[١٠] [٦] ثياب أهل الجنة: انتقلت الآيات الكريمة للحديث عن لباس أهل الجنة، وهو الحرير الرقيق، بالإضافة للحرير السميك، وفيه بريق ولمعان، وقد جعل الله -تعالى- لهم أساور من فضّة، [١١] قال -تعالى-: (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ). [١٢] التكريم من الله -عز وجل-: يرتقى أهل الجنة أكثر فأكثر، وذلك بتخصص شربهم من شراب الجنة من الله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً). سورة الرحمن ( سبب النزول والفضل والمميزات ). [١٢] [١٣] ذكر نعيم أهل الجنة وتعددها، ومنها الغلمان الذين يطوفون عليهم، وأنواع الآنية التي يشربون بها، وغير ذلك من تفاصيل نعيمهم. بيان أوصاف وأعمال أهل الجنة تضمّنت السورة الكريمة الأوصاف الخاصة بأهل الجنّة والّتي أهلتهم لأن يحظوا برضى الله -تعالى- والفوز بجنانه، وهي كما يأتي: إطعام الطعام: فإنّهم كثيروا التصدّق بالطعام، على الرغم من حبّهم له وشدة حاجتهم له، فيقومون بتوزيعه على مصارفه المستحقة لذلك؛ من يتامى ومساكين وأسرى، طالبين بذلك الرضى من الله -تعالى-. [١٤] الخوف من يوم القيامة: خوفهم من يوم القيامة، يوم البأس والشدّة، إلا من رحم الله تعالى، ويدفعهم هذا الخوف إلى عبادة الله -تعالى- وطاعته، علّهم ينجون من بأس يوم القيامة.
↑ محمود الملاح، كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن ، صفحة 74-75. بتصرّف.
• وكذلك منه التَّعداد في مقام الامتنان والتعظيم قولُه ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾؛ إذ تكرَّرت هذه الآية في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة، وذلك أسلوب عربي جليل [4]. • وكذلك من مميزاتها تعداد آلاء الله الباهرة ونِعَمه الكثيرة الظاهرة على العباد، التي لا يُحصِيها عدٌّ، في مقدمتها نعمة ( تعليم القرآن) بوصفه المنةَ الكبرى على الإنسان. • تناولتِ السورةُ في البداية نِعَم الله الكثيرة، وبعدها دلائل القدرة الباهرة في تسيير الأفلاك، وتسخير السفن الكبيرة، وبعدها الاستعراض السريع لصفحة الكون المنظور. سورة الفاتحة والبقرة وفضلها - مقال. • استخدام أسلوب الترغيب والترهيب؛ لأن الله سبحانه ذكر أهوال يوم القيامة، وتحدَّث سبحانه عن حال الأشقياء المجرمين، وما يلاقونه من فزع، وبعدها يذكر مشهد النعيم للمتقين في شيء من الإسهاب والتفصيل؛ إذ يكونون في الجنان مع الحور العين.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالقرآن الكريم نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منجمًا؛ حيث تبلغ عدد آيات القرآن الكريم ستة آلاف ومئتين وستًّا وثلاثين آية، من دون البسملات، وعلى القول بأن البسملة آية، فستصبح عدد الآيات ستة آلاف وثلاثمائة وثمان وأربعين آية، بينما يبلغ عدد سوره مائةً وأربع عشرة سورة. الآية في الاصطلاح هي: ((ما تبيَّن أوله وآخره توقيفًا من طائفة من كلامه تعالى بلا اسم)) [1]. وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن ترتيب الآيات في سورها، هو توقيفي، لا مجال للرأي والاجتهاد فيه. عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، قال: كنت جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ شخص ببصره ثم صوَّبه، ثم قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع من هذه السورة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90] [2]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة، كفتاه)) [3].
• أكثر ميزة في هذه السورة أنها جميلةٌ بتناسق الكلمات؛ ومما يجلي وضوحَ جمال هذه السورة، ما روي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "اتلُ عليَّ مما أُنزِل عليك، فقرأ عليه سورة ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾، فقال: أعِدها، فأعادها ثلاثًا، فقال: والله إن له لطلاوةً، وإن عليه لحلاوةً، وأسفله لَمُغْدِق، وأعلاه مُثمِر، وما يقول هذا بشرٌ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله"، ففي هذه الرواية أسلم قيسٌ بسبب جمال هذه السورة وطلاوتها وصياغة كلماتها [6]. • وفي هذه السورة ذُكِرت نِعَم الله التي لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، منها الكبرى المستقرة، ومنها الصغرى المتجددة بتجدد الحياة الإنسانية، فعلى كل إنسان شكرُ هذه النعم اعترافًا بها وإجلالاً لها ووفاءً لحق المُنعِم [7]. [1] محمد الطاهر بن حمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، التحرير والتنوير - الطبعة التونسية، (ت: 1393هـ)، (دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1397م)، (ج27/ص228). [2] عبدالرحمن السيوطي، لباب النقول في أسباب النزول، (بيروت: دار الكتب العلمية)، (ج1/ص203). [3] الجامع الصحيح، سنن الترمذي (مصدر سابق)، رقم الحديث: 3291، (ج5/ص399). [4] التحرير والتنوير، لابن عاشور التونسي، (مصدر سابق) (ج3/ص2553).