النوع الثــالث: النفس المطمئنة.. وهي الهدف الأسمى.. قال تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (*) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (*) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (*) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27, 30] هي نفسٌ قد لجأت إلى الله تعالى واطمأنت إليــه ورضيت عنه، فأثابها الكريـــم سبحـــانه بأبلغ ثواب وأجزل عطـــاء بما تُغْبَط عليه في الدنيــا والآخرة. وهذه هي مرحلة الصدق مع النفس (الاطمئنـان).. ما الفرق بين الشيطان والنفس الإمارة بالسوء؟.. الشعراوي يجيبك. التي يهفو إليها جميع البشر وليس المسلمون منهم فحسب، ولا ينال النفس المطمئنة إلا المؤمن الموحد ولا يحصل عليها كــافرٌ أو مجرمٌ بعيد عن الله سبحانه وتعالى. لأن دين الإسلام هو الدين الوحيـــد الذي يمازج بين متطلبات العقل والروح.. أما البعيدون عن طريق الله سبحانه وتعالى فإنهم يقومون بإلهاء أنفسهم بشتى الطرق؛ حتى لا تصطدم نفسه بعقله الراكد في شهوات الحس ويحدث بينهما صراع.
من حِكم الصيام في رمضان أنّه ينبّه النّفس إلى شدّة وطأة الحرمان والحاجة على النّفوس، ويجعل نفس الصّائم تحسّ بمعاناة الجائعين والمحرومين وأهل الفاقة، لتتحرّك اليد بالعطاء، ليس ممّا فضل عن الحاجة فقط، إنّما أيضا ممّا يحتاجه الصّائم ويحبّه، يقول الحقّ -جلّ وعلا-: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾.. وإذا كان العبد ينتظر من نفسه الأمّارة بالسّوء المُحبّة للمال أن تجود وتتبرّع من دون مجاهدة ومراغمة، فذلك لن يكون.. لا بدّ من مخالفة هوى النّفس ومقاومة نزغات الشّيطان الذي قال عنه المولى سبحانه: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاء﴾. كثيرا ما ينادي أئمّة المساجد ويستجدون لمساعدة الأسر الفقيرة التي تكابد الفاقة والعوز في رمضان وفي غير رمضان، لكنّ قليلا من الأيدي تستجيب وتبذل، بينما أكثر النّاس يعتبرون أنفسهم غير معنيين بالصّدقات! لماذا نصوم رمضان!. يطيعون أنفسهم في شحّها وبخلها وحرصها! ويقول قائلهم: سيتصدّق الآخرون! وينسون أنّ الآخرين لن يتصدّقوا بحسناتهم على أحد، ولن يحوّلوا ما في موازينهم إلى موازين المخلّفين! ربّنا الجواد الكريم -سبحانه- قال كما في الحديث القدسيّ: "أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك" (رواه البخاري ومسلم)، وحبيبنا المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى أقسم على أنّ المال لا ينقص بالصّدقة؛ فلماذا نبخل عن أنفسنا بفضل ربّنا ورحمته وبركته؟ ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (محمّد: 38).
بقلم | superadmin | الاربعاء 12 سبتمبر 2018 - 10:43 ص قال العلامة الراحل، الشيخ محمد متولي الشعراوي، إن هناك فرقًا بين غواية الشيطان والنفس الإمارة بالسوء. وأضاف شارحًا: "إبليس مصمم على الإغواء، وإذا امتنع عليه خلق في معصية ينقله إلى معصية أخرى، يذهب إليه من الباب الذي يريحه، إذا وجد إنسانًا متشددًا في ناحية، من لباقته إنه "مايعافرش" معه، لكن يذهب إليه من ناحية أخرى". وتابع: "هذا هو الفارق بين معصية يوحي بها الشيطان ومعصية تصر عليها النفس، إذا نفسك حدثتك عن معصية ووقفت عندها ولم تتزحزح عنها، فاعلم أنها من النفس، لأن النفس تريد المعصية من هذا اللون فقط". واستدرك: "هناك إنسان لا تستطيع أن ترشيه ولو بمال الدنيا، لكن واحدة بنظرة تستطيع". هل النفس البشرية أمّارة بالسوء؟! | حفريات. وتابع: "إذا وقف الإنسان عند المعصية عند معصية مخصوصة، فإنها من النفس، لأن النفس تريد صاحبها عاصيًا على لون خاص يحقق لها شهوة، لكن إبليس ليس كذلك، يريد المؤمن عاصيًا على أي شكل من أشكال المعصية، فإن عز عليه في باب من أبواب المعصية يطرق لها بابًا آخر من أبواب المعصية". واستطرد: "وما دام الشيطان رجيمًا مبعدًا، فإن رجيم تحذير من الله، وهو أنه ليس عاصيًا وربما أقبل توبته، وإنما فصل فيه، وهو أقسم على غواية الإنسان "لأغوينهم أجمعين"، وأظهر الطريقة، غكان من المفروض في الإنسان أن يحتاط لذلك، مع التنبيهات هذه".
الجانب الشرير فى النفس يتركز فى ( الأنانية) أو بالمصطلح القرآنى ( الشُّح) وقال الله عز وجل بعد ذلك:( وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴿١٨﴾ يوسف)،و قال لهم أبوهم ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا) ، وتكرر هذا القول منه لهم: ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖفَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٨٣﴾ يوسف)، هنا النفس الأمارة بالسوء هى تسوّل الأمر ، تبرره وتستحله وتسوّغه.
خطورة هوى النفس وأكد عضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، أن هوى النفس يعني ضلال السبيل والبعد عن الحق وحب ارتكاب الفواحش والميل عن الصراط المستقيم والجلوس مع قرناء السوء والابتعاد عن الصلاة وإيتاء الزكاة والرغبة في الشُح، وهو ما يعني أن هذه الأهواء والنفس الأمارة بالسوء أخذته إلى بعيد عن طريق الله المستقيم، مشددًا على أن مجاهدة النفس يجب أن تكون صباحا ومساءً.
فما لِكثير منّا لا يزيدهم الجوع إلا اهتماما بأنفسهم وبطونهم؟!