ما معنى قوله تعالى كلا لو تعلمون علم اليقين
الرئيسية إسلاميات أية اليوم 12:00 م الجمعة 11 مايو 2018 ما المراد بـ"علم اليقين" و"عين اليقين" في سورة الت كتب - محمد قادوس: يقدم لنا الدكتور عصام الروبي ـ أحد علماء الازهر الشريف ـ تفسيرا ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والاسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير ما جاء في قوله تعالى بسورة الكاثر {كلا لو تعلمون علم اليقين} ، {عين اليقين}. (كلا لو): وجواب لو محذوف لقصد التهويل. (تعلمون علم اليقين): وعلم اليقين هو العلم الجازم المطابق للواقع الذي لا شك فيه. والمراد: حقا لو تعلمون علم الحق، وتدركونه على وجه الصحيح لما ألهاكم ما ألهاكم، وهذا جوابه. كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم. (ثم لترونها عين اليقين): وهذا تأكيد قوي من الله تبارك وتعالى. والمراد: ثم لترون الجحيم رؤية هي ذات اليقين ونفسه وعينه، وهذا تفسير الوعيد المتقدم. وخلاصة المعنى: ارتدعوا عن غروركم بأنفسكم فإنكم لو تعلمون يقينًا سوء مصيركم، وعاقبة أمركم وما يفضي إليه حالكم لفزعتم من تكاثركم ولشغلكم هذا عن افتخاركم بأموالكم وأولادكم، وتزودتم بالعمل الصالح لآخرتكم ومآلكم، وهذا زيادة في زجرهم. محتوي مدفوع إعلان
فإذا عَلِم العبد بأنه سبحانه يعلم كل شيء ووسع علمه كل شيء، فإنه يستحي ويتأدب مع العليم، والحياء والخشية مرتبطان بمعرفته سبحانه وتعالى حق المعرفة، والعلم به وبقدرته، وأنه سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور. كيف تحصل على العلم من العليم سبحانه وتعالى؟ إن العلم لله تعالى يؤتي منه من يشاء بقدر منه وبفضله وبرحمته، وهو بعلمه يقدِّر ما يشاء، ولا رَادَّ لقضائه؛ قال تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255]، وقال تعالى في سورة البقرة أيضًا: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]. وينقسم العلم إلى علوم الدنيا وعلوم الآخرة: فأما علوم الدنيا ، فهي هيِّنة عليه سبحانه وتعالى، ولا يُقيم الله تعالى لها وزنًا، فيعطي منها البَر والفاجر، والمؤمن والكافر، والأعمى والبصير، والقوي والضعيف، والفقير والغني، ومنها علم حسن مفيد، ومنها علم سيئ ضار، ومنها علوم يتنزه عنها الله تعالى؛ كالسِّحر والفسوق والعصيان؛ قال تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20].
إنها لجحيم الشهوات الدنيا والانحطاط، إنها لجحيم المذلّة والنار، إنها لجحيم الخزي والدناءة، إنها لجحيم الخطيئة والمعصية، لكن ذلك الإنسان الغافل لا يشعر ولا يرى شيئاً مما هو فيه البتّة. تفسير سورة التكاثر الآية 5 تفسير السعدي - القران للجميع. ولو أنه آمن بربه، واستنار بنور الله لأضحى ذا شعورٍ، ولرأى الحقائق. وتوضيحاً لهذا المعنى الذي نحن بصدده وزيادة في البيان نقول: للأشياء ظاهر وباطن، صورة وحقيقة، والإنسان المقبل على الله يرى بنور ربه الحقائق ويُعاينها. أما البعيد فيظل محبوساً أمام الصور لا يجاوزها كالسمكة تسبح في أعماق الماء، وقد عرضت لها قطعة من لحم في شَصٍّ، فهي لا تستطيع أن تخرق ببصرها ظاهر الاشياء، ولا تقوى على رؤية الشصّ المختبئ وراء قطعة اللحم فتلتهمها وهي لا تدري ما انطوت عليه من الهلاك. وهكذا فالبعيد الغافل لا يرى من الأشياء إلا صورها تغريه وتستهويه وليس بمستطيع أن ينفذ ببصيرته إلى حقائقها، ولا أن يرى الجحيم المنطوية عليه، ولو أنه عَلِمَ عِلْمَ اليقين، وإن شئت فقل: لو أنه أقبل على خالقه حتى استنار قلبه بقبس من نور الله لكشف هذا النور الإلۤهي لنفسه حقائق الأشياء، وهنالك يرى الدنيا الدنية وما يحيط بشهواتها من الجحيم والنار فيعافها ويتركها ولا يعود يلهيه التكاثر فيها وما ذلك كلّه إلا طرف مما نفهمه من كلمة: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ، لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ).