بسّام جرّار - تفسير- "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"- ج2----//// 21 -7- 2019 - YouTube
قوله تعالى وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم [ ص: 397] فيه مسألتان: الأولى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها إنما قال لها لأن السلم مؤنثة. ويجوز أن يكون التأنيث للفعلة. والجنوح الميل. يقول: إن مالوا - يعني الذين نبذ إليهم عهدهم - إلى المسالمة ، أي الصلح ، فمل إليها. وجنح الرجل إلى الآخر: مال إليه ، ومنه قيل للأضلاع جوانح ، لأنها مالت على الحشوة. وجنحت الإبل: إذا مالت أعناقها في السير. وقال ذو الرمة: إذا مات فوق الرحل أحييت روحه بذكراك والعيس المراسيل جنح وقال النابغة: جوانح قد أيقن أن قبيلة إذا ما التقى الجمعان أول غالب يعني الطير. وجنح الليل إذا أقبل وأمال أطنابه على الأرض. والسلم والسلام هو الصلح. وقرأ الأعمش وأبو بكر وابن محيصن والمفضل ( للسلم) بكسر السين. الباقون بالفتح. وقد تقدم معنى ذلك في " البقرة " مستوفى. وقد يكون السلام من التسليم. وقرأ الجمهور فاجنح بفتح النون ، وهي لغة تميم. وقرأ الأشهب العقيلي ( فاجنح) بضم النون ، وهي لغة قيس. قال ابن جني: وهذه اللغة هي القياس. الثانية: وقد اختلف في هذه الآية ، هل هي منسوخة أم لا. وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا – مجلة الوعي. فقال قتادة وعكرمة: نسخها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.
أما قوله تعالى:( وتوكل على الله) فالمعنى فوض الأمر فيما عقدته معهم إلى الله ليكون عونا لك على السلامة ، ولكي ينصرك عليهم إذا نقضوا العهد وعدلوا عن الوفاء ، ولذلك قال:( إنه هو السميع العليم) تنبيها بذلك على الزجر عن نقض الصلح ؛ لأنه عالم بما يضمره العباد ، وسامع لما يقولون ، قال مجاهد: الآية نزلت في قريظة والنضير ، وورودها فيهم لا يمنع من إجرائها على ظاهر عمومها ، والله أعلم.
وأختمها بقول العزيز الحكيم {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
مقال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف بعنوان: «الجار قبل الدار» والذي نشر في صحيفة السفير اللبنانية يعكس الهجمة الدبلوماسية التي يقوم بها وزير خارجية أمريكا جون كيري من أجل تقريب وجهات النظر بين دول الخليج «السعودية على الأخص» وإيران، وذلك تسويقاً للاتفاق النووي الذي تكافح أمريكا لإنجاحه والترويج له وذلك بالطبع من أجل مصالحها في الدرجة الأولى. لقد استمرت القطيعة بين أمريكا «الشيطان الأكبر» وبين إيران «محور الشر» منذ عام 1979، وانتهت تلك القطيعة والعداوة بتقريب وجهات النظر بين الطرفين وحل الأمور التي كانت عالقة بينهما، وتم توقيع اتفاق فيينا في يوليو 2015 من أجل ضبط برنامج إيران النووي وعادت الأمور إلى مجراها من أجل المصالح المشتركة والتعايش السلمي. إن الصحوة الإيرانية بأهمية «الجيرة» في الوقت الحالي من الممكن أن تثير الشكوك والريبة في دول الجوار وعلى الأخص «دول الخليج»، كيف ظهرت الصحوة الآن وهل لتوقيع الاتفاق النووي وللمساعي الأمريكية دور في هذه الصحوة؟ وكيف اكتشفت إيران فجأة بعد خمسة وثلاثين عاماً من خلق القلاقل والحروب بالوكالة لدول الجوار بأهمية» الجيرة» وبأن أمانها من أمان جيرانها، كما أوضح ظريف في مقاله!.
وقال أيضًا: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]. وبالجملة فمعنى الجملة ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلمِ فَاجنَح لَهَا): إنْ دانوا للسلم فاقبلها. المصادر والمراجع: 1- القرآن الكريم. 2- أساس البلاغة لأبي القاسم الزمخشري، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1998م. 3- جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، تحقيق: محمد علي البجادي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، د. ت. تفسير: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم). 4- جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة لأحمد زكي صفوت، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط1، 1933م. 5- ديوان أعشى همدان، تحقيق: د. حسن عيسى أيو ياسين، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، ط1، 1983م. 6- ديوان الأعشى الكبير بشرح محمود إبراهيم محمد الرضواني، وزارة الثقافة والفنون والتراث، إدارة البحوث والدراسات الثقافية، الدوحة، قطر، 2010م. 7- ديوان الخنساء، اعتنى به وشرحه: حمدو طمّاس، دار المعرفة، بيروت، 2004م. 8- ديوان الكميت بن زيد الأسدي، جمع وشرح وتحقيق: د.
لقد عرض ظريف في مقاله الصلح وعرض التعاون المشترك بين «دول الإقليم»لحل مشاكل المنطقة المتعلقة بالإرهاب والحرب في سوريا واليمن والذي أكد فيه أن أمن طهران من أمن المنطقة. لم نعهد لغة التسامح والتصالح والتودد من إيران، هل هي المساعي الأمريكية؟! ، وهل إيران راغبة فعلاً في استقرار المنطقة من خلال التعاون المشترك ؟! ، هل إثارتها للقلاقل والحروب في المنطقة كان نكاية بأمريكا وضرباً لحلفائها في المنطقة وبإبرام الاتفاق انتهى السبب؟ لندع الشكوك جانباً ونحسن الظن بالجار «الذي جلب الويلات لجيرانه منذ استلام الملالي للحكم سنة 1979» ونمد يدنا له حيث مدها إلينا، فها هي أمريكا «القوة العظمى» تتجاوز خلافاتها وعداواتها مع إيران، وتفتح صفحة جديدة ولا سيما أن إيران استجابت لشروط الاتفاق المبرم مع أمريكا وتحلحلت الأمور فيما بينهم. الكرة الآن في ملعب دول الخليج «السعودية تحديداً» لقد مدت إيران يد الصلح لها ودعت إلى بدء صفحه جديدة من العلاقات الدبلوماسية والتعاون المشترك. وإن جنحوا للسلم فاجنح لها. إن المبادرة الإيرانية في ظل الأزمة الحالية من حروب واقتتال تتطلب من حكومات دول الخليج كسر الحواجز وبدء المفاوضات للوصول إلى اتفاق إقليمي ينقذ المنطقة من ويلات الحروب والإرهاب وما تجلبه من فقر ومرض وجهل وتشريد وتخلف.