[١٦] وذُكِرت كلمة الصافات في سورة النور كوصفٍ للطير أيضاً، وقد سبق نزول سورة الصافات نزول سورة الملك، و سمِّيت بالصافات نسبةً لأوَّل آية بدأت بها السورة، وهذه عادة الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه الكريم أن يُسمِّي الأشياء ببعضٍ منها، [١٧] وترتيب نزول سورة الصافات بين السور القرآنية السادسة والخمسون، وتوسَّط نزولها بين سورة الأنعام وسورة لقمان، فقد سبق نزول سورة الصافات سورة الأنعام، وسورة لقمان نزلت بعدها. [١٧] مناسبتها لما بعدها ولما قبلها من السور وترتبط سورة الصافات بسورتي ص و يس ارتباطاً وثيقاً، فمثلاً نهاية سورة الصافات مرتبطة ببداية سورة ص وهي السورة التي تليها، فقد قال الله -تعالى- في أواخر آيات سورة الصافات: (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ* لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ثم كفروا به)، [١٨] وابتدأت سورة ص بقوله -تعالى-: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)، [١٩] تأكيداً على ترابط المعنى بين السورتين فهذا الذكر الذي طلبه أولئك الكافرون ما هو إلا القرآن العظيم، وفي ارتباط آخر بين هاتين السورتين العظيمتين فقد أكملت سورة ص ذكر ما بقي من الأنبياء الذين لم تذكرهم سورة الصافات.
بتصرّف. ↑ سورة الصافات، آية:180 ↑ محمد محمود حجازي (1413)، التفسير الواضح ، بيروت:دار الجيل الجديد، صفحة 197، جزء 3. بتصرّف. ↑ ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير ، تونس:الدار التونسية للنشر، صفحة 81، جزء 23. بتصرّف. ↑ ابن عجيبة (2002)، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد ، القاهرة:الدكتور حسن عباس زكي، صفحة 589، جزء 4. بتصرّف. ^ أ ب أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة ، صفحة 4. بتصرّف. ↑ سورة الصافات، آية:27 ↑ سورة الصافات، آية:1-3 ^ أ ب محمد الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن ، بيروت:دار طوق النجاة، صفحة 128، جزء 24. بتصرّف. ↑ سورة الصافات، آية:168-169 ↑ سورة ص، آية:1 ^ أ ب وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير للزحيلي (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر المعاصر، صفحة 161، جزء 23. بتصرّف. ↑ سورة يس، آية:81
ذات صلة فضل سورة ص أسرار سورة الصافات فضل سورة الصافات ورد في سورة الصافات قول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلهِ وسلم، يأمرُنا بالتخفيفِ، ويؤمُّنا بالصَّافَّاتِ)، ، [١] [٢] أمَّا ما ورد من حديثٍ يُخبرنا فيه أنَّه من قرأ يس والصافات من كلِّ جمعة أُعطي سؤله واستجاب الله دعوته؛ فهو حديثٌ لا أصل له وهو حديثٌ مكذوب موضوع. [٣] ومن الجدير بالذكر أنَّ أكثر ما جاء من الأحاديث عن فضل السور القرآنية موضوع ولا يصحُّ منها إلاّ القليل وقد وضحَّها الأمام السيوطي، ومن السُّور التي صحَّ حديثُ فضلها فاتحة الكتاب، وسورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة الإخلاص، والمعوذات وغيرها من السور. [٤] مقاصد سورة الصافات إنَّ سورة الصافات لها مقاصدٌ وأهدافٌ عدَّة، منها ما يأتي: تتحدَّث السورة عن الملائكة، وقد أقسم الله -عزَّ وجلَّ- بها وهي تقف صفوفاً للعبادة، وتَصُفُّ أجنحتها في الهواء طاعةً لله -سبحانه-، وتحدَّثت عن المؤمنين العابدين الطائعين المقيمين للصلاة. [٥] ذكرت السورة بعض الأمور العقائدية كالوحدانية وما دلَّ عليها ، من تعظيمٍ وتنزيهٍ لله -تعالى- عن جميع النقائص والعيوب، وتحدَّثت عن مآل الكافرين، وأجر ونعيم المتقين، وكيف عُوقب وهلك قوم لوط.
المصحف الشريف فهرس المصحف قراءة سورة الصافات
[١١] َّ التعريف بسورة الصافات سورة الصافات سورة مكيّة، لذا نزلت ترُدَّ على جُحود المشركين في إثبات البعث والحساب، وأنَّ الله واحدٌ لا شريك له، فجاءت مؤيدة بدلائل قدرة الله، [١٢] فإنها ترسِّخ حقيقة الوحدانية؛ وأنَّ الله وحده لا شريك له، ودحض عقيدة الأصنام، وأنَّ الله وحده المستحقُّ للعبادة، وأن لا يُشرك مع الله أحد، فهو المتصرِّف بأمور هذا الكون كلِّه سواءٌ في السماوات أو الأرض. [١٣] وتحدَّثت عن الحوارات التي تدور مع المتقين، كما في قوله -تعالى-: (أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ)، [١٤] وقوله -تعالى-: (إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ)، فهي هنا تتحدَّث عن فرحهم وسرورهم، و كيف أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- نجَّاهم من العذاب، وثبَّتهم حتى دخلوا الجنَّة، وذكرت فضائل الأنبياء -عليهم السلام- وصبرهم، منهم إبراهيم -عليه السلام- كيف هاجرإلى ربِّه وصبر على ابتلائه؛ فأصبح خليلٌ للرحمن بصبره وثباته وطاعته لله. [١٣] اسمها ومعناه وسبب تسميتها الاسم الذي اشتهرت به هذه السورة هو الصافات، وقد اتُّفق وأجمع عليه جميع المفسرين، وهو ما ورد في كُلِّ المصاحف وكتب التفاسير، وهذا الاسم عائدٌ لوصف الملائكة في الآيات الأولى من السورة: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا* فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا)، [١٥] مع أنَّ هذه الكلمة وردت في سورة الملك إلّا أنَّها كانت صِفةٌ للطيور.
تصف في السماء كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة. وقيل: تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه حتى يأمرها الله بما يريد. وهذا كما تقوم العبيد بين أيدي ملوكهم صفوفا. وقال الحسن: صفا لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم. وقيل: هي الطير ، دليله قوله تعالى: أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات والصف ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة. والصافات جمع الجمع ، يقال: جماعة صافة ثم يجمع صافات. وقيل: الصافات جماعة الناس المؤمنين إذا قاموا صفا في الصلاة أو في الجهاد ، ذكره القشيري.
{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ} هرب، ابن عيسى: الآبِق: الفار إلى حيث لا يهتدي الطالب (١) ، فَشُبِّهَ يونس بالفارِّ من مولاه. وقيل: أبق: خرج (٢). وقيل: فَزِع (٣). وقيل: تباعد (٤). {إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)} المملوء، وقيل: المُجَهَّز (٥). وكان يونس - عليه السلام - وعد قومه العذاب، فلما تأخر العذاب عنهم خرج كالمُتَشَوِّرِ منهم (٦) ، فقصد البحر وركب السفينة. وقيل: لما وعدهم بالعذاب خرج من بين أظهرهم كعادة الأنبياء إذا نزل بقومهم العذاب، وكان ذلك بغير أذن من الله، وقد سبق (٧). {فَسَاهَمَ} قارعهم مرة. وقيل: ثلاث مرات (٨). وقيل: سبعين مرة (٩). والمساهمة: إلقاء السِّهام على جهة القرعة. {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)} أي: فوقع السَّهْم عليه، فكان من المقروعين المغلوبين بالحجة، تقول: دَحَضْتُ حجته فهي داحضة، وأدحضت زيداً إذا أدحضت حجته وغلبته. (١) انظر: النكت والعيون (٥/ ٦٦). (٢) حكاه السمرقندي في بحر العلوم (٣/ ١٢٣). (٣) انظر: زاد المسير (٧/ ٨٦). (٤) انظر القولين السابقين في زاد المسير (٧/ ٨٦). (٥) قاله الفراء في معاني القرآن (٢/ ٣٩٣). (٦) تَشَوَّرَ الرَّجُل: أي خَجِل، وشَوَّرْت الرَّجل إذا خَجَّلْته فخَجِل.