ولا يزال هذا الاعتقاد سائداً إلى يومنا هذا فمن الناس اليوم من ينكر وجود الله تعالى وينسب ما يجري في الكون إلى الأيام والليالي والعياذ بالله، وهؤلاء كفار كفراً أكبر مخرجاً لهم من الملة. وهكذا من اعتقد أن الدهر بيده شيء من الخلق والتدبير فهو كافر بالله مشرك به، ولو اعتقد وجود الله عز وجل. لأنه إذا اعتقد ذلك فقد اعتقد وجود خالق مع الله تعالى الله وتقدس أن يكون له شريك في ملكه قال تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً). ومن أهل الإسلام من إذا وقعت به مصيبة لعن اليوم الذي وقعت عليه فيه المصيبة، أو سبه أو شتمه، ومن فعل هذا فقد أتى منكراً كبيراً وجرماً شنيعاً يقدح في كمال توحيده، لأن سب الدهر والزمان والأيام والليالي وشتمها شرك لفظي وهو من الشرك الأصغر، قال صلى الله عليه وسلم (قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) متفق عليه. وفي لفظ لمسلم (لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله). وفي هذا الحديث القدسي يقول الله تعالى (يؤذيني ابن آدم) أي يلحق بي الأذى، ولكنها ليست كأذية المخلوق لأن الله عز وجل لا يشبهه شيء والمخلوق قد يؤذي الخالق لكنه لا يبلغ ضره كما قال سبحانه في الحديث القدسي الآخر (يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني) ففرق بين الأذى والمضرة.
ومن هذا نسبة السلامة من الحوادث إلى مهارة السائق، ونسبة الشفاء إلى الطبيب، ونحوه مما هو واقع على ألسن كثير من الناس اليوم مع كثرة ما ورد من الذم في الكتاب والسنة لمن يضيف نعم الله إلى غيره كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. والأمر بنسبة النعم إلى الله لا يعني ترك شكر المحسن ومثوبته بل المحسن يشكر ويثاب ويدعى له وفي الحديث (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) وفي الحديث الآخر (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه) لكن ليس معنى شكره أن تنسب النعمة إليه فالله هو المنعم وما هذا المحسن إلا سبب أجرى الله الخير إليك على يديه. كما أن التقرير السابق لا يمنع من إضافة الشيء إلى سببه إذا كان من باب الإخبار عن السبب وإنما المقصود به الزجر عن إضافة النعم إلى الأسباب مع تناسي المنعم بها وبأسبابها وهو الله تعالى عباد الله: إن الشيطان يدعوكم عند المصيبة إلى سب الدهر، وعند حلول النعمة إلى نسبتها إلى الخلق، والله عز وجل يدعوكم عند المصيبة إلى الصبر وعند النعماء إلى الشكر فاتقوا الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون). ثم اعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها…
النهي عن سب الدهر - حديث قدسي - YouTube
22-02-2012, 10:03 AM تاريخ الانضمام: Sep 2011 التخصص: طالب علم النوع: ذكر المشاركات: 33 نظرة في ذم الدهر عند الشعراء اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل أبو سعد المصري وكان عبيد الله بن عبد الله يقول أفصح بيت له قوله: وَتَماسَكْتُ حين زَعْزَعِني الدَّهْرُ... الْتِماساً مني لِتَعْسِي وَنكْسِي لا والله ما هو بفصيح، لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، لا يخلو - على الحقيقة - أمر هؤلاء من اعتقاد إله آخر مع الله أو من سب الله. ينبغي على المرء أن يعود نفسه على مقت هذه العادة الخبيثة عند هؤلاء الشعراء، وهي كثرة سب الدهر والأيام والزمان، وأكثره كذب، يتقلبون في النعم ظهورا لبطون، ويدعون الفاقة والفقر، ويقولون ما لا يفعلون، والله المستعان، وسبحـانه و عما يقول الظالمون علوا كبيرا. أصل هذا الحديث منازعة في موضوع ( ويجري القصيد..... (تقييد جميل الشعر)) ثم أفردت في حديث مستقل.
وأما المسلم فيحرم ، إلا إذا دعت إليه الضرورة. وقوله: ( فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) علة للنهي عن السب، إذ أنهم قد أصبحوا بين يدي ربهم وسوف يواجهون حكماً عدلاً لا يظلمهم فيجازيهم على حسناتهم ويعاقبهم على سيئاتهم, فالسب لا نتيجة له ولا فائدة منه، وهناك علة أخرى كما في رواية ( لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء) رواه أحمد وغيره. فيكون سب الأموات له معنيان: المعنى الأول: أنه لغو؛ لأنهم أفضوا إلى ما قدمّوا، والمعنى الثاني: أنهم إذا كان لهم أحياء فسوف يتأذون، وحينئذٍ فسب الأموات دائر بين أمرين: إما لغو لا فائدة منه، وإما إيذاء للأحياء؛ فلهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم... النهي عن سب المسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر). متفق عليه. سباب: أي سبه وشتمه، قال إبراهيم الحربي السباب أشد من السب وهو أن يقول في الرجل ما فيه وما ليس فيه يريد بذلك عيبه.
وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 187511 // 308596 والدهر ليس من أسماء الله ولو كان كذلك لكان الذين قالوا: وما يهلكنا إلا الدهر مصيبين. وأما بالنسبة لسؤالك عن الكفارة، فمن وقع في ذلك فعليه التوبة والاستغفار ولا شيء عليه غير ذلك، وراجع لمزيد من الفائدة الفتويين التاليتين: 15822 // 38043. والله أعلم.