حيث أنزل سكينته عليه وأيده بجنود غائبة عن ابصاركم، وجعل كلمة الذين كفروا - وهى قضاؤهم بوجوب قتله وعزيمتهم عليه - كلمة مغلوبة غير نافذة ولا مؤثرة، وكلمة الله - وهى الوعد بالنصر وإظهار الدين واتمام النور - هي العليا العالية القاهرة والله عزيز لا يغلب حكيم لا يجهل ولا يغلط في ما شاءه وفعله. وقد تبين مما تقدم أولا: ان قوله: (فأنزل الله سكينته عليه) متفرع على قوله: (فقد نصره الله) في عين انه متفرع على قوله: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن) فان الظرف ظرف للنصرة على ما تقدم، والكلام مسوق لبيان نصره تعالى إياه صلى الله عليه وآله وسلم لا غيره فالتفريع تفريع على الظرف بمظروفه الذي هو قوله: (فقد نصره (٢٨٠) الذهاب إلى صفحة: «« «... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285... » »»
والتساؤل هنا: هل المال يقوي من هداية العباد ، ويعزز من أيمانهم ويثبته ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، وهل أذا نفذ أو نضب هذا المال ، ينتهى المعتقد ويخفت الأيمان!.. هذه مجرد تساؤلات ، والعاقل يفهم ؟.
والمراد بكلمة الذين كفروا: كلمة الشرك، أو كلمتهم التي اجتمعوا عليها في دار الندوة، وهي اتفاقهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بكلمة الله: دينه الذي ارتضاه لعباده، وهو دين الإسلام، وما يترتب على اتباع هذا الدين من نصر وحسن عاقبة؛ أي: كانت نتيجة إنزال السكينة والتأييد بالملائكة أن جعل كلمة الشرك هي السفلى؛ أي: المقهورة الذليلة، وكلمة الحق والتوحيد المتمثلة في دين الإسلام هي العليا؛ أي: هي الثابتة الغالبة النافذة.
وبهذا الصدد أسرد ما قاله الخليفة أبوبكر الصديق / قولته المشهورة – في حروب الردة ( لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه). القراءة: أولا – أن الدعوة المحمدية أنتهت بموت صاحب الدعوة ، محمد بن عبدالله ، والدليل على ذلك يتأتى من حدثين: (1) فالرسول توفي في 12 ربيع الأول سنة 11 هجرية ، وفي ذات هذا اليوم تخاصم الصحابة في سقيفة بني ساعدة ، على من يخلف محمد / قبل أن يدفن ، وقبل أن يحفر له لحد! ، وبويع أبو بكر بعد صراع بين الأنصار والمهاجرين ، (2) ، أن ردة القبائل عن دين محمد ، دليل على أن من أسلم من تلك القبائل كان غير مدركا لماذ غير دين أجداده! ، كذلك لم يكن هناك أي أيمان حقيقي بدين محمد من قبل هذه القبائل ، وألا لم تغير أتجاههم العقدي حين سماعهم بنبأ وفاة محمد!. ثانيا – ما كان يثني القبائل عن الردة في عهد محمد ، هو ما يحصلون عليه من " غنائم " أثناء الغزو. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٠. علما أن محمدا غزا العديد من الغزوات في عهده ، وكانت الغنائم وفيرة للقبائل المشاركة في الغزو ، وقد جاء في كتاب صحيح البخاري أنّ زيد بن أرقم سُئِلَ عن عدد غزوات النبي: ( كم غزا النبي من غزوة ؟ قال: تسع عشرة ، قيل: كم غزوت أنت معه ؟ قال: سبع عشرة ، قُلْت فأيهم كانت أول ؟ قال: العشير أو العسيرة ، فذكرت لقتادة فقال: العشيرة).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { إلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} قال: ذكر ما كان في أوّل شأنه حين بعث، فالله فاعل به كذلك ناصره كما نصره إذا ذاك { ثانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِي الغارِ}. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ... } الآية، قال: فكان صاحبه أبو بكر.