وعن جابر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المنفق في سبيل الله على فرسه كالباسط كفيه بالصدقة»، وعن أبي أمامة الباهلي قوله: «من ارتبط فرساً في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة، كان من (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). والآية فيها مدح من الله تعالى للمنفقين في سبيله، والمتصدقين ابتغاء مرضاته في كل الأوقات من ليل أو نهار، وفي جميع الأحوال من سر وجهار، حتى إن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضاً، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص حين عاده مريضاً عام الفتح، وفي رواية عام حجة الوداع: «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ ازددت بها درجة ورفعة، حتى ما تجعل في في امرأتك».
تاريخ الإضافة: 15/2/2017 ميلادي - 19/5/1438 هجري الزيارات: 70281 تفسير: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم... ) ♦ الآية: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (274). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ﴾ نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عنه كان عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها فَتَصدَّق بدرهمٍ سرًَّا ودرهمٍ علانيةً ودرهمٍ ليلًا ودرهمٍ نهارًا.
ثم قال تعالى مثنيًا على المنفقين قال: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة ٢٧٤] ﴿الَّذِينَ﴾ مبتدأ، وجملة ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ خبر المبتدأ، واقترنت بالفاء لشبه المبتدأ بالشرط في العموم؛ لأن المبتدأ هنا اسم موصول، والاسم الموصول يشبه الشرط في العموم. قال: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ﴾ يحتمل أن يقال: أن يراد بالأموال هنا كل الأموال، ويحتمل أن يراد الجنس، فيشمل الكل والبعض. وقوله: ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ هذا فيه عموم الزمن، ﴿سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ فيه عموم الأحوال، يعني على كل حال وفي كل زمن. وقوله: ﴿سِرًّا﴾ أي خفاء، وهو مفعول مطلق لـ﴿يُنْفِقُونَ﴾ يعني: إنفاقًا سرًّا، ﴿وَعَلَانِيَةً﴾ يعني جهرًا، وفي تقديم السر على العلانية والليل على النهار دليل على أن الصدقة كلما كانت أخفى فهي أفضل وأولى، ولكن قد تكون علانية أفضل إذا ترتب على ذلك مصلحة. قال: ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ﴿أجرهم﴾ يعني ثوابهم عند الله مدخرًا يجدونه أحوج ما يكونون إليه، وهذا الأجر قد بين فيما سبق بـأن ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة ٢٦١].