السؤال: ما معنى الطاغوت؟ وهل كل طاغوت كافر؟ الإجابة: الطاغوت في اللغة مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، ومجاوزة الحق إلى الباطل، ومجاوزة الإيمان إلى الكفر وما أشبه ذلك، والطواغيت كثيرون، وكل طاغوت فهو كافر بلا شك. والطواغيت كثيرون ولكن رءوسهم خمسة كما ذكر ذلك العلامة ابن القيم وغيره. معنى كلمة الطاغوت - بيت الحلول. الأول: إبليس - لعنة الله - فإنه رأس الطواغيت، وهو الذي يدعو إلى الضلال والكفر والإلحاد ويدعو إلى النار فهو رأس الطواغيت. والثاني: من عبد من دون الله وهو راضٍ بذلك، فإن من رضي أن يعبده الناس من دون الله فإنه يكون طاغوتًا، كما قال تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [سورة المائدة: آية 60]، فالذي يعبد من دون الله وهو راضٍ بذلك طاغوت، أما إذا لم يرض بذلك فليس كذلك. والثالث: من ادعى شيئًا من علم الغيب، فمن ادعى أنه يعلم الغيب فهو طاغوت؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى: {قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [سورة النمل: آية 65]، والذي يدعي أنه يعلم الغيب يجعل نفسه شريكًا لله عز وجل في علم الغيب فهو طاغوت.
يقول ربنا عز وجل: ﴿لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللَّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى لَا انفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٦] فما هو الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به، قبل الإيمان بالله ليتحقق الإيمان ؟ لقد اختلف الناس كعادتهم في تحديد ماهو الطاغوت، فمنهم من يحصره في الشيطان، ومنهم من يجعله كل من عبد من دون الله وهو راض، وغير ذلك من التعريفات المختلفة، فما هي حقيقة الطاغوت في وحي الله عز وجل؟!
ولا يخفى وجوب تقييد ذلك بحال الرضا ممن يعبد من دون الله عز وجل. أما من عبد من دون الله وهو غير راضٍ بذلك، فليس بطاغوت ألبتة، ولا إثم عليه في غلو من غلا فيه. والله أعلم.
وأما المطاع في قوله رحمه الله: فيريد به الأمراء الذي يطاعون شرعاً، أو قدراً، فالأمراء يطاعون، شرعاً إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله، فالواجب على الرعية إذا أمر ولي الأمر بأمر لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمر في هذه الحال بهذا القيد طاعةٌ لله عز وجل، ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أنا في ذلك نتعبد لله تعالى ونتقرب إليه بطاعته، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلى الله عز وجل، وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك، لأن الله تعالى يقول: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. وأما طاعة الأمراء إذا قدراً فإن الأمراء كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان ، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة، النافعة لولاة الأمر، والنافعة للناس أيضاً، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قوياً يخشى الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره. معنى الطاغوت هو - منبع الحلول. ولهذا نقول: إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع. الحالة الأولى: أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها.
أما الأولياء المؤمنون يبرءون إلى الله منهم، ما يرضون بأن يعبدوا من دون الله، هكذا الأنبياء هكذا الملائكة وهكذا الجن المؤمنون ما يرضون، فالطاغوت: هو الذي يدعو إلى عبادة غير الله، أو يرضى بها كـفرعون وأتباعه. فالبراءة من ذلك معناه البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانه يعني أن تبرأ من عبادة غير الله وأن تعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة الحق لله وحده كما قال في كتابه العظيم في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا.
قاعدة "الكفر بالطاغوت" استطاع أبو محمد المقدسى أحد أبرز المنظريىن لتنظيم "القاعدة"، أن يكفر كل المسلمين وينفي أي وجود للمجتمعات الإسلامية غير جماعته وأتباعه، فبضربة واحدة وبمعادلة بسيطة كفر كل الناس فى كل بقاع الأرض، مقتديًا بغيره من التكفيريين الدمويين أمثال "سيد قطب"، ورفاقه محاولًا أن يشرعن قتله للأبرياء، وسفكه للدماء بغطاء من الشرع والدين، عن طريق تحريف قاعدة "الكفر بالطاغوت" واعتبار جميع حكام المسلمين، ومن رضي بحكمهم سواء من الجيوش والشرطة والموظفين والمواطنين كلهم عباد للطواغيت. تركيب معادلة الدم يبدأ المقدسى بتركيب المعادلة الفكرية القاتلة فيقول: إن الله قد بعث الرسل لأجل أن يُعبد الله ويجتنب الطاغوت، (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) سورة النحل". ثم يفسر الطاغوت بأنه الحاكم الذى يحكم بغير ما أنزل الله ومن ثم فهو كافر ويستند إلى قوله تعالى: "يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ" ﴿٦٠ النساء﴾.
فآية البقرة تشترط الكفر بالطاغوت أولا، ثم الإيمان بالله، وهذا يعني الكفر بكل إله سوى الله عز وجل، ثم الإيمان بالله، وهذا بالضبط هو التجسيد لقول "لا إله إلا الله" فلا إله، تعني الكفر بكل إله، و"إلا الله"، إثبات الإيمان بالله وحده.