في ما يلي نماذج لأغاني المهد الخاصة بالتمهيد لنوم الطفل في العراق، ومصر، وسوريا، والسعودية، وفلسطين، وتونس، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض هذه الأغاني تشدو بها الأمهات لأطفالهن في بلدان عربية أخرى. دلول، خود البزه واسكت، نني نني، يالله تنام… بعض الأغاني التي ينام على إيقاعها أطفالنا دوها يادوها والكعبة بنوها، والزمزم شربوها... أغنية لينام الأطفال في السعودية.
بما يثبت مدى إدراك الموسيقي لأهمية الحفاظ على اللحن الأساسي البسيط، والذي لا يقبل أية انحرافات حركية كبيرة قد تخل بفلكلورية الأهزوجة أو تشوهها، وتتجلى عبقريته كذلك من خلال توزيعاته الموسيقية وإخراجه الدرامي بإضافة بعض المؤثرات الصوتية، خاصة في أهزوجة «الرحماني» أو اهتمامه بالخلفيات والتأوهات الصوتية وحتى صوت (يد الهون) في «دوها» بما يوحي بحالة الاسترخاء ما قبل النوم لحظة ترديد الأمهات لها عندما يهدهدن أطفالهن. أو اشتغاله على مؤثرات طفولية في أهزوجة «أم عميرة» بما توحي بحالات اللعب والمرح في الحارة. ولن يغفل المستمع عن عذوبة أصوات الشابات المؤديات وكورال الأطفال من بنين وبنات، وهي أصوات بطبيعتها متشربة للكنة الحجازية والنبرة الصوتية الفارقة باعتبارها مميزا خاصا خارجا من أديم البيئة الحجازية.
هذه العلاقة بين البشر والموسيقى غير مرتبطة بظرف زماني ومكاني واحد؛ فلكل ثقافة وحضارة تهويداتها الخاصة بها، وأقدم التهويدات التي تم توثيقها تاريخياً هي التهويدات السومرية التي جمعها الكاتب الآشوري الأميركي، صاموئيل نوح كرامر، في كتابه "التاريخ بدأ في سومر"، الذي قام بتأليفه بعد سنوات من عمله في الحفريات الأثرية في ثلاثينيات القرن الماضي، أي في الحقبة التي فرضت فيها بريطانيا الوصاية على العراق؛ إذ قام حينها بفك رموز الألواح المكتوبة بالخط المسماري، والتي يعود تاريخها للعصر البرونزي قبل خمسة آلاف سنة، بمساعدة الباحث، أفرايم أفيغدور سبيسر. من اللافت أن السومريين اهتموا بتوثيق تهويداتهم، كما أنه من اللافت أيضاً أن بعض التهويدات السومرية لا تقوم فيها الأم بمخاطبة الطفل بشكل مباشر، بل هي تؤنسن النوم أو تؤلهه لتخاطبه، وتناجيه لتساعد الطفل على النوم، ضمن مقاطع غنائية قصيرة، لا يمكن التنبؤ بلحنها. ومن هذه التهويدات: "تعال يا نوم. تعال أيها النوم، تعال إلى حيث تجد طفلي راقداً. أسرع أيها النوم وزرنا حيث يهجع ولدي. دعه يغلق عينيه اليقظتين. ضع يدك على عينيه المكحلتين. وبالنسبة للسانه الذي لا ينقطع من التصويت، أمسك به ولا تدعه يوقظ العينين".