نهاية الخلافة أبو العباس السفاح: في اليوم الثاني سار السفاح إلى معسكر حمام أعيّن، ونزل في حجرة أبي سلمة الخلال، ووضع بينهما ستراً. واستخلف على الكوفة وأرضها عمه داود بن علي. وبعث عمه عبد الله بن علي في قوة دعماً لأبي عون عبد الملك بن يزيد لقتال مروان بن محمد. وبعث ابن أخيه عيسى بن موسى، دعماً للحسن بن قُحطبة الذي يُحاصر يزيد بن عمر بن هبيرة في واسط. وأرسل يحيى بن جعفر بن تمام بن عباس ليُساعد حميد بن قُحطبة الذي يدعو لبني العباس في منطقة المدائن ويقاتل فلول الأمويين هناك. وأرسل أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمّار بن ياسر على رأس قوة عوناً إلى بسّام بن إبراهيم بن بسّام بالأهواز. وانتصر عبدالله بن علي على مروان بن محمد في معركة الزاب، يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة. وفرَّ مروان إلى قاعدته (حرّان) فأقام بها نيفاً وعشرين يوماً، ومنها سار إلى قنسرين، وعبد الله بن علي متتبع له ومن قنسرين سار مروان إلى حمص، ومنها إلى دمشق فالأردن ففلسطين، ثم سار إلى مصر، واختبأ ببوصير حتى قتل فيها في (27) ذي الحجة من عام (132 هجري). أما ابناه عبد الله وعبيد الله فقد فرا إلى الحبشة مع جماعة من الأتباع، ثم قتلت الحبشة عبيد الله، وأفلت عبد الله الذي سلم نفسه أيام خلافة محمد المهدي.
تمر، اليوم، الذكرى الـ1267 على رحيل الخليفة العباسى الأول، إذ رحل فى 10 يونيو عام 754 عن عمر ناهز حينها 32 عاما، وكانت تثار حول شخصية السفاح العديد من الآراء ونسب عنه العديد من القصص وحتى الأحاديث الشريفة، حيث ادعى البعض من بنى العباس نبوءات نبوية عن السفاح. أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عَبْد الله بن العباس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشمى القرشى أول خلفاء بنى العباس، تولى حكم الدولة الإسلامية وهو فى السادسة والعشرين من عمرِه، وهو الخليفة التاسع عشر من خلفاء المُسلمين، ويلتقى مع النبى محمد بن عبد الله فى جده عبد المطلب، وأمه ريطة الحارثية، وكان مولده بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء (في الأردن حالياً) في الشام في أيام حكم الأمويين عام 104 هـ الموافق 721، ونشأ بها حتى أخذ مروان بن محمد أخاه إبراهيم الإمام، فانتقلوا إلى الكوفة التي بويع له فيها بالخلافة بعد مقتل أخيه في حياة مَرَوانَ. بحسب كتاب "أطلس تاريخ الدولة العباسية" للكاتب سامى بن عبد الله المغلوث، عن أبى سعيد الخدرى، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: يخرج منا رجل فى انقطاع الزمن، وظهور الفتن يسمى السفاح، يكون عطاؤه المال حثيا"، وأئمة الحديث لا يصرفون هذا الاسم إلى أبى العباس، وإنما هو نبوءة كبقية النبوءات، والحديث النبوى لا يدرى تأويلها إلا أن تكون، لكن الدعوة العباسية فيما يظهر قد جمعت بين هذا الحديث وحديث آخر هى من باب النبوءات أيضا، وجعلت منها حديثا اتخذته فى الدعوة إلى إقامة الخلافة فى بنى العباس.
خلافة أبى العباس السفاح ( 132 - 136هـ / 750 - 754 م) هو عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم. ولم تطل مدة خلافته، إنما هى سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة. انتشار الإسلام: فقد سكن الكوفة، ثم تركها وأقام بالحيرة، ثم اختار مدينة "الأنبار" فبنى بها قصورًا وأحب الإقامة بها، وظل فيها حتى توفى. وكان لابد من تأمين الحدود، ورفع راية الإسلام ونشره فى ربوع الأرض لتصبح كلمة الله هى العليا، فبدأت من جديد تلك الحملات لتأديب الروم أعداء الإسلام والمسلمين. عقد أبو العباس لعبد الله بن على أمر هذه المهمة سنة 136هـ/ 754م، فقاد عبد الله جيشًا من أهل الشام وخراسان. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سيطر الجيش الإسلامى فى عصره من جديد على بلاد ما وراء النهر، وهى المنطقة الواقعة فى حوض نهرى جيحون وسيحون مما يعرف الآن بالجمهوريات الإسلامية فى آسيا الوسطى التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى مؤخرًا. قمع الثورات: ولم يخل عهده من ثورات قام بها بعض قواد الأمويين فى أول عهده بالخلافة وفى آخره، فقضى على ثورة "أبى الورد" الذى انضم إليه أهل "قنسرين"، و"حمص"، و"دمشق"، وكان ذلك عام تولّيه الحكم. وفى آخر عهده، أعلن أهل دمشق تمردهم على خلافة العباسيين سنة 136 هـ، وبايعوا أحد الأمويين، ولكنهم ما لبثوا أن هربوا أمام الجيش العباسى الذى داهمهم وطاردهم.