[حكم حلق الشارب] Q ما حكم حلق الشاربين في الدين؟ وهل حرمته كحرمة حلق اللحى؟ A هذا السؤال طريف؛ لأن الواقع حلق الشاربين له صورتان: كان بعض السلف من الصحابة وغيرهم، ممن ائتمروا بقوله عليه الصلاة والسلام: (وأعفوا اللحى) كانوا يحلقون شواربهم، وذلك فهمٌ منهم للطرف الأول من الحديث: (أحفوا الشارب) أو (حفوا الشارب) وفي رواية: (انهكوا) وفي أخرى: (جزوا) فهموا من هذه الأحاديث استئصال الشارب، فكانوا يستأصلون الشارب ويعفون اللحى، كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام.
ولكن إذا كانت النيات لها علاقة ببعض الأعمال أحياناً، فلا شك أن ثمة فرقاً كبيراً بين أولئك الذي يأتمرون بالأمرين: بإحفاء الشارب، وإعفاء اللحى، ولكنهم يخطئون في فهم معنى الإحفاء، لا شك أن هناك فرقاً كبيراً بين هؤلاء الذين يستأصلون شواربهم، وبين الشباب اليوم الذين يستأصلون الشارب مع اللحية من باب التشبه بالكفار. ولذلك إذا كان الدافع على حلق الشارب هو التشبه فهذا لا يجوز، وإذا كان الدافع على ذلك هو الفهم الخطأ، فهو خطأ وصاحبه مأجور عليه أجراً واحداً، وهو غير آثم.
اهـ. وقد عد ابن فرحون في (تبصرة الحكام) حالق الشارب فيمن تُرد شهادتهم. وذهب الشافعية في المذهب إلى المنع من الحف، وأن السنة هي الأخذ منه حتى يبدو طرف الشفة، قال النووي في (المجموع): ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرف الشفة، ولا يحفه من أصله، هذا مذهبنا، وقال أحمد رحمه الله: إن حفه فلا بأس، وإن قصه فلا بأس. اهـ. ودليل من قال بجواز الحف ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جزوا الشوارب، وأرخوا اللِّحى، خالفوا المجوس. وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انهكوا الشوارب، وأعفوا اللحى" فحملوا النهك والحف والجز على الاستئصال. الحلق يوم الجمعة (بكسر الحاء لا بالفتح). قال الزيلعي نقلاً عن البزدوي: والإحفاء: الاستئصال. اهـ. وأما دليل من ذهب إلى عدم جواز الاستئصال، فهو تفسير الجز والحف والنهك بالقص بما زاد عن طرف الشفة. وحكى العراقي عن القاضي عياض التخيير بين الأمرين، كما في طرح التثريب. وبناءً على ما سبق، فقد تبين لنا أن الخلاف في المسألة قوي، ولذلك قال فيها بعض العلماء بالتخيير، وإن كنا نرجح أن التقصير أولى من الحف، لما في رواية النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الفطرة: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الظفر، وتقصير الشارب.
السؤال: هل إزالة شعر الوجه بالنسبة للمرأة حلال؟ أم حرام؟ وإزالة بعض الشعر من الحاجبين بحيث تساويه فقط، وهو مقدار صغير من الشعيرات، ليست كثيرة؟ هل هو حلال، أم حرام؟ الجواب: أما الحاجبان فليس لها أن تزيل منهما شيئًا، الرسول ﷺ "لعن النامصة والمتنمصة"، والنمص: أخذ شعر الحاجبين، فليس للمرأة أن تأخذ من الحاجبين شيئًا، ولا أن تعدلهما، مطلقًا. أما شعر الوجه ففيه تفصيل: إن كان فيه شيء من المثلة، التشويه، مثل اللحية تنبت لها أو شارب فلها أن تزيل ذلك، تزيل هذا لأجل المثلة والتشويه، أما الشيء العادي في الوجه، فليس لها أن تتعرض له بشيء، لأنه من النمص. أما إذا كان سيشوه، نبت لها لحية،نبت لها شارب، فلها أن تزيلهما. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. فتاوى ذات صلة
• إصلاح غلط المحدّثين (ص63 - 64 رقم 20) قال: (يَرويه كثيرٌ من المحدِّثين: عن الحَلْقِ قبلَ الصّلاةِ. ويَتَأوَّلونَهُ على حَلْقِ الشَّعْرِ، وقالَ لي بعضُ مشايخِنا: لم أَحْلِقْ رأسي قبلَ الصّلاةِ نحواً من أربعينَ سنةً بعدما سمعتُ هذا الحديثَ). والصّوابُ في ذلك هو: (الحِلَق) بكسر الحاء وفتح اللّام، بدل (الحَلْق) بفتح الحاء وإسكان اللّام. وهذه - أيُّها النّبيه – بعض التَّقريرات والنُّقول لبعض العلماء تُؤيِّدُ هذا التَّصويب أسوقُها إليك. قال في: أ- إصلاح غلط المحدّثين (ص63 - 64 رقم 20): قالَ أبو سُليمان: وإنَّما هو الحِلَقُ - مكسورة الحاءِ مفتوحة اللاّمِ - جمعُ حَلْقَة، يَقالُ: حَلْقَةٌ وحِلَقٌ مِثْلُ بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، وقَصْعَةٍ وقِصَعٍ... ). ب- معالم السّنن (2 /13 /1038): (" الحِلَق " مكسورةُ الحاء مفتوحةُ اللّام: جماعةُ الحَلْقَة... ). ت- اللِّسان (10 /62): ( وفي الحديث: أَنّه نَهى عن الحِلَقِ قبل الصَّلاةِ، وفي رواية: عن التَّحَلُّقِ، أَراد قبل صلاة الجُمعة. الحِلَقُ بكسر الحاء وفتح اللاّم جمع الحَلْقَة مثل قَصْعَة وقِصَعٍ، وهي الجماعةُ مِن النّاس مستديرون كحَلْقَةِ البابِ وغيرِها، والتَّحَلُّقُ تَفَعُّلٌ مِنها، وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك... ).