وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) ثم أرشد إلى الأدب في ذلك فقال: ( ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم) أي: لكان لهم في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والآخرة. ثم قال داعيا لهم إلى التوبة والإنابة: ( والله غفور رحيم) وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي ، فيما أورده غير واحد ، قال الإمام أحمد: حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا موسى بن عقبة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن الأقرع بن حابس; أنه نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات ، فقال: يا محمد ، يا محمد وفي رواية: يا رسول الله - فلم يجبه. ص326 - كتاب تفسير السمرقندي بحر العلوم - سورة الحجرات الآيات إلى - المكتبة الشاملة. فقال: يا رسول الله ، إن حمدي لزين ، وإن ذمي لشين ، فقال: " ذاك الله عز وجل ". وقال ابن جرير: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن أبي إسحاق ، عن البراء في قوله: ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) قال: جاء رجل رسول الله فقال: يا محمد ، إن حمدي زين ، وذمي شين. فقال: " ذاك الله عز وجل ". وهكذا ذكره الحسن البصري ، وقتادة مرسلا. وقال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي عمرة قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد - أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب - وهما عند الحجاج جالسان - فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم: ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه: ( يمنون عليك أن أسلموا) [ الحجرات: 17] ، قالوا: أسلمنا ، ولم يقاتلك بنو أسد.
[٦] هذا ذمّ لبعض الأعراب الجهال الذين يرفعون أصواتهم وينادون يا محمد، أو يا أبا القاسم فجاءت هذه الآيات لنهيهم عن ذلك،وتعظيم شأن الرسول بالكلام، وخفض أصواتهم عنده وتبجيله لينالون المغفرة والأجر من الله -تعالى-. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحجرات - الآية 5. [٧] (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ*وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ*). والحجرات: مَنَازِلُ الرَّسُولِ -عليه الصلاة والسلام-، وَكَانَتْ تِسْعَةً، وكان مجموعة ينادون الرسول بصوت عال وجهوري دون صبر حتى يخرج إليهم وهو في وقت راحته مع أهل بيته، فانزعج الرسول-عليه الصلاة والسلام- ولو تركوا ذلك لكان خيرا لهم عند الله، ولكن الله غفور ورحيم بمن تاب منهم ولا يقصد الاستخفاف. [٨] [٩] التعامل مع الأخبار المنقولة وضرورة التثبت في ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بنبأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). [١٠] توجيه المؤمنين للتثبت من صحة الأخبار، لئلا يقعوا في الندم أو ظلم الأخيار، بسبب أحد كاذب نقل إليهم خبر غير صحيح.
[١٠] المراجع ↑ سعيد حوى، الأساس في التفسير ، صفحة 5393. بتصرّف. ↑ سورة الحجرات، آية:1 ↑ الطحاوي، شرح مشكل الآثار ، صفحة 397. بتصرّف. ↑ سورة الحجرات، آية:2 ^ أ ب ت ث ج الواحدي، أسباب النزول ، صفحة 385-390. بتصرّف. ↑ سورة الحجرات، آية:3 ↑ سورة الحجرات، آية:4 ↑ سورة الحجرات، آية:6 ↑ سورة الحجرات، آية:9 ↑ الطبري، تفسير الطبري ، صفحة 293. بتصرّف.
[١٨] المؤمنون برهنوا على صدقهم ويقينهم بالجهاد بالأموال والأنفس وبذل الغالي والنفيس، بعكس الذين أسلموا خوفاً من قوة المؤمنين وخضوعهم لهم طمعاً بنعيم الحياة، والإيمان ليس بالادعاء بل بصدق السريرة، وتنفيذ أمر الله وشكره على هذه النعمة. [١٩] [٢٠] المراجع
[١٤] وتتمة إلى ما سبق حثّ المؤمنين للمبادرة بالإصلاح بين المتخاصمين، وألّا ننحاز إلى فئة معينة ظلماً وجوراً، وأن يُحكّموا فيما بينهم كتاب الله عز وجل لأنهم على دينٍ واحد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثنا المعتمر بن سليمان: سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم البجلي ، عن زيد بن أرقم قال: اجتمع أناس من العرب فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يك ملكا نعش بجناحه. قال: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما قالوا ، فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد ، يا محمد. فأنزل الله [ عز وجل]: ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) قال: فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذني فمدها ، فجعل يقول: " لقد صدق الله قولك يا زيد ، لقد صدق الله قولك يا زيد ". ورواه ابن جرير ، عن الحسن بن عرفة ، عن المعتمر بن سليمان ، به.