رواية لاعب الشطرنج pdf تأليف ستيفان زفايغ.. كيف السبيل إلى الإحاطة بعمل روائي صغير إلى هذا الحد يكاد يشفّ لبساطته ووضوحه وكل ما فيه يشدنا إلى متاهة وسمها الكاتب عمداً بـ"رقعة الشطرنج"؟ وأي مدخل قد يسعفنا في استكناه خبايا أبطاله والكل لاعب والكل مشاهد في نفس الوقت؟ كتب ستيفان زفايغ إلى صديقه هرمان كيتسن قبل انتحاره بخمسة أسابيع: "ليس هناك شيء مهم أقوله عن نفسي. كتبت قصة قصيرة حسب أنموذجي المفضل البائس، وهي أطول من أن تنشر في صحيفة أو مجلة وأقصر من أن يضمها كتاب وأشد غموضاً من أن يفهمها جمهور القراء العريض وأشد غرابة من موضوعها في حد ذاته". إن "لاعب الشطرنج" على بساطتها رواية مراوغة ظاهرها حكاية طريفة ممتعة عن سيرة لاعب شطرنج، وباطنها رسالة وداع وجهها الكاتب زفايغ إلى الإنسانية جمعاء بعد أن فقد الأمل في الإنسان كما حلم به ودافع عنه، الإنسان الذي تحول إلى آلة تدمير لا هاجس لها غير السيطرة والربح: رجل الدين، رجل الأمن، المحامي، التاجر، لا أحد نجا من الإدانة، ولا أحد حافظ على هويته في لعبة التحولات. لقد غربت الشمس وآن الأوان لكي نقول وداعاً. أقرأ المزيد... شارك الكتاب مع اصدقائك
لاعب الشطرنج هو عنوان رواية الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ، وهي آخر رواية له قبل إنتحاره، وتم نشرها سنة 1943، وقد ترجمتها إلى العربية سحَر سمالة، وتتمحور الرواية حول بطلين لِلعبة الشطرنج، كلاهما أجبرتهما الظروف على تعلم هذه اللعبة المعقدة، فالأول وجد نفسه مع القس الذي تبناه بعد وفاة والده إثر حادث، وهذا القس يلعب الشطرنج بكثرة، ومن كثرة ملاحظة البطل لأطوار مقابلات القس ضد صديقه، أصبح مُلمًا بالشطرنج، حتى صار بطلا عالميا مشهورا. والبطل الثاني بطل مجهول رغم انتصاره على البطل العالمي، إذ أجبره الفراغ على تعلُّم الشطرنج، بعد أن تم إعتقاله من طرف النازيين، وهناك حصل على كتاب خاص بلعبة الشطرنج خِلسةً، فاضطر لقتل فراغه بالإطلاع على ذلك الكتاب الذي يحتوي على تفاصيل لعبة الشطرنج وعلى أهم مبارياتها على مر التاريخ، ومع الوقت أصبح متمرسًا، رغم أنه لم يواجه أي منافس في هذه اللعبة، بل إنه ظل طول الفراغ القاتل يتنافس مع خياله. تدور أحداث الرواية على لسان الراوي، ومن خلاله نكتشف طبيعة الإنسان المتناقضة. أما الأسلوب السردي فهو بسيط، ويتماشى مع أحداث الرواية، ويُتيح للقارئ فرصة تخيّل الأمكنة والأشخاص، وهذا بمثابة تدريب للخيال على الخيال.
أعتقله الألمان إبان احتلال النمسا، ليجد نفسه معتقل في غرفة فندقيه يتنافس عليه الفراغ والوحدة واللا شيء، حتى تمكن من سرقة كتاب لتعلم الشطرنج فكان رفيقه الذي انتزعه من العدم وحرك ذهنه وجعل الموت والاقتتال هو اللعبة التي يتلهى بها. وعلى متن هذه الباخرة يواجه بطل العالم المتمرس المحامي العريق الذي لم يلعب الشطرنج إلا كحركة ذهنية افتراضية ومع نفسه. هذه أهم مفاصل القصة التي كتبها ستيفان زفايغ كوصية انتحار فبعدها بخمسة أسابيع ودعنا ليتركنا على ظهر هذه الباخرة العائمة في الفراغ، فمنذ الافتتاحية للرواية يقابلنا بالسفر والإبحار ليؤكد لنا أن هذه «الباخرة الكبيرة» ليست سوى الأرض التي نمتطيها لتمتطينا لاحقًا فمثلما منحتنا جزءًا منها لنتشكل ونتكون ونبدو بهذا المظهر تعود فيما بعد طالبةً حقها في أجسادنا من طينٍ وبله. وبتفحص سريع للرواية نجد أننا أمام مفردات كانت هي محفزات ومنطلقات هذه القصة الوصية وأولها «الحاجة والمعاناة» وهنا يتقاسم البطلان فاكهة العوز والحرمان فـ «سيركو» عاش في اليتم ضيفًا في غرفة قس أقل من أقرانه فهمًا ومقدرةً على إنشاء السطر وبنيانه، أما السيد ب فبعدما أودع سجنه الفاخر كان في أشد الحاجة للحديث، متعطشًا ليبتل ريقه بالكلام، لرؤية البشر، لسماع الأصوات، لتبديل المناظر، لملأ أذنه، وإشباع عينه.