وقال ابن جرير: حدثنا المثنى ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح العشيري حدثنا علي بن جرير ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن كنانة العدوي ، عن عثمان بن عفان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) قال: " الويل جبل في النار. وهو الذي أنزل في اليهود; لأنهم حرفوا التوراة ، زادوا فيها ما أحبوا ، ومحوا منها ما يكرهون ، ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة. ولذلك غضب الله عليهم ، فرفع بعض التوراة ، فقال: ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون). وهذا غريب أيضا جدا. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 79. [ وعن ابن عباس: الويل: السعير من العذاب ، وقال الخليل بن أحمد: الويل: شدة الشر ، وقال سيبويه: ويل: لمن وقع في الهلكة ، وويح لمن أشرف عليها ، وقال الأصمعي: الويل: تفجع والويل ترحم ، وقال غيره: الويل الحزن. وقال الخليل: وفي معنى ويل: ويح وويش وويه وويك وويب ، ومنهم من فرق بينها ، وقال بعض النحاة: إنما جاز الابتداء بها وهي نكرة; لأن فيها معنى الدعاء ، ومنهم من جوز نصبها ، بمعنى: ألزمهم ويلا. قلت: لكن لم يقرأ بذلك أحد]. وعن عكرمة ، عن ابن عباس: ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) قال: هم أحبار اليهود.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله: أفتطمعون إلى يكسبون " فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة، على ما أصله من البدع الباطلة. وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله، لينال به دنيا، وقال: إنه من عند الله، مثل أن يقول: [ ص: 72] هذا هو الشرع والدين، وهذا معنى الكتاب والسنة، وهذا معقول السلف والأئمة، وهذا هو أصول الدين، الذي يجب اعتقاده على الأعيان أو الكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة، لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله. وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة كالرافضة، وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء" انتهى.
هـ. تهذيب التهذيب. [3] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 188). [4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة ( 1 /56).
Skip to content الرئيسية كتاب التفسير الجامع الجزء الأول الآية رقم (79) - فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ لماذا قال الله سبحانه وتعالى هنا كلمة: ﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ ، وهل تكون الكتابة إلّا بالأيدي؟!! فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم. المقصود أنّ علماء بني إسرائيل وأحبارهم يكتبون بأيديهم بالذّات، ولا يكلّفون أحداً بذلك لحرصهم على تحريف التّوراة، وهذا القول هو من عند الله سبحانه وتعالى ولا يمكن إلّا أن يكون وصفاً لما يجري تماماً. ﴿ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ﴾: الويل: حلول الشّرّ، وهي كلمة للدّعاء بالهلاك والعذاب، فلهم ويلان وعذابان؛ لأنّهم افتروا الكذب على الله سبحانه وتعالى، وعلّموا النّاس الافتراء. وهناك مسؤوليّة خطيرة وعذاب مضاعف وعقوبة شديدة للّذين يحملون العلوم الدّينيّة إلى النّاس ويحرّفون معاني هذه العلوم وفق أهوائهم. كما يفعل من يجعلون الإسلام إرهاباً وقتلاً ويجتزؤون من الآيات ويؤوّلونها بما يوافق أهواءهم وأغراضهم الشّخصيّة، ويخرجون الآيات عن سياقها في مثل قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً ﴾]التّوبة: من الآية 36[.