عدد الصفحات: 2 عدد المجلدات: 1 تاريخ الإضافة: 15/4/2015 ميلادي - 26/6/1436 هجري الزيارات: 74190 ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62] سلسلة العقيدة الإصدار رقم ( 63) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال الله تعالى ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ سورة النمل آية: 62]. شرح الكلمات: يجيب: يستجيب له. المضطر: المكروب الذي مسه الضر. دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) عشق هادف. يكشف السوء: يزيل الضرر عنه وعن غيره. أي يبعده والسوء هو ما يسوء المرء من مرض وجوع وعطش وقحط وجدب خلفاء الأرض: كل قرن يخلف الذي قبله قد انقرض. تذكرون: تتعظون. أي ما تتعظون إلا قليلا بما تسمعون وترون من آيات الله. الشرح الإجمالي: يقرر الله في هذه الآية الكريمة بعض الحقائق التي يختص بها دون من سواه، ومن ذلك استجابة دعوة المكروب وإزالة الضرر عنه، والمحافظة على جنس البشر بوصل حاضره بماضيه، ثم يبين – سبحانه - أن من لم يتعظ بمثل هذا ويعتبر ويعبد الله وحده فلن يتعظ بغيره.
إذاً إنَّ هذه الاُمّة قد وُعِدت من الله سبحانه بخلافة الأرض كلِّها بما ضمّت وحوت وليس خلافة في الأرض؛ لأنّ هذه الخلافة الأخيرة قد قام بها آدم وداود وغيرهما، ولن يتحقق هذا الوعد إلاّ يوم الظهور. وعليه فالمضطر هو الذي بيده وعلى عاتقه تحقق الاُمّة الإسلاميّة خلافة الأرض جميعاً، وهذا الإنسان المضطر إنما تنطبق أوصافه حصراً على الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه): (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (8) ؛ ولذا فحينما ندعو بهذه الآية (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ) لا بدّ أن نلتفت إلى أنّنا نقصد بذلك الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه)، أي كأنّنا نتوسل إلى الله تعالى ببركة هذا الإمام أن يكشف عنّا الضرَّ والبلاء، وهذا ما يتجسد أيضاً في دعاء الندبة: (أينَ المضطرُّ الذي يُجابُ إذا دعا)(9).
ثم قال: ﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ هل يستحق أحد العبادة مع الله سبحانه وتعالى؟، هذا إلزام لهم ببطلان ما هم عليه من عبادة غير الله. ولهذا قال: ﴿ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي: تنزه عن الشرك. قوله: ﴿ أإله مع الله ﴾، الاستفهام للإنكار، أو بمعنى النفي، وهما متقاربان، أي: هل أحد مع الله يفعل ذلك؟! أمن يجيب المضطر إذا دعاه (مطوية). الجواب: لا، وإذا كان ذلك، فيجب أن تصرف العبادة لله وحده، وكذلك الدعاء، فالواجب على العبد أن يوجه السؤال إلى الله تعالى، ولا يطلب من أحد أن يزيل ضرورته ويكشف سوءه وهو لا يستطيع. " إشكال وجوابه: وهو أن الإنسان المضطر يسأل غير الله ويستجاب له، كمن اضطر إلى طعام وطلب من صاحب الطعام أن يعطيه فأعطاه، فهل يجوز أم لا؟ " الجواب: أن هذا جائز، لكن يجب أن نعتقد أن هذا مجرد سبب لا أنه مستقل، فالله يجعل لكل شيء سبباً، فيمكن أن يصرف الله قلبه فلا يعطيك، ويمكن أن تأكل ولا تشبع فلا. تزول ضرورتك، ويمكن أن يسخره الله ويعطيك. ويبين سبحانه أن المشركين من العرب ونحوهم، قد علموا أنه لا يجيب المضطر ويكشف السوء إلا الله وحده، فذكر ذلك سبحانه محتجاً عليهم في اتخاذهم الشفعاء من دونه، ولهذا قال:? أَإِلَهٌ مع الله? يعني يفعل ذلك، فإذا كانت آلهتهم لا تجيبهم في حال الاضطرار، فلا يصلح أن يجعلوها شركاء لله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
الرأي الثاني: أنَّ المراد بالمضطرّ في الآية الكريمة هو الإمام المنتظر (عليه السلام)، لوجهين: الوجه الأوّل: الروايات: فعندنا معتبرة محمّد بن مسلم، عن الباقر (عليه السلام) في قوله الله عز وجل: ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، قال: (هذه نزلت في القائم (عليه السلام)، إذا خرج تعمَّم وصلّى عند المقام وتضرَّع إلى ربّه فلا ترد له راية أبداً) (2). وعندنا أيضاً رواية صالح بن عقبة، عن الصادق (عليه السلام)، قال: (نزلت في القائم من آل محمّد (عليهم السلام)، هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض) (3). الوجه الثاني: القرينة السياقية في الآية: في الآية قرينة على أنَّ المراد بالمضطرّ هو الإمام، لأنَّ في ذيلها: ( وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ)، فعبَّرت الآية بتعبير: (خليفة الأرض) ولم تعبّر (خليفة في الأرض)، وهناك فرق بين التعبيرين، فعندما نقول: (الإنسان خليفة في الأرض) فهو قابل للصدق على الجميع فإنَّ كلّ إنسان بمقدوره القيام بهذا الدور، دور الخلافة في الأرض، إذ كلّ إنسان يستثمر الأرض، يستثمر الطبيعة طبقاً لقوانين السماء يكون خليفة في الأرض؛ لأنَّه استثمر الأرض على ضوء قوانين السماء.