هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن، إمام أهل مصر في الفقه والحديث، وُلِد في قرية قَلْقَشَنْدَة، وهي إحدى قرى محافظة القليوبية بمصر سنةَ 94هـ= 713م. نشأ الليث بن سعد طالبًا للعلم، حريصًا على أن يتلقاه من الشيوخ والعلماء، فطاف البلاد كثيرًا لأجل هذا الأمر، ولم يشغله غنى أهله عن طلب العلم والرحلة به، لا كما يرحل أكثر الطلاب الآن إلى أوروبا وأميركا، بل كما يرحل السلف ليتلقوا العلم، ويتلقوا قبله الدين والتقى، والسلوك الإسلامي، ويجتمعوا بالعلماء العاملين، الصالحين المصلحين، وقد أخذ عن علماء مصر، ثم حج ولقي أئمة الحجاز عطاء بن أبي رباح ، وهشام بن عروة بن الزبير، وقتادة، وأمثالهم، ثم رحل إلى العراق فأخذ عن علمائه.
روايته الحديث وآراء السلف فيه شهد الكثير من كبار العلماء والفقهاء للإمام الليث بن سعد (رحمه الله) بنبوغه وكثرة علمه وفقهه؛ فقال الشافعي (رحمه الله): "الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به». وقال الفضل بن زياد: «قال أحمد: ليث كثير العلم، صحيح الحديث". وقال الحافظ أبو نعيم: "كان الليث فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده الإقليم، بحيث أن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلي رأيه ومشورته، وقد أراده المنصور أن ينوب عنه على الإقليم فاستعفى من ذلك". وقال ابن سعد: "كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه". وقال ابن وهب: "لولا مالك والليث لضل الناس". وقال الحافظ أبو نعيم: "حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل، ثنا أحمد بن إسماعيل الصدفي، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي يقول: الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس ". وقال أبو داود: "حدثني محمد بن الحسين، سمعت أحمد يقول: الليث ثقة، ولكن في أخذه سهولة". وقال سعيد الآدم: "قال العلاء بن كثير: الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا". وقال ابن تغري بردي: "كان كبير الديار المصرية ورئيسها وأمير من بها في عصره، بحيث أن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته".
دعه يرزقه الله، وأمر له بدينار آخر. قال منصور بن عمار (القاضي): كنت يومًا عند الليث فأتته امرأة ومعها قدح فقالت: يا أبا الحارث زوجي مريض وقد وُصف له العسل، قال: اذهبي إلى الوكيل فقولي له يعطيك، فجاء الوكيل يساره فقال: اذهب فأعطها مطرًا (أي مئة وعشرين رطلًا) إنها سألت بقدرها فأعطيناها بقدرنا، وقد اشترى منه قوم ثمرة بستان له ثم ندموا واستقالوه (طلبوا الرجوع عن البيع)، فأقالهم، ثم استدعاهم فأعطاهم خمسين دينارًا، وقال: إنهم كانوا أمّلوا ربحاً فأحببت أن أعوضهم. لقد كان الليث بن سعد، نموذجًا لطراز من العلماء، نتمنى أن نعود فنرى أمثاله في هذا العصر، نتمنى أن نرى علماء يكون لهم مثل هذا العلم، وهذه الأمانة في نقله، وهذا العقل الكبير، وهذه الكياسة في معاشرة الملوك، وهذه المنزلة وهذا الجاه، وأن يكون لهم مثل هذا الكرم. توفي الليث يوم الجمعة 15 من شهر شعبان سة 175هـ= 16 من ديسمبر 791م، وعمره حينئذ إحدى وثمانون سنة على التمام، وقال خالد بن عبد السلام الصدفي: شهدت جنازة الليث مع أبي، فما رأيت قبلها ولا بعدها مثلها، ولا أظن أنه سيكون أعظم منها أو أكثر من أهلها، ورأيت الناس كلهم في جنازته سواء في الحزن يعزي بعضهم بعضًا ويبكون، قلت: يا أبت: كأن كل واحد من هؤلاء هو صاحب الجنازة!
وقد أدرك الليث بن سعد أكثر من خمسين تابعيًا، ومائة وخمسين من تابعي التابعين. وقد التف حوله الكثير من طلاّب العلم، فروى عنه محمد بن عجلان وعبد الله بن لهيعة وهشيم بن بشير وعبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وعطاف بن خالد وأشهب بن عبد العزيز القيسي وسعيد بن شرحبيل وسعيد بن عفير والقعنبي وسعيد بن أبي مريم وآدم بن أبي إياس وأحمد بن يونس وابنه شعيب ويحيى بن بكير وعبد الله بن عبد الحكم ويحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن يحيى التميمي وأبو الجهم العلاء بن موسى وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح ويزيد بن موهب الرملي وكامل بن طلحة وعيسى بن حماد زغبة وعبد الله بن صالح الكاتب وعمرو بن خالد وعبد الله بن يوسف التنيسي. كما روى عنه الحجين بن المثنى ومنصور بن سلمة ويونس بن محمد وأبو النضر هاشم بن القاسم ويحيى بن إسحاق البلخي وشبابة بن سوار وموسى بن داود حين زار بغداد في شوال 161 هـ، فحدّث بها روى عنه من أهلها. كان للّيث مجلسًا يعقده كل يوم، ويقسمه إلى أربعة أقسام الأول للوالي يستشيره في حوائجه، فكان الليث إن أنكر من القاضي أو الوالي أمرًا كتب إلى الخليفة فيأتي أمر العزل، والثاني لأهل الحديث، والثالث عام للمسائل الفقهية يُفتي السائلين، والرابع للناس ممن يسألونه المال فلا يرد أحدًا مهما كبرت حاجته أو صغرت.
نجومي قصص حياة المشاهير وسيرهم الشخصية الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة الفهمي إمام وعالم ومحدث وفقيه كبير، يعد واحدا من أهم وأبرز علماء الحديث، كان إمام أهل مصر في زمانه، كما أنه كان صاحب مذهب من المذاهب الإسلامية المندثرة. ولد في العام 94 للهجرة الموافق 713 ميلادي في مدينة قرقشندة في مصر، لأسرة تعود بأصولها إلى بلاد فارس وبالتحديد أصبهان. أحب العلم منذ الصغر، وكانت بداية تعلميه على يد تابعي مصر، وبعد أخذ عنهم الكثير قرر في سن العشرين الرحيل نحو مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وللتزود بالعلم من علمائها. وبعد أن قضى في مكة برهة من الزمن عاد إلى مصر وبحوزته علوم كثيرة، ولقد أخذ علمه هذا عن عطاء بن أبي رياح، وعبد الله بن أبي مليكة، وسعيد بن أبي سعد المقبري، وابن شهاب الزهري، وغيرهم من العلماء. ومن ثم عقد في مصر حلقة للعلم كان يدرس فيها العلوم التي نهلها وتحصل عليها، ولقد تتلمذ على يديه عدد كبير من العلماء، ومن أبرز من تتلمذ علي يديه محمد بن عجلان، أشهب بن عبد العزيز القيسي، سعيد بن شرحبيل، سعيد بن عفير، ويحيى بن يحيى التميمي، وأبو الجهم العلاء بن موسى، قتيبة بن سعيد، محمد بن رمح، ويزيد بن موهب الرملي، بالإضافة إلى عدد آخر من العلماء.
روي أن امرأة جاءت إليه وقالت: إن ابني عليل ويشتهي عسلاً، فأمر غلامه أن يعطيها مرط عسل والمرط مائة وعشرون رطل. وروي عن محمد بن رمح: كان دخل الليث في كل سنة ثمانين ألف دينار. عرض ولاية مصر على الليث قال الليث قال لي ابو جعفر:تلي لي مصر ؟ قلت لا يا أمير المؤمنين اني اضعف عن ذلك اني رجل من الموالي فقال مابك ضعف ولكن ضعفت نيتك في العمل عن ذلك لي، قال اما اذا ابيت فدلني على رجل اقلده مصر قلت عثمان بن الحكم الجذامي رجل له صلاح وله عشيرة قال فبلغ عثمان ذلك، فعاهد الله لا يكلم الليث قال عنه الذهبي: كان الليث فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها و رئيسها ومن يفتخر بوجوده في الاقليم. وفاته قال يحيى بن بكير وسعيد بن أبي مريم: توفي الليث للنصف من شعبان سنة 175 هـ يوم جمعة وصلى عليه موسى بن عيسى. وقال خالد الصدفي: شهدت جنازة الليث فما شهدت جنازة أعظم منها. المراجع ^ تاريخ المصريين لابن يونس الصدفي المصري ج1 ص 418 المصادر ثبت الإعلام قالب:مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهية