إن الذين تدعون من دون الله قراءة العامة تدعون بالتاء. وقرأ السلمي ، وأبو العالية ، ويعقوب ( يدعون) بالياء على الخبر. والمراد الأوثان الذين عبدوهم من دون الله ، وكانت حول الكعبة ، وهي ثلاثمائة وستون صنما. وقيل: السادة الذين صرفوهم عن طاعة الله - عز وجل -. وقيل: الشياطين الذين حملوهم على معصية الله تعالى ؛ والأول أصوب. لن يخلقوا ذبابا الذباب اسم واحد للذكر والأنثى ، والجمع القليل أذبة والكثير ذبان ؛ على مثل غراب وأغربة وغربان ؛ وسمي به لكثرة حركته. الجوهري: والذباب معروف الواحدة ذبابة ، ولا تقل ذبانة. والمذبة ما يذب به الذباب. وذباب أسنان الإبل حدها. وذباب السيف طرفه الذي يضرب به. وذباب العين إنسانها. والذبابة البقية من الدين. وذبب النهار إذا لم يبق منه إلا بقية. والتذبذب التحرك. والذبذبة نوس الشيء المعلق في الهواء. والذبذب الذكر لتردده. وفي الحديث من وقي شر ذبذبه. وهذا مما لم يذكره - أعني - قوله: وفي الحديث. وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه الاستنقاذ والإنقاذ التخليص. قال ابن عباس: ( كانوا يطلون أصنامهم بالزعفران فتجف فيأتي فيختلسه). وقال السدي: كانوا يجعلون للأصنام طعاما فيقع عليه الذباب فيأكله.
ويشير ابن قتيبة: وقوله: «يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له»، ثم قال: «إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له»، ولم يأت بالمثل لأن في الكلام معناه، كأنه قال: يا أيها الناس، مثلكم مثل من عبد آلهة اجتمعت لأن تخلق ذباباً فلم تقدر عليه، وسلبها الذباب شيئاً فلم تستنقذه منه. والزمخشري يورد اعتراضاً آخر فيقول: فإن قلت: الذي جاء ليس بمثل فكيف سماه مثلاً؟ يجيب الزمخشري عن هذا بقوله: قد سميت الصفة أو القصة الرائعة، المتلقاة بالاستحسان والاستغراب مثلاً تشبيهاً لها ببعض الأمثال المسيرة، لكونها مستحسنة مستغربة عندهم، أجاب الخازن على هذا السؤال بإجابة والزمخشري غير أنه أضاف إليها جواباً آخر: لما كان المثل في الأكثر نكتة عجيبة غريبة جاز أن يسمي كل كلام كان كذلك مثلاً. ويورد الطبري في هذا المعني فيقول: قال الأخفش: إن قيل: فأين المثل الذي ذكر الله في قوله: «ضرب مثل»؟ قيل: ليس ها هنا مثل والمعني أن الله قال: ضرب لي مثل، أي شبه في الأوثان، ثم قال: فاستمعوا لهذا المثل الذي جعلوه مثلي. وقال القتيبي: ها هنا مثل لأنه ضرب مثل هؤلاء الذين يعبدون الأصنام بمن عبد من لا يخلق ذباباً، وقيل معناه: أثبت حديثاً يتعجب منه، فاستمعوا له لتقفوا على جهل الكفار، من قولك ضربت خيمة، أي نصبتها وأثبتها، وقيل معناه: جعل ذلك كالشيء اللازم الثابت من قولك ضرب السلطان الجزية على أهل الذمة.
فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، وهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها وأقوى على كثير من الأشياء، فلأي شيء عبدتموها. قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ أي: اجتمعوا أنتم وشركاؤكم على إيقاع السوء والمكروه بي، من غير إمهال ولا إنظار فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي. ﴿ تفسير البغوي ﴾ ( إن الذين تدعون من دون الله) يعني الأصنام ، ( عباد أمثالكم) يريد أنها مملوكة أمثالكم. وقيل: أمثالكم في التسخير ، أي: أنهم مسخرون مذللون لما أريد منهم. قال مقاتل: قوله " عباد أمثالكم " أراد به الملائكة ، والخطاب مع قوم كانوا يعبدون الملائكة. والأول أصح. ( فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) أنها آلهة ، قال ابن عباس: فاعبدوهم ، هل يثيبونكم أو يجاوزونكم إن كنتم صادقين أن لكم عندها منفعة؟ ثم بين عجزهم فقال: ﴿ تفسير الوسيط ﴾ ثم مضى القرآن في دعوته إياهم إلى التدبر والتعقل فقال: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ. أى: إن هذه الأصناف التي تعبدونها من دون الله، أو تنادونها لدفع الضر أو جلب النفع عِبادٌ أَمْثالُكُمْ أى: مماثلة لكم في كونها مملوكة لله مسخرة مذللة لقدرته كما أنكم أنتم كذلك فكيف تعبدونها أو تنادونها؟.
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم قال الله تعالى: ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) [الأعراف: 194] — أي إن الذين تعبدون من غير الله -أيها المشركون- هم مملوكون لربهم كما أنكم مملوكون لربكم, فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئًا فادعوهم فليستجيبوا لكم, فإن استجابوا لكم وحصَّلوا مطلوبكم, وإلا تبين أنكم كاذبون مفترون على الله أعظم الفرية. بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
ت + ت - الحجم الطبيعي يقول الله تعالى: «يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز». (الحج: 74-73). نداء عام للناس، خوطب به مشركو مكة المعاصرون للرسالة الإسلامية أن يلتفتوا إلى المثل الذي ضرب، وأن يستمعوا له، حتى يتبينوا ضلال عقيدتهم، وخطأ تصرفهم، فهذه الأوثان التي يدعونها من دون الله، يضفون عليها مسحة الألوهية ليس في استطاعتها أن تخلق أحقر حشرة وهي الذبابة. ولو تجمع عابدو الأوثان لمساعدة أوثانهم أن تخلق ذباباً، ليس في إمكانهم، بل بلغ بهم الضعف والهوان، أن الذباب لو حمل شيئاً فليس في استطاعتهم أن يستخلصوه منه، وأن يأخذوه منه، فالآلهة ضعيفة وذليلة وعابدوها عاجزون، فكيف تستنقذ، فضلاً عن أن تخلق. إن هذا المثل يتحدي الناس جميعاً منذ أن خلقوا وإلى يوم البعث، أن يخلقوا مثل هذا المخلوق الضعيف، بل أن يستردوا منه ما أخذه وما حمله، فالطالب ضعيف والمطلوب كذلك، فكيف يلغي الإنسان عقله؟ ويعبد ما لا يملك، وما لا يضر ولا ينفع. ومن هو عاجز في منتهي العجز عن عابده، لقد ضل سعي هؤلاء وخاب، لأنهم لم يقدروا الله حق قدره، وهو القوي العزيز.
ووعد الله لهم بالمصير السيئ فذكر أنهم يعبدون من دونه ما لا دليل لهم عليه من نقل أو عقل، وينكرون ما يتلي عليهم من الأدلة الواضحة على أنه لا شريك له، ثم ذكر من ذلك مثلاً ضربه لهم، وهو أن الذين يدعونهم من دونه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ومن يكون أضعف من الذباب لا يمكن أن يكون إلها. وقد كان ضرب هذا المثل مثار استغراب من المشركين وغيرهم، وقالوا: كيف يضرب الله الأمثال بالشيء الحقير؟ فكان الرد عليهم في قوله تعالى: «إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها». ونظرتهم إلى المثل الذي ضرب فيه الذباب مثلاً على أنه مستبعد على الله أن يضرب المثل بذلك، جاءت من نظرتهم إلى الذباب على أنه ضعيف. وغاب عن ذهنهم أن الله عز وجل يريد أن يضرب المثل بالضعف، فكيف يستنكرون أن يضرب الله المثل به، فهو قياس فيه خطأ، فالله عز وجل يريد أن يبين ضعف الآلهة التي يعبدونها وعجزها، فيختار ما يؤدي الصورة المطلوبة، ولكن غفلتهم وبلادتهم، دفعتهم إلى الإنكار، وهناك فرق بين المثل به والغرض من المثل، يوضحه لنا الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي فيقول: الغرض من المثل توهين العابد والمعبود من دون الله.. إذن فما دام الغرض هو التوهين، فكما ضرب المثل بالأضعف كان هو الأقوي في البيان.
تاريخ الإضافة: 19/4/2015 ميلادي - 1/7/1436 هجري الزيارات: 103402 ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13] سلسلة العقيدة الإصدار رقم ( 63) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال الله تعالى ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 13، 14]. شرح الكلمات: يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل: يضيف بعض أجزاء أحدهما إلى الآخر فيزيد أحدهما بنقص الآخر. أجل مسمى: هو يوم القيامة، أو المدة التي يقطع أحدهما في مثلها الفلك، وهي السنة للشمس والشهر للقمر. له الملك: المالك للعالم المتصرف فيه التصرف المطلق. تدعون: تعبدون وتسألون.