( واجعلني مباركًا أينما كنت) هل خطر في بالكِ سؤالاً و أنت تقرأ قول عيسى عليه السلام: ( و اجعلني مباركًا أين ماكنت)!! كيف أكون مبارك ؟! ومامعنى البركة ؟ والأهم هل سألتِ الله أن يجعلك مبارك ؟ لكي يتولد في نفسك الحرص على الدعاء بالبركة لابد معرفة معناها. البركة: هي النماء والزيادة. و هي قيمة معنوية وشعور إيجابي يشعر به الإنسان ، إذًا فالبركة تحمل معنى نزول الخير الإلهي.. "البركة جندي خفي من جنود الله يمنحها الله لمن نظر إلى قلبه ومايريده من قلب ذلك الإنسان فمن كان قلبه مليء بالمنكرات فلا يمنح البركة ". والبركة لا تأتي هكذا أبدًا! ولا يكتسبها الإنسان اكتسابًا! وجعلني مباركًا أينما كنت. البركة لا تأتي إلا من عند الله سبحانه وتعالى. تأمل قوله عز وجل " تبارك الذي بيده الملك ". ومما يدل أن الإنسان يطلب البركة: - أم أنس رضي الله عنها حين أتت بأنس إلى الرسول صلى الله عليه و سلم و قالت: " هذا خادمك أنس ، ادع له بالبركة " فدعى له. [ اللهم أكثر ماله وولده وبارك فيه]. يقول أنس رضي الله عنه: فإني أكثر الناس مالاً وولدًا إذ له من الأولاد و الأحفاد مائه! ومنها أن النبي عليه الصلاة و السلام يدعو بالبركة في أمور كثيرة كالزواج " بارك الله لك و بارك عليك و جمع بينكما في خير ".
وكيف أكون كذلك في حركاتي وسكناتي وبداياتي ونواياي وأعمالي.. كيف بوسعي أن أنمّي الخير وأدعو للمعروف وسط معارفي وفي محل عملي؟ وكيف أطرح التنمية والتطوير في مجتمعي؟ إن فعل أحدنا ذلك، فمن الممكن أن يكون فردا مباركا نامياً أينما حلّ لا منقطعا أو مبتورا، يظل كلامه وفعله وتأثيره حاضرا، وتبقى ذكراه طيبة عالية.. فالله يبارك كل ما هو موصول بالخير ومنعقد بالإخلاص فيزيده نماءً ويشعّه نوراً ويحيطه بركة! ونحن في رحاب شهر الله الكريم وأيامه المباركة وساعاته الميمونة.. لنسأل أنفسنا هل إلى ذلك من سبيل.. تفسير قوله تعالى: وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة. فنرقى؟! !
"وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً" [مريم: 31] جاءت هذه المقولة على لسان روح الله عيسى عليه السلام وهو في المهد أي في بداية مسيرة حياته، وهي في الواقع ليست مجرد تبيان لحقيقةٍ مرتبطة بالنبي عيسى عليه السلام؛ إنما هي شعار رائع ومبدأ عظيم لتمثلِهِ والعمل بموجباته (اجعلني مباركاً أينما كنت)! وجعلني مباركاً أينما كنت( 17/7/2017) خليك إنسان - الشيخ أحمد جلال - الطريق إلى الله. والبركة هي الخير الوفير والنماء.. والإنسان المبارك هو الذي يلقي البركة وينشر الخير وفيرا متصلا متتالياً أينما حل وحيثما كان.. وقد كانت بركة عيسى ومحمد وجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم متنزلة على أقوامهم ومتنامية دون أن يكون خيرهم منتهياً أو منقطعا برحيلهم عن عالمنا.. إنما ممتد باقٍ إلى يومنا هذا!
_ القران والصيام يشتركان بأنهم يحاجان عن العبد يوم القيامة يأتي الصيام والقرآن يحاجان الله يقول الصيام: منعته الطعام والشراب في النهار فشفعني ويقول القرآن: منعته النوم في الليل فشفعني فيشفعان -سورة البقرة سورة مباركة كما قال عليه الصلاة والسلام ( اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة) من بركتها أنها تطرد الشياطين وسورة البقرة وآل عمران غمامتان تظلان العبد يوم القيامة لمن حفظهما فمن لم يستطع حفظ القرآن كاملاً فليجتهد في حفظ البقرة وآل عمران حتى لا يتحسر على تركهما يوم القيامة.
صحيفة تواصل الالكترونية
وقال عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك بن أنس في قوله: ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) قال: أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت ، ما أثبتها لأهل القدر. ﴿ تفسير القرطبي ﴾ وجعلني مباركا أي ذا بركات ومنافع في الدين والدعاء إليه ومعلما له. التستري: وجعلني آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأرشد الضال ، وأنصر المظلوم ، وأغيث الملهوف. وأوصاني بالصلاة والزكاة أي لأؤديهما إذا أدركني التكليف ، وأمكنني أداؤهما ، على القولالأخير الصحيح. ما دمت حيا في موضع نصب على الظرف أي دوام حياتي. ﴿ تفسير الطبري ﴾ وقوله ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: وجعلني نفاعا. * ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، قال: ثنا العلاء، عن عائشة امرأة ليث، عن ليث، عن مجاهد ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا) قال: نفاعا. وقال آخرون: كانت بركته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. * ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي، قال: سمعت وُهَيْب ابن ابن الورد مولى بني مخزوم، قال: لقي عالم عالما لما هو فوقه في العلم، قال له: يرحمك الله، ما الذي أعلن من علمي، قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده، وقد اجتمع الفقهاء على قول الله: ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) وقيل: ما بركته؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان.
فإن قيل: لم يكن لعيسى مال ، فكيف يؤمر بالزكاة؟قيل: معناه بالزكاة لو كان لي مال. وقيل: بالاستكثار من الخير. ( ما دمت حيا) ﴿ تفسير الوسيط ﴾ وقوله: وَجَعَلَنِي نَبِيًّا أدعو الناس إلى عبادته وحده وَجَعَلَنِي أيضا بجانب نبوتي مُبارَكاً أى: كثير الخير والبركة أَيْنَ ما كُنْتُ أى: حينما حللت جعلني مباركا، فأينما شرطية وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه. وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ أى: بالمحافظة على أدائهما ما دُمْتُ حَيًّا في هذه الدنيا. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ وقوله: ( وجعلني مباركا أين ما كنت) قال مجاهد ، وعمرو بن قيس ، والثوري: وجعلني معلما للخير. وفي رواية عن مجاهد: نفاعا. وقال ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي ، سمعت وهيب بن الورد مولى بني مخزوم قال: لقي عالم عالما هو فوقه في العلم ، فقال له: يرحمك الله ، ما الذي أعلن من عملي ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر; فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده ، وقد أجمع الفقهاء على قول الله: (وجعلني مباركا أين ما كنت) ، وقيل: ما بركته ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أينما كان. وقوله: ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) [ الحجر: 99].