ومن حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قُدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأةٌ من السبي تسعى قد تحلّب -اجتمع حليب ثديها فيه- ثديُها، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته، وألصقته ببطنها، وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترونَ هذه المرأةَ طارحةً ولدَها في النار؟» قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أرحمُ بعبادهِ من هذه بولدِها». ندب الله تعالى عباده إلى التحلي بالرحمة، وحثّهم عليها في بعض مواطنها؛ لكبير أهميتها في تلك المواطن، لينالوا أجرَها، وعظيم ثوابها، وذلك كالرحمة بالوالدين اللَّذين عظمَ الله شأنهما، وقرن شكرهما بشكره، وطاعتهما بطاعته، فكانت الرحمةُ عند الكبر محتَّمة، حيث قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا *} [الإسراء: 24]، وقد قال الله جل ذكره في شأن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]. كما أثبتها بلازمها لهم، ولمن اتصف بصفاتهم بقوله سبحانه: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54].
وقال ابن الشوائطي: بادرْ إلى الخيرِ يا ذا اللبِّ واللسنِ واشكرْ لربِّك ما أولى مِن المننِ وارحمْ بقلبِك خلقَ اللهِ كلَّهم يُنلْك رحمته في الموقفِ الخشنِ [1466] ((الضوء اللامع)) للسخاوي (5/174). انظر أيضا: معنى الرَّحْمَة لغةً واصطلاحًا. الفرق بين الرَّحْمَة والرَّأفة. الترغيب في الرَّحْمَة. فوائد الرَّحْمَة.
↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1428، صحيح.
[٤] قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلكَ، فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ، إلى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ له سَيِّئَةً واحِدَةً). [٥] أحاديث عن تقديم رحمة الله على غضبه من رحمة الله -تعالى- بعباده أنَّه لا يُعَجِل لهم بالعذاب مع استحقاقهم له، قال -تعالى-: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ، [٦] ومن الاحاديث التي فيها تقديم للرحمة على الغضب ما يأتي: يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ في كِتَابِهِ، فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبِي) ، [٧] فرحمة الله تسبق غضبه منذ خلق الله السموات والأرض. قال -صلى الله عيله وسلم-: (إنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي).
[4] تفسير الطبري لآية واخفض لهما جناح الذل من الرحمة جاء في تفسير الإمام الطبري أحد أشهر تفاسير القرآن الكريم على الاطلاق أنَّ الله تعالى يأمر عباده في قوله في سورة الإسراء: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} بالبرِّ، وتحديدًا بر الوالدين، فالضمير في كلمة لهما عائد على الوالدين، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة؛ أي كن لهما ذليلًا مُعينًا مطيعًا لهما ولا تخالف أمرهما في أي شيء أحباه، وقيل في تفسير هذه الآية أيضًا: "هو أن تلين لهما حتى لا تمتنع من شيء أحبَّاه"، وقال عاصم الجحدري في معنى هذه الآية: "كن لهما ذليلا ولا تكن لهما ذَلولا"، والله تعالى أعلم. [5] ما معنى واخفض لهما جناح الذل من الرحمة إنَّ في قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} استعارة مكنية، وهي دليل على بلاغة القرآن الكريم العظيمة، فقدة شبَّه الله تعالى الذلَّ بالطائر، فحذف المشبه به وهو الطائر وأبقى في الكلام شيئًا من لوازمه وهو الجناح على سبيل الاستعارة المكنية، ومعنى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} أي تذلل لهما حبًّا ورحمة، وكن عطوفًا عليهما ولا تمنعهما من أمر أحباه، وكن لهما في كبرهما أبًا وأمًّا كما كانا لكن في صغرك تمامًا، والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [الطور: 48، 49] جمعنا لكم ايات قرانية عن الرحمة بين الناس ، وهذا الشعور سيساهم في نشر المحبة والتعاون والتسامع بين أفراد المجتمع، حيث أن الرحمة بين الناس تزيد من الود والعطف والحنان. يمكنك أيضا قراءة: آيات قرآنية عن حب الوطن