القول الثاني: جواز تعليق التّمائم من القرآن، واستدلّوا بما يلي: 1 - ما رواه أحمد والتّرمذي وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ)) [3]. ووجه الدّلالة: أنّ من علّق التّمائم الشّركيّة وُكِلَ إليها، ومن علّق القرآنَ تولاّه الله، ولا يكله إلى غيره، لأنّه تعالى هو المرغوب إليه، والمتوكَّل عليه في الاستشفاء بالقرآن. و أجيب عن ذلك ، بأنّ هذا الكلام حقّ، فالمرغوب إليه، والمتوكَّل عليه في الاستشفاء بالقرآن هو الله عزّ وجلّ، ولكنْ يكون ذلك حسَب ما ورد في الشّرع ، والّذي ورد هو الاستشفاء به عن طريق الرُّقَى، لا التّعليق له، وتعليق ورقه وجلده. ولو كان من تعلّق القرآنَ وُكِل إليه، لكفانا إذاً أن نتعلّق بالقرآن، وما جاء من أذكار الصّباح والمساء، و لا داعي لقراءتِه وقراءةَ تلك الأذكار ، وفي ذلك تعطيلٌ لما ثبت في السنّة من الرُّقى ثبوتا صحيحا بشيءٍ لم يثبت أصلا. ونجد أنّ من تعلّق القرآن طالما التفت قلبُه عن الله ، فلو نُزِعت تلك التّميمة الّتي عليه لتغيّر وخاف من حصول المكاره والأخطار ، فلو كان قلبُه متعلِّقا بالله، لكان واثقا بالله تمام الثّقة، ولم يلجأ إلى شيء لم ترد السنّة به، فهو لم يتعلّق بالقرآن حقيقةً، وإنّما تعلّق بتلك الأوراق، وما عليها من الجلود.
أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يصب عليه الماء ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف ، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله.
بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك. أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة. شاهد أيضًا: حكم الشرك في الربوبية بهذا نختتم مقال حكم تعليق التمائم لدفع العين ، والذي تمّ من خلاله توضيح معنى التمائم ومفهومها، وذكر حكم تعليق التمائم والآيات القرآنية على الجدران، وبيّن بدائل التمائم المباحة، كما قدّم الرقية الشرعية لدفع الحسد والعين.
السؤال: يقول: إمام المسجد في قريتنا متفرغ للإمامة، ويقوم بكتابة القرآن، وإعطائه للمرضى ليلبسوه، ويسمى بالحجاب، وهذه الإمامة متوارثة، أي عن جد وأب، ونفس العمل أقصد الرقى وكتابة القرآن هو هو مصدر كسبهم، فما هو تعليق سماحتكم على هذا؟ أرجو أن توجهونا، وكيف أتصرف، ولا سيما إذا كان من قرابتي؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا. الجواب: تعليق القرآن الكريم على المرضى، أو على الأطفال كل ذلك لا يجوز في أصح قولي العلماء، بعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن لا دليل عليه، والصواب أنه لا يجوز تعليق القرآن ولا غيره من الدعوات، أو الأحاديث، لا على الطفل، ولا على غيره من المرضى، ولا على كبير السن؛ لأن الرسول ﷺ نهى عن التمائم، والتمائم: هي ما يعلق على الأولاد، أو على الكبار، وتسمى الحروز، وتسمى الحجب. فالصواب: أنها لا تجوز لقوله ﷺ من تعلق تميمة؛ فلا أتم الله له من تعلق تميمة؛ فقد أشرك إن الرقى والتمائم والتولة شرك ولم يستثن شيئًا، ما قال: إلا القرآن، بل عمم -عليه الصلاة والسلام- فوجب الأخذ بالعموم، الواجب الأخذ بالعموم. ولأن تعليق القرآن وسيلة إلى تعليق غيره، فإن الناس يتوسلون بالمباحات إلى ما حرم الله، فكيف بشيء لهم فيه شبهة، وقد أفتى بجوازه بعض أهل العلم، فهذا يسبب التساهل، فالواجب الحذر من ذلك.. فالواجب الحذر من ذلك؛ أخذًا بالعموم، وسدًا للذرائع، ذريعة الشرك، فإن تعليق التميمة من القرآن وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، هكذا الناس لا يقفون عند حد في الغالب، والواجب الأخذ بالعموم، وليس هناك دليل يخص الآيات القرآنية، ويستثنيها، والرسول ﷺ أفصح الناس، وأنصح الناس، ولو كان يستثنى من ذلك شيئًا لقال: إلا كذا وكذا.
قلت: وهو ظاهر اختيار ابن القيم. وقالت طائفة: لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه ، وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود.