وقتُ الوقوفِ بعرفةَ يبدأ مِن الزَّوالِ جمهورُ أهلِ العلمِ على أنَّ وقت الوقوفَ بعرفةَ يبدأ مِن الزَّوالِ، وذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ -وهو المشهورُ عن الإمامِ أحمدَ- أنَّه مِن فجرِ يومِ عرفة، وعلى هذا التقديرِ لو وقفَ إنسانٌ بعرفةَ بعدَ صلاةِ الفجرِ مِن يومِ عرفةَ وذهبَ إلى مزدلفةَ، أو إلى مكةَ ومِن ثمَّ عاد إلى مزدلفةَ في الليلِ: فإنَّه يصحُّ حجُّهُ، وغايةُ الأمرِ أنَّه يجبُ عليه دمٌ لتركِهِ الوقوفَ إلى غروبِ الشمسِ. وأصلُ هذا المذهبِ حديثُ عروةَ بنِ المضرّسِ الذي جاءَ إلى النَّبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو بالمزدلفة وذكرَ له أنَّه ما تركَ جبلًا وما تركَ مكانًا إلَّا وقفَ فيه، فجاءَ في الحديثِ: (أنَّه مَن شهدَ صلاتَنا هذه وقد وقفَ بعرفةَ قبلَ ذلك أيَّ ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ فقد تمَّ حجُّهُ وقضى تفثَهُ) [1] ، فهذا حُجَّةُ من ذهبَ إلى ذلك. والأظهرُ عندي -واللهُ تعالى أعلمُ-: أنَّ هذا الحديثَ مُجملٌ يٌفسّره فعلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فإنَّه لم يقف إلا بعد الزَّوال والمسلمون معه، فهو مقيِّد لإطلاق حديث عروة. ما حكم حج من أتاها الحيض وهي بعرفة؟. فيفسّر قولُه (مِن ليلٍ) -وهذه ليست موضعَ إشكالٍ - (أو نهارٍ) يفسٌّره فعلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وقال بعضُهم: ليس بصائِمٍ، فأرسَلَتْ إليه بقَدَحٍ لبنٍ وهو واقِفٌ على بعيرِه فشَرِبَه}. وقت الوقوف بعرفة يبدأ من الزوال - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك. في يوم عرفة يُكره التطوع بين صلاتي الظهر والعصر وهذا ما اتفق عليه المذاهب الأربعة الحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية، ودليلنا من السنة حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: { ثمَّ أذَّنَ، ثمَّ أقام فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العصْرَ، ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا}. سنن ومستحبات الوقوف في عرفة يُستحب في يوم عرفة الاغتسال وهذا ما اتفق عليه المذاهب الأربعة والدليل على ذلك من السنة النبوية "عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، لَمَّا سُئِلَ عن الغُسْلِ قال: يومَ الجُمُعة، ويومَ عَرَفةَ، ويومَ النَّحْر، ويومَ الفِطْر". يسن السير من منى إلى عرفة صباحًا من بعد طلوع الشمس وهذا ما اتفق عليه فقهاء المذاهي الأربعة فقد وصف جابر بن عبد الله حجة النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: { فلما كان يومُ التَّرْوِية توجَّهوا إلى مِنًى، فأهلُّوا بالحج، وركِبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فصلَّى بها الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفَجرَ، ثم مكث قليلًا حتى طلَعَتِ الشَّمسُ، وأمَرَ بقُبَّةٍ مِن شَعْرٍ تُضْرَبُ له بنَمِرةَ، فسار رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا تشكُّ قريشٌ إلَّا أنَّه واقِفٌ عند المشعَرِ الحرامِ، كما كانت قريشٌ تصنَعُ في الجاهليَّةِ، فأجاز رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى أتى عَرَفة}.
ولهذا نقولُ: أنَّ الصَّوابَ أنَّ الوقوفَ بعرفةَ إنَّما يبدأُ وقتُهُ مِن الزوالِ، وهذا مذهب الجمهور، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ [2]. [1] أخرجه أبو داود 1950، والترمذي 891، والنسائي 3039 – 3043، وابن ماجه 3016 من طرق، عن الشعبي، عن عروة بن المضرس، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن خزيمة 2820- 2821، وابن حبان 3850- 3851، والحاكم 1700- 1701. وأخرجه الحاكم 1702 من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عروة بن المضرس، به. وقت الوقوف بعرفة والمكث داخل مسجد نمرة - إسلام ويب - مركز الفتوى. ويوسف هذا قال الحافظ في التقريب 7862: تركوه وكذبه ابن معين! وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن يعمر الدولي: أخرجه أبو داود 1949، والترمذي 889- 890، والنسائي 3044، وابن ماجه 3015 من طريق الثوري، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي نحوه. [2] زاد المستقنع، كتاب الحج، درس رقم 14.
وعليه في عرفة أن يكثر من الدعاء والابتهال إلى الله، وذلك أنه إذا زالت الشمس في عرفة في اليوم التاسع؛ فإنه يصلي الظهر والعصر جماعة بأذان واحد وإقامتين، مع قصر كل منها إلى ركعتين، ثم يستمر في الدعاء والتضرع إلى أن تغرب الشمس، ولا داعي لذهابه للجبل أو صعوده عليه أو مشاهدته أو استقباله حال الدعاء، وإنما يستقبل الكعبة المشرفة. 8 -7 94, 866
فهي تستمر في حجها، تخرج معهم إلى عرفات، وتقف في الموقف، وتذكر الله، وتلبي، وتدعو ربها، وترفع يديها كالرجل، وهكذا تنصرف بعد الغروب إلى مزدلفة، وتبقى في مزدلفة إلى بعد صلاة الفجر، تقف مع الناس بعد الفجر، تدعو ربها، ترفع يديها، تلبي في الطريق، وفي مزدلفة، لكن لا تصلي، ولا تطوف بعد ذلك. المقصود: أنها مثل الحجاج في ذكرهم، ودعائهم، ونحو ذلك ما عدا الصلاة، والطواف، وإن تعجلت مع الناس من مزدلفة في آخر الليل؛ فلا بأس، إذا تعجلت في آخر الليل من مزدلفة مع بقية الناس فإن الرسول ﷺ رخص للضعفة أن يتعجلوا من مزدلفة في آخر الليل -عليه الصلاة والسلام- وإذا تعجلت إلى منى تبقى في منى، ولا تطوف، تبقى حتى تطهر، فإن نزلت إلى مكة، ولم تطهر؛ بقيت في مكة حتى تطهر، فإذا طهرت؛ تمت حجها، طافت، وسعت إن كان عليها سعي، وأكملت حجها، والحمد لله. نعم.