قال المهدوي: وروي عن أبي جعفر المنصور: أنه قرأ ألم نشرح لك صدرك بفتح الحاء وهو بعيد ، وقد يؤول على تقدير النون الخفيفة ، ثم أبدلت النون ألفا في الوقف ، ثم حمل الوصل على الوقف ، ثم حذف الألف. وأنشد عليه: اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسوط قونس الفرس أراد: اضربن. وروي عن أبي السمال ( فإذا فرغت) بكسر الراء ، وهي لغة فيه.
وعن ابن عياض نحوه. وفي رواية عن ابن مسعود: ( فانصب وإلى ربك فارغب) بعد فراغك من الصلاة وأنت جالس. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ( فإذا فرغت فانصب) يعني: في الدعاء. وقال زيد بن أسلم والضحاك: ( فإذا فرغت) أي: من الجهاد ( فانصب) أي: في العبادة. ﴿ تفسير القرطبي ﴾ قوله تعالى: فإذا فرغت قال ابن عباس وقتادة: فإذا فرغت من صلاتك فانصب أي بالغ في الدعاء وسله حاجتك. وقال الكلبي: إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب أي استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. وقال الحسن وقتادة أيضا: إذا فرغت من جهاد عدوك ، فانصب لعبادة ربك. وعن مجاهد: فإذا فرغت من دنياك ، فانصب في صلاتك. ونحوه عن الحسن. إعراب قوله تعالى: فإذا فرغت فانصب الآية 7 سورة الشرح. وقال الجنيد: إذا فرغت من أمر الخلق ، فاجتهد في عبادة الحق. قال ابن العربي: " ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية ( فأنصب) بكسر الصاد ، والهمز من أوله ، وقالوا: معناه: أنصب الإمام الذي تستخلفه. وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدا. وقرأها بعض الجهال ( فانصب) بتشديد الباء ، معناه: إذا فرغت من الجهاد ، فجد في الرجوع إلى بلدك.. وهذا باطل أيضا قراءة ، لمخالفة الإجماع ، لكن معناه صحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم -: السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته ، فليعجل الرجوع إلى أهله.
يُعينُ السياقُ القرآني على تبيُّنِ المعنى الذي تنطوي عليه هذه الآية أو تلك من الآيات الكريمة التي يتكوَّن هذا السياقُ منها. وفي هذا المنشور سوف أورِدُ مثالاً على ما لتدبُّر السياق القرآني من قدرةٍ على تبيين المعنى الذي تشتملُ عليه واحدةٌ من الآيات الكريمة التي تُكوِّنه. لنتدبَّر الآية الكريمة 7 من سورة الشرح (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ). فالمعنى "الابتدائي" (الأولي) لهذه الآية الكريمة التي تخاطب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو: "فإذا "فرغتَ" من كلِّ ما أنت مضطرٌّ إلى الانشغالِ به من أمورِ دُنياك، "فتفرَّغ" لله ربِّك التفرُّغَ الذي سوف يُقرِّبُك إليه القربى التي وُعدت بها". أما المعنى "الثانوي"، والذي يتكفَّلُ بتبيانِ مُرادِ هذه الآية الكريمة، فإن تدبُّرَ الآياتِ الكريمة التي سبقتها، وتدبُّرَ ما جاء بعدها، هو الذي يتكفَّلُ بكشفِ النقاب عنه (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1)وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ(2)الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ(3)وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ(4)فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(5)إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(6)فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ(7)وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ). فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب. فاللهُ يُذكِّر رسولَه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم في الآيات الكريمة 1-6 من هذه السورة الجليلة بسابقِ فضلِه عليه وبما ينبغي ألا يغيبَ عن باله من أنَّه تعالى ما كان ليذرَ العُسرَ ينفردُ بعبده دون أن يصاحبَ هذا العسرَ يُسرٌ.
• ثانيا: في العطلة الصيفية تكون بعض حفلات الأعراس المختلطة أيضا حيث لا حدود ولا قيود، فيرقص الكل على نغمات موسيقى فاسقة الإيقاع والكلمات؛ نعم يجوز أن نغني في أعراسنا مع اتخاذ الإجراءات التي يفرضها زمن "كورونا"؛ ولكن لهذا الغناء شروط تحمي الأعراض وتقضي الأغراض وتمنع الأمراض، وعلى رأسها الفصل بين النساء والرجال، حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه في الحال أو في المآل. • ثالثا: في العطلة الصيفية تكثر الأسفار وتحدث بذلك حوادث السير، حيث تكتظ الطرق بالمسافرين، وكثير من الناس يشدون الرحال من مدينة إلى أخرى لصلة الأرحام، وإذا كانت الطرق نعمة، فإنها قد تتحول بسوء التصرف إلى نقمة، والاحصائيات في بلادنا تكشف لنا عن ارتفاع مخيف لما يسمى بحرب الطرق القاتلة، فاحتاج هذا الأمر لعلاج سريع، ودواء ناجع. ● الخلاصة: العطلة ليست فراغا ونقمة نرغب فيها عن الخير بانتهاك الحرمات وارتكاب المحرمات؛ بل هي فرصة ونعمة نرغب فيها إلى الخير باستدراك ما فات من الأعمال والقربات؛ فكن ممن ينصب ليرغب إلى ربه، ولا تكن ممن ينصب ليرغب عن ربه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشرح - الآية 7. ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول اللهﷺ…
وإلى ربك فارغب}... صدق الله العظيم. عن اسلام. ويب
لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب} بهاتين الآيتين ختم الله تبارك وتعالى سورة الشرح.. وسورة الشرح ـ كما يقول صاحب التحرير والتنوير: "احتوت على ذكرِ عنايةِ الله تعالى برسوله بلطف الله له، وإزالةِ الغمّ والحرجِ عنه، وتيسير ما عسر عليه، وتشريفِ قدره؛ لِيُنَفِّسَ عنه؛ فمضمونُها شبيهٌ بأنه حجةٌ على مضمون سورة الضحى؛ تثبيتاً له بتذكيره سالف عنايته به، وإنارة سبيل الحق، وترفيع الدرجة؛ ليعلم أن الذي ابتدأه بنعمته ما كان لِيقطع عنه فضله، وكان ذلك بطريقة التقرير بماض يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم". ( فاذا فرغت فانصب ) | بصائر. ولكن ما المقصود بالنصب؟ وما هو الشيء الذي يتفرغ منه؟ وكيف يرغب إلى الله تعالى؟ وما الذي يمكن أن يستفيده المسلم من هذا الأمر، خصوصا ونحن مطالبون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر له هو أمر لأمته ما لم يأت مخصص يخصصه برسول الله؟ لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. حيث يمتن الله تعالى في أوائل السورة على نبيه بأن شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.. لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره.. أي شرحنا لك صدرك.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه القاعدة: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} معنى عظيم، وهو أصل من الأصول التي تدل على أن الإسلام يكره من أبنائه أن يكونوا فارغين من أي عمل ديني أو دنيوي! وبهذا نطقت الآثار عن السلف الصالح رحمهم الله: يقول ابن مسعود رضي الله عنه: إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة(4)، وسبب مقت ابن مسعود رضي الله عنه لهذا النوع من الناس؛ لأن "قعود الرجل فارغاً من غير شغل، أو اشتغاله بما لا يعينه في دينه أو دنياه من سفه الرأي، وسخافة العقل، واستيلاء الغفلة" (5). ولقد دلّ القرآن على أن هذا النوع من الناس الفارغين ـ وإن شئت فسمهم البطالين ـ ليسوا أهلاً لطاعة أوامرهم، بل تنبغي مجانبتهم؛ لئلا يُعدوا بطبعهم الرديء، كما قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28]، يقول العلامة السعدي رحمه الله: "ودلت الآية، على أن الذي ينبغي أن يطاع، ويكون إماماً للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلهج بذكر الله، واتبع مراضي ربه، فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما من الله به عليه، فحقيق بذلك، أن يتبع ويجعل إماماً"(6).