صوهو صدقك وهو كذوب جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه بعد أداء الفريضة يسبح الله ويحمده ويكبّرُه ، والمسلمون بين يديه يفعلون فعله ، فإذا انتهى أحدهم استأذن ، وانطلق إلى مقصِده. أما أبو هريرة رضي الله عنه فقد كان من فقراء أهل الصفـّة لا عمل له سوى التعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدمته. فلما انتهى المسلمون من صلاتهم وذكرِهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هِرّ ٍ قال: لبيك وسعديك يا رسول الله. قال: ادن منّي. قال: سمعاً وطاعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقاتُ المسلمين في رمضان كثـُرَتْ بين يديّ ، واحتاجت إلى من يحفظها ويسهر عليها حتى يحين وقت توزيعها على فقراء المسلمين ، ورأيت أن أكلفك بذلك. قال أبو هريرة: أرجو أن أكون عند حسن ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم بي. وجُمع كل شيء يأتي به الناس في مكان يُشرف عليه أبو هريرة. صدقك وهو كذوب - عالم حواء. فلما جنّ الليل رأى رجلاً يأخذ من الطعام ، فأمسك به أبو هريرة قائلاً: كيف تُسَوّل لك نفسك سرقة المسلمين ؟ قال الرجل: إني محتاج ، وعليّ عيالٌ ، وبي حاجة شديدة. قال أبو هريرة: كان عليك استئذان رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الرجل: أنا فقير ذو فاقة فاعف عنّي.
ارتعدت فرائص ذلك الشخص المجهول وزاغت عيناه، وبدت ملامح الخوف والهلع على محيّاه، فقال بصوت يقطر ألماً ومسكنة: " إني محتاج، وعليّ عيال، ولي حاجة شديدة". رقّت نفس أبي هريرة رضي الله عنه وهو يسمع كلماته التي تصف فقره ومسغبته، وهل صدقة الفطر إلا لأمثاله من المعوزين والمحتاجين؟ وهل ثمة خيرٌ من إسعاد نفسٍ وإدخال السرور عليها؟ وهنا قرر أبو هريرة رضي الله عنه أن يطلق سراحه ويتركه في سبيله. وجاء الصباح، وانطلق أبو هريرة رضي الله عنه، وصدى الحوار الذي دار بينه وبين أسيره لا يزال يرن في أذنه ويذكي في نفسه مشاعر الرحمة والشفقة، ورآه النبي -صل الله عليه وسلم- مقبلاً، فإذا به يسأله: ( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟). دُهِشَ أبو هريرة رضي الله عنه بهذا السؤال! الدرر السنية. ؛ إذْ كانت أحداث الأمس بمعزلٍ عن الناس فلم يسمعه أحد، لكن هذه الدهشة زالت سريعاً؛ فهو رسول الله المتصل بوحي السماء، فأخبره بتفاصيل ما حدث له بالأمس ، واستمع له النبي عليه الصلاة والسلام باهتمام، ثم أعلن له الخبر المفاجيء: ( أما إنه قد كذبك وسيعود). كذبني؟ واستغل طيبتي وحلمي؟ وفوق ذلك: سيعود للسرقة ويكرر الخطيئة؟! يا لوقاحة الرجل، واستحالت مشاعر الرأفة في نفس أبي هريرة رضي الله عنه إلى غضبٍ عارم، وما دام رسول الله -صل الله عليه وسلم- ذكر أنه سيعود فسيعود حتماً ، ولن يفلت الليلة بفعلته.
إن الأمة الإسلامية ما زالت متفوقة بعقيدتها وتمسكها بثوابت دينها، مع كل ما يعتري ذلك التفوق من نقص وتفريط، أو غلو وتطرف، وهذا الذي لا يستطيع أعداء الأمة تدميره أبداً من قلوب المسلمين، مهما ضعف إيمانهم بربهم وتصديقهم لنبيهم وتعظيمهم لقرآنهم، إذ إن كشف غطاء الذلة مرتقب في أي حين، فهي أمة تمرض لكنها لا تموت. ومع اختلاف المسلمين وتباين طرائقهم إلا أنهم متوحدون في هذه الأصول والثوابت العتيقة، مع عدم إغفال أثر الحروب التي تنشب بين المسلمين نتيجة لافتعالها بأيادٍ معادية لهذه الأمة، أو ما يحدث من ضلال بعض الجماعات التي تحقق بمنهجها أهداف الأعداء، وفوق ذلك كله تبقى هذه الثوابت مشتركة بين كل فئات المسلمين، وهي الثوابت التي ما زال المسلمون بها يتفوقون، ويدعون إليها كل الأمم، ولعل هذا أحد أهم أسباب محاولة العدو تفريق جمعها، وتشتيت شملها، وهو الذي يحذر منه أيضاً من حيث قوة انتشارها، وكثرة أتباعها، من بني جلدته ومواطنيه، أو ممن يفد إليه بحجج كثيرة وأسباب مختلفة. غير أن المتأمل في واقع الأمة بعين دنياه يجد أن المسلمين متأخرون كل التأخر في دنياهم، والأسوأ من هذا أن تجد من يسوغ هذا التأخر بمسوغات شرعية، وينزل عليها آيات الزهد وذم الدنيا!
فلما أصبح الصباح انطلق إلى المسجد يؤدي الصلاة – كعادته – مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انتهت الصلاة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة ؟ قال له أبو هريرة: رق قلبي له يا رسول الله حين تباكى ، وزعم أنه ذو حاجة وعيال ، فخلّيت سبيله على أن لا يعود. قال صلى الله عليه وسلم: إنّه قد كذَبك، وسيعود. قال أبو هريرة يخاطب نفسه: صدَقتَ يا رسول الله ، فما تقول إلا الحق ، ولئن قلْتَ إنه سيعود ليعودَنّ. فانتبه ؛ يا أبا هريرة وتيقّظْ. وفي الوقت الذي جاء فيه ذلك الرجل في اليومين السابقين رآه أبو هريرة يحثو من الطعام ، فقبض عليه بشدة ، وقال: هذه آخر ثلاث مرات تسرق ، فأضبطك ، فتزعم أنك ذو عيال وحاجة شديدة ، وأنك لن تعود ، ثم تعود. قال الرجل: ماذا تودّ أن تفعل بي يا أبا هريرة ؟ قال: لأرفعنّك غداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الرجل: أفتتركني إن علّمتك كلمات تقولهنّ إذا أويتَ إلى فراشك ، ينفعك الله بها ؟ قال أبو هريرة: نعم ؛ فما هنّ ؟ قال الرجل: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ. ولا يقربُك الشيطان حتى تصبح. قال أبو هريرة مخاطباً نفسه: أقرأ آية الكرسي ، فأُفيد بها بها مرّتين: الأولى يحفظني الله بها من السارقين ، والأخرى يحفظني الله بها من الشيطان... لأعفوَنّ عنه.
mp3 أبريل 23, 2022 20 – خامسًا و سادسًا: المجاهدة والمعاتبة أكمل القراءة » /wp-content/uploads/sounds/سلاسل%20الخطب/134%20-%20تصحيح%20بدء%20السير%20إلى%20الله%20تعالى/020_23-04-2022_خامسا%20و%20سادسا%20المجاهدة%20والمعاتبة. mp3 أبريل 22, 2022 19 – ثالثًا: معاقبة النفس عند الوقوع في المعاصي أو التفريط في الفرائض أكمل القراءة » /wp-content/uploads/sounds/سلاسل%20الخطب/134%20-%20تصحيح%20بدء%20السير%20إلى%20الله%20تعالى/019_22-04-2022_ثالثا%20معاقبة%20النفس%20عند%20الوقوع%20في%20المعاصي%20أو%20التفريط%20في%20الفرائض. الخشت والأزهري في ندوة طلاب من أجل مصر ”القرآن من التنزيل إلى الحضارة” | وا إسلاماه | جريدة الزمان. mp3 أبريل 21, 2022 18 – كيف إذن يجلس المرء ليحاسب نفسه؟ ثانيًا: المراقبة ( النظر الثاني فيها) أكمل القراءة » /wp-content/uploads/sounds/سلاسل%20الخطب/134%20-%20تصحيح%20بدء%20السير%20إلى%20الله%20تعالى/018_21-04-2022_كيف%20إذن%20يجلس%20المرء%20ليحاسب%20نفسه؟%20ثانيا%20المراقبة%20(%20النظر%20الثاني%20فيها%20). mp3 أبريل 20, 2022 17 – كيف إذن يجلس المرء ليحاسب نفسه؟ تابع المراقبة بيان حقيقة المراقبة والنظر الأول فيه أكمل القراءة » /wp-content/uploads/sounds/سلاسل%20الخطب/134%20-%20تصحيح%20بدء%20السير%20إلى%20الله%20تعالى/017_20-04-2022_كيف%20إذن%20يجلس%20المرء%20ليحاسب%20نفسه؟%20تابع%20المراقبة%20بيان%20حقيقة%20المراقبة%20والنظر%20الأول%20فيه.
وأشار الدكتور الخشت، إلى أن بداية التدوين والكتابة هي لحظة بداية الحضارة، مؤكدًا أن العلوم لا تبدأ إلا من خلال التدوين، لافتًا إلى أن الجسر الذي يجب إقامته هو الإنسان ودعمه بالعديد من الجوانب التي تتمثل في العلوم والفنون وتحقيق العدالة وعمران الأرض، مؤكدا ضرورة صنع حضارة جديدة تستلهم لا تقلد. وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن الإنسان عندما أحسن التعامل مع القرآن ومع الواقع استطاع أن يكون صانعا للحضارة، مشددًا على أن الإنسان هو الجسر والارتكاز الذي بين القرآن وبين الواقع، وأننا بحاجة إلى إعادة بناء جسر جديد بين القرآن من ناحية و الواقع من ناحية أخرى من خلال إعادة بناء الإنسان وتطوير العقل الإنساني وتغيير طرق التفكير حتى نقيم هذا الجسر وننتقل من التنزيل إلى الحضارة. وأشار الدكتور الخشت، إلى وجود حضارات قديمة وجهود إنسانية انتقلت من عصر إلى عصر وصنعت التاريخ، وأن الإنسان استطاع أن يكون صانع الحضارة من خلال فهمه للكتاب والواقع، لافتًا إلى أن ذروة الحضارة الإسلامية كانت في العصر العباسي حيث اتسمت بعظمتها في الفنون والثقافة وعلوم الدنيا والدين وشهدت تقدما في العلوم الشرعية وعلوم الطبيعة والطب وغيرها.
وأشار الدكتور الخشت، إلى أن المسلمين لا يستطيعون التقدم إلا إذا استطاعوا جعل القرآن وحيًا يسير على الأرض انطلاقا من المفاهيم العقلانية المنضبطة وليس تكفير البشر وصراعات الأديان والمذاهب والفرق، وأن الله هو رب البشر جميعا سواء مسلمين أو مسيحين أو بوذيين أو غيرهم وأن خطابه تعالى موجه للناس جميعا، مشيرًا إلى أن الحضارة مثل الكائن الحي يولد وينمو ويشيخ ثم يموت كما قال اشبنجلر الفيلسوف الألماني ، وبالتالي لابد من أخذ السبق والعمل على استعادة الحضارة مرة أخرى واستئناف الدورة الحضارية مرة أخرى التي تشترط العلم. وخلال محاضرته، وجه الدكتور أسامة الأزهري، الشكر للدكتور محمد الخشت على الدعوة الكريمة وعلى الموضوع شديد الأهمية لعنوان الندوة (القرآن المجيد من التنزيل إلى الحضارة)، مؤكدًا أن الدكتور محمد عثمان الخشت فيلسوف ومفكر ورمز وطني كبير من رموز الوطن. وأكد الدكتور أسامة الأزهري، أنه لا وجود لعلم ولا حضارة ولا وطنية ولا دين إلا إذا اتسعت الصدور والعقول للحوار والاختلاف والاتفاق والفكر والحجج، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم من قيمه الصانعة للحضارة أنه يدعو لتعظيم الحجج والأدلة والبراهين وصناعة العلوم المنطقية المعيارية بشرط أن تتسع الصدور لأنه إذا ضاقت الصدور بالخلاف العلمي فهذا موت للحضارة.
وأشار الدكتور الخشت، إلى أن المسلمين لا يستطيعون التقدم إلا إذا استطاعوا جعل القرآن وحيًا يسير على الأرض انطلاقا من المفاهيم العقلانية المنضبطة وليس تكفير البشر وصراعات الأديان والمذاهب والفرق، وأن الله هو رب البشر جميعا سواء مسلمين أو مسيحين أو بوذيين أو غيرهم وأن خطابه تعالى موجه للناس جميعا، مشيرًا إلى أن الحضارة مثل الكائن الحي يولد وينمو ويشيخ ثم يموت كما قال اشبنجلر الفيلسوف الألماني ، وبالتالي لابد من أخذ السبق والعمل على استعادة الحضارة مرة أخرى واستئناف الدورة الحضارية مرة أخرى التي تشترط العلم. وخلال محاضرته، وجه الدكتور أسامة الأزهري، الشكر للدكتور محمد الخشت على الدعوة الكريمةو