النظام الكوني، يقول تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء: 22]. الإشارات القرآنية من خلال هذه الدراسة يتبيَّن لنا أن هذا النيزك يسلك المدار نفسه حول الشمس، هذا المدار خاص بكوكبنا ولو حدث أي خلل في القوانين الفيزيائية الصارمة التي تحكم حركة الأرض والنيزك، لو حدث مثل هذا الخلل لأدى ذلك إلى تصادم رهيب قد يدمر الحياة على الأرض. تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا} - سعود بن عبد الله الفنيسان - طريق الإسلام. ولو تأملنا دراسات سابقة نرى بأن ملايين الأحجار النيزكية تسبح في الفضاء حول الشمس، وقد تقترب من الأرض تارة وتبتعد تارة أخرى، ولكن لا يحدث أي تصادم. إن هذا الأمر يدعونا لنحمد الله تعالى الذي أعطانا هذه النعم وقال: (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].
كذلك أكَّد البيان الإلهي على أن كل شيء يسير في الكون بنظام، يقول تعالى: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) [الرعد: 8-9]، وتأملوا عبارة (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) أي كل شيء يسير بنظام مقدر يضمن استمرار الحياة على ظهر هذا الكوكب. PANET | معنى قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا. وهناك أمر مهم وهو أن الله تبارك وتعالى برحمته يمسك السماء بما فيها من كواكب ونجوم ومجرات وأحجار وغبار، كلها يمسكها ويبعد خطرها عنا وقد أودع في هذا الكون القوانين الفيزيائية التي تضمن ذلك. يقول تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج: 65]. فالله تعالى يمسك السماء بأجزائها وما تحويه من مخلوقات فلا يصلنا أي ضرر منها، بل إن الغلاف الجوي للأرض خلقه الله ليكون سقفاً نحتمي تحته ويقينا شر هذه الأحجار والنيازك، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32]. ــــــــــــ بقلم عبد الدائم الكحيل المراجع
تفسير و معنى الآية 41 من سورة فاطر عدة تفاسير - سورة فاطر: عدد الآيات 45 - - الصفحة 439 - الجزء 22. ﴿ التفسير الميسر ﴾ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا عن مكانهما، ولئن زالت السماوات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده. إن الله كان حليمًا في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة، غفورًا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا» أي يمنعهما من الزوال «ولئن» لام قسم «زالتا إن» ما «أمسكهما» يمسكهما «من أحد من بعده» أي سواه «إنه كان حليما غفورا» في تأخير عقاب الكفار. ﴿ تفسير السعدي ﴾ يخبر تعالى عن كمال قدرته، وتمام رحمته، وسعة حلمه ومغفرته، وأنه تعالى يمسك السماوات والأرض عن الزوال، فإنهما لو زالتا ما أمسكهما أحد من الخلق، ولعجزت قدرهم وقواهم عنهما.
من آياتِ اللهِ الدالَّةِ على أنَّ اللهَ بكلِّ شيءٍ محيط "تماسكُ السمواتِ والأرض" والذي لولاه لانفرطَ عِقدُهما ولزالَ الوجودُ وتلاشى. فاللهُ تعالى هو الذي يُمسكُ السمواتِ والأرضَ حتى لا تزولا، ولو أنَّ أحداً غيرَ اللهِ تعالى أمسكهما لزالتا وتلاشتا: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) (من 41 فاطر). ولقد شدَّدَ اللهُ تعالى على هذه الحقيقةِ وأكَّدها بقولِه: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (من 65 الحج). فلولا أنَّ اللهَ تعالى هو مَن يمسكُ السماءَ، فيجعلُها ذلك تتماسكُ بإذنه، لتهاوت السماءُ وسقطت على الأرض. وهذا هو عينُ ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ قولِ اللهِ تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) (من 2 الرعد)، وقولِه تعالى (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) (من 10 لقمان). فاللهُ تعالى يُحيلُ الإنسانَ إلى ما وقرَ لديه من حقيقةٍ مفادُها ألاَّ ارتفاعَ لسقفٍ إلا على أساسٍ من "أعمدةٍ" يستندُ إليها فإن تهاوت سقط وهوى.