باسمك اللهم أموت وأحيا [12] ، بعضهم يقول: أي بذكر اسمك، عند مَن اعتبر الاسمَ هو المراد به الاسم، نفس الاسم، ومَن قال: المراد به المسمّى، قال: باسمك اللهم أي: بك يا الله أموت وأحيا، يعني: أحيا ما حييتُ، وعليه أموت. وهذا قريبٌ. ومن أهل العلم مَن قال: بأنَّ المقصود بالاسم هنا اسمٌ معينٌ، وهو (المميت) عند مَن عدَّ ذلك من الأسماء، وباسمه (المحيي)، يعني: يحيا باسمه (المحيي) أنَّ ذلك من مُقتضيات هذه الأسماء، ومن آثارها أنَّ الله يُحيي ويُميت، ولكن هذا لا يخلو من بُعْدٍ -والله تعالى أعلم-، لكن هؤلاء يقولون: هذه الأشياء الواقعة في الوجود هي صادرة عن أسمائه -تبارك وتعالى-، وما تضمّنتها من الأوصاف، وقد مضى الكلامُ على هذا مُفصَّلاً في الكلام على الأسماء الحسنى، ولكن تفسير ذلك في هذا الموضع -والله أعلم- لا يخلو من بُعْدٍ. وبعضهم يقول، عند مَن فسَّره بأنَّ المراد المسمّى، قال: يعني: أنني أموت وأحيا بإرادة الله ، والموت هنا من أهل العلم مَن فسَّره بالنوم، فهو موتة صُغرى، وقد ذكرنا الفرقَ بين الموتتين، وقلنا: إنَّ الموتَ الكبير، أو الموت الأكبر هو يكون بمُفارقة الروح للجسد مُفارقةً تنتفي معها الحياة، وأمَّا في النوم فتلك مُفارقة ينتفي معها الإدراك.
اللهم قني عذابك طلبٌ للوقاية من العذاب، يوم تبعث عبادك ، وفي لفظٍ: يوم تجمع عبادك [8] ، والمعنى واحد؛ لأنَّ الجمع إنما يكون في ذلك اليوم بعد البعث والنُّشور، وذاك العذاب هو العذاب الذي لا يكون عذابٌ أعظم منه، وإلا فقد يحصل في الدنيا عذابٌ، قد عذَّب اللهُ أقوامًا، ولكن العذابَ الأكبر يوم القيامة: قني عذابك يوم تبعث عبادك. فهنا يقول هذا كلَّ ليلةٍ إذا أراد أن ينام: قني عذابَك يوم تبعث عبادك ، فهذا يجعل النومَ وسيلةً لذكر الموت، والبعث، وما بعده من العذاب، فهو يستحضر ذلك دائمًا، فنومه يقظة، ويقظته كذلك، وليس للغفلة إليه سبيلٌ بحالٍ من الأحوال، فهو إذا أراد أن ينام كما سبق يقول: باسمك اللهم أموت وأحيا [9] ، يتذكّر أنَّ نفسَه بيد الله ، ويتذكّر الموت، ويقول: إن أمسكتَ نفسي فاغفر لها وارحمها، وإن أرسلتَها فاحفظها ، وهذا الحفظ بما تحفظ به عبادك الصَّالحين [10] ، إلى آخر ما مضى. ومن هذه الأذكار أيضًا ما جاء عن حُذيفة قال: كان النبيُّ ﷺ إذا أراد أن ينام قال: باسمك اللهم أموت وأحيا [11] ، وهذا مُخرَّجٌ في "الصحيحين". فقوله: باسمك بعضُهم يقول: المراد به المسمّى، أي: بك يا الله أموت وأحيا. فالاسم تارةً يُطلق ويُراد به المسمّى، وتارةً يُطلق ويُراد به الاسم، ومعلومٌ أنَّ الأسماء هي تلك الألفاظ التي تدلّ على المسميات في الأصل، ولكن العرب تتوسّع في الكلام؛ فتارةً تُريد به المسمّى، وتارةً تُريد به الاسم، ولكن الجدلَ: هل الاسم هو عين المسمّى، أو لا؟ هذا جدلٌ لا طائلَ تحته، وإنما يشتغل بذلك أهلُ الكلام.
عدد الصفحات: 1 عدد المجلدات: 1 تاريخ الإضافة: 31/8/2015 ميلادي - 17/11/1436 هجري الزيارات: 5255 باسمك اللهم أموت وأحيا (بطاقة) أضف تعليقك: إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد الاسم البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار) الدولة عنوان التعليق نص التعليق رجاء، اكتب كلمة: تعليق في المربع التالي
وقد ذكر هذا المعنى بعضُ أهل العلم، كالزَّجاج، فهو يقول: بأنَّ النفسَ التي تُفارق الإنسان عند النوم هي التي تكون للتَّمييز، ترتفع للإدراك، والتي تُفارقه عند الموت هي التي للحياة، والنوم يُقال له: موت. فبعضُ أهل العلم قال: باسمك اللهم أموت يعني: أنام، وأحيا يعني: أستيقظ. والواقع أنَّ ذلك جميعًا يدخل فيه، فهو إنما يموت بإماتة الله له، وإنما يحيا بإحيائه. وبعض أهل العلم قال: بأنَّ الحكمةَ من إطلاق الموت على النوم، يعني: كأنَّ هؤلاء يرون أنَّ ذلك من قبيل الاستعمال المجازي، وهذا فيه نظر؛ إذ إنَّ النومَ يُقال له: موت، فهو من أسمائه، وادِّعاء أنَّ ذلك من قبيل المجاز لا يخلو من تحكُّمٍ، لكن من أهل العلم مَن قال: بأنَّ الحكمةَ في إطلاق الموت على النوم أنَّ انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو بتحري مرضاة الله -تبارك وتعالى-، وقصد طاعته، واجتناب مساخطه وعقابه، فمَن زال عنه هذا الانتفاع بالكُلية كان كالميت، وهو يحمد ربَّه -تبارك وتعالى- على هذه النِّعمة، وزوال ذلك المانع. فهؤلاء بمعنى: أنَّه إذا صار إلى حالٍ يرتفع معها الإدراك، فلا يذكر الله ، فهو في عداد الأموات، وأنَّ الحياة الحقيقية هي التي تكون مع ذكر الله، وطاعته، والعمل الصَّالح.
انتهى. ومما يدل على أن هذه الأذكار ليست خاصّة به صلى الله عليه وسلم، أنه كان يعلمها أصحابه, ويحثهم على المواظبة عليها، ومن ذلك: ما ورد في الحديث المتفق عليه عن البراء بن عازب ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإن مت من ليلتك، فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به. قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: «لا، ونبيك الذي أرسلت». وقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا لعلي و فاطمة -رضي الله عنهما- لما زارهما ليلًا: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما، أو أخذتما مضاجعكما، فكبّرا ثلاثًا وثلاثين، وسبّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم. متفق عليه. ولمزيد الفائدة عما يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم من أمور، راجع الفتوى رقم: 183057. والله أعلم.
تاريخ الإضافة: الإثنين, 08/10/2018 - 23:01 الشيخ: الشيخ: د. محمد غالب العمري العنوان: اللهم باسمك أموت وأحيا الألبوم: شبكة بينونة للعلوم الشرعية المدة: 3:13 دقائق (794. 47 ك. بايت) التنسيق: MP3 Stereo 22kHz 32Kbps (VBR)
احترام خصوصيتك هو أولويتنا نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط والبيانات الأخرى لتوفير خدماتنا وإعلاناتنا وصيانتها وتحسينها. إذا وافقت ، فسنخصص المحتوى والإعلانات التي تراها. لدينا أيضًا شركاء يقيسون استخدام خدماتنا.
تاريخ النشر: الخميس 14 رجب 1426 هـ - 18-8-2005 م التقييم: رقم الفتوى: 66001 201452 0 2085 السؤال جزاكم الله خيراً على مجهوداتكم الوافرةسؤالي هو: كنت أحضر درسا لشيخ من أفاضل الشيوخ ولا نزكي على الله أحدا وهو عالم أزهري نعتمد عليه في الفتوى، ولكن مرة قال إن الموسيقي تستوقفني كثيراً من حيث أدلة تحريمها فهناك حديث المعازف، ولكن آلات النفخ ليست من المعازف، المعازف هي الآلات الوترية، وأنا يحكمني النص فمن عنده نص في تحريم المعازف لذاتها أو آلات النفخ فليتفضل مشكوراً. انتهي كلامه. أدلة تحريم الاستماع للموسيقى - إسلام ويب - مركز الفتوى. وأنا لثقتي في حضراتكم أرجو إفادتي في هذا الأمر لأنه أحدث بلبلة لدى بعض الناس، هل آلات النفخ ليست من المعازف وما أدلة تحريمها؟ وشكراً. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد سبق لنا بيان تحريم آلات العزف بأنواعها في فتاوى عديدة، فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46392 ، 4588 ، 16261 ، 6110 ، 5282. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن آلات العزف عموماً، سواء كان لها أوتار أم لم يكن لها أوتار، ومن أمثلة غير الوترية، قوله صلى الله عليه وسلم: صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة.
[١٤] ومُجموع التَّعريفات يُظهر أنَّ الغناء قد يكون ساذجاً؛ أي أنَّه صوتٌ مُجردٌ من غير شعر ولكنَّه يكون على ترتيبٍ خاصٍ مضبوط من أهل الخبرة، وأنَّ الغناء كما يقعُ مع الشِّعر والألحان والآلآت، يقع أيضاً دون أيٍّ من هذه الأمور بمجرَّد صوت الإنسان وترديده على نفسه أو على الآخرين، ولكنهَّ في كل أشكاله المختلفة والمتنوِّعة لا يَخلو من أن يكون بترتيبٍ معيَّن مَضبوط. [١٤] _________________________________________ الهامش * الكراهة التنزيهيّة: هو ما نهى عنه الشّرع نهياً خفيفاً لكن ليس على وجه الإلزام بالتّرك. [١٥] المراجع ^ أ ب وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الاولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 296، جزء 31. بتصرّف. ^ أ ب محمد عمارة (1999)، الغناء والموسيقى حلال أم حرام ، مصر: دارنهضة مصر، صفحة 17-19. تحريم المعازف يشملها بكل أنواعها - إسلام ويب - مركز الفتوى. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 2664-2665، جزء 4. بتصرّف. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4927، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 2906، صحيح.
والحديث حسنه الألباني وغيره، وأورده في السلسلة الصحيحة. وإذا لم يعتمد على الصحابة في أسباب نزول القرآن فعلى من يعتمد؟ وبالنسبة للحديث الشريف: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. فإن البخاري وإن كان أورده معلقا فإن أهل الحديث صححوه، قال ابن حجر في فتح الباري: والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح، والبخاري قد يفعل مثل ذلك ولكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا، وقد يفعل ذلك بغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع.... اية تحريم الاغاني القديمة. وما قيل في معنى الاستحلال سواء أريد به اعتقاد كونه حلالا، أو أريد به المعنى المجازي، فإن ورود المعازف مع الخمر والحر والحرير كاف في التحريم. ومع ذلك فتحريم الغناء له أدلة أخرى كثيرة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم علي ـ أو حرم ـ الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام. رواه أبو داود وأحمد والبيهقي ، وسنده صحيح، والكوبة الطبل. ويمكنك أن تراجع لمزيد من الفائدة فتوانا رقم: 16947. والله أعلم.