أخرجه الحاكم وغيره وحسنه الألباني، ولطالما عنف صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين ضيعوا أو همّوا أن يضيعوا حقوق زوجاتهم في الفراش، وقد نقلت لنا كتب السنة كثيرا من هذا, ومن ذلك ما أخرجه أبو داود و أحمد واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة، وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي: يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة! قالت، فقلت: يا رسول الله: امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: يا عثمان أرغبت عن سنتي؟ فقال: لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب. قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر وصل ونم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينيك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا.
خلاصة الفتوى عدم عدل الرجل بين زوجتيه معصية عظيمة،لكن ليس من ذلك المساواة في مرات الجماع وللمرأة المطالبة برفع الضرر عنها بطلب الطلاق إن شاءت أو الخلع، فإن أبى فالقاضي يلزمه بذلك. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالزوج الذي لا يعدل بين زوجاته آثم ومتعد بذلك، وهو عرضة لما ورد من الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم: من كان له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. رواه أحمد ، وانظري الفتوى رقم: 25425 ، وما أحيل عليه من فتاوى خلالها. هذا واعلمي أنه ليس من العدل الواجب عليه أن يساوي بينكما في مرات الجماع فإن ذلك قد لا يطيقه ويكون من تكليفه بما ليس في وسعه. وللعلماء في تحديد المدة التي يجب على الزوج جماع زوجته فيها بحيث لا يتجاوزها بدون جماع خلاف. وقال أكثرهم: يجب أن لا يبلغ به مدة الايلاء إلا برضاها وطيب نفسها به وَاخْتَارَ ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ: وُجُوبَ الْوَطْءِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا. مَا لَمْ يُنْهِكْ بَدَنَهُ ، أَوْ يَشْغَلْهُ عَنْ مَعِيشَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ 0اهـ.
وأما قولك (لماذا تكره المرأة على ذلك وهي متضررة) فنقول: لم يقل أحد إن على المرأة أن تجيب زوجها في فراشه ولو كانت متضررة، بل نص الفقهاء أنه يحق لها الامتناع حينئذ لأن القاعدة المقررة المتفق عليها شرعا أنه لا ضرر ولا ضرار. ولكن الضرر الذي يسوغ للمرأة أن تمتنع عن زوجها في الفراش هو الضرر البين الذي تخشى منه على نفسها كأن تكون مريضة مرضا شديدا أو مصابة بإصابة ما فإذا جامعها زوجها في هذه الحال فإنها تتضرر, فهنا يحق لها الامتناع, أما ما وراء ذلك من الأعذار الموهومة التي ترجع إلى مزاج المرأة ورغبتها أو عدم رغبتها فهذا ليس بعذر ولا يجوز لها الامتناع من زوجها والحال كذلك. وأما ما تذكر من حال المرأة التي تبغض زوجها بغضا شديدا وتكره معاشرته والبقاء معه وتخشى أن تضيع حقه بسبب ذلك, فقد جعل الشرع لها من ذلك مخرجا كريما وسلوكا قويما ألا وهو الخلع, وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97645, 3875, 3118. وأما الرجل الذي يمتنع عن قضاء حق امرأته في الفراش فلم يرد أن الملائكة تلعنه لأجل ذلك، لكن لا شك أنه ظالم آثم فإن حق المرأة على زوجها في الفراش من أعظم الحقوق التي يجب على الرجل أن يبذلها لها, وقد قال الله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة: 228} ولقد كان رسول الله دائما ما يحذر من تضييع حقوق المرأة عموما فقال: إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم و المرأة.